حتى الحيوانات المفترسة يمكن ترويضها، فكيف الإنسان الضعيف، الذي يباع ويشترى ويخون على حد تعبير الشاعر الراحل سعيد عقل.
لم توجد اسرائيل لاسباب باتت معروفة، لكن السبب الأهم ترويض المجتمع العربي مع مرور الوقت .. الكيان الصهيوني يعتمد على الزمن، كلما زادت السنين في عمره، كلما صار تأثيره اكثر في الواقع العربي. عندما ظهر جمال عبد الناصر انتبه هذا الزعيم الى ان فكرة العروبة والقومية خير علاج لمقاومة التأثير الاسرائيلي .. نجح في فرض فكرته، ونجح اكثر في تعرية اسرائيل، ووصل به النجاح الى الامساك بالعالم العربي ووضعه في مناخات العداء التام للكيان الصهيوني.
كثيرون عملوا على تغييبه من أجل تغييب فكرته بل أفكاره وخصوصا بالنسبة لإسرائيل .. وعندما ولدت الثورة الفلسطينية حان دورها لإكمال الفكرة لكنها لم تستطع أن تكون عربية قومية ، حشرت في زاوية قطريتها إلى أن اضمحلت وذابت ، وترى الفلسطيني اليوم يعيش على ماتقدمه له إسرائيل، لقد خسر مناخه، وقبلها أهميته العربية.
لم تسقط الراية من يد الفلسطيني، تسلمها حزب الله، وأكمل تفسير مرحلته بقوتين: التمسك بفلسطين، وإسقاط قدرة إسرائيل على التأثير على العرب الذي هو في صلب عقيدتها. ويوم انتصاره في العام 2006 كان العرب كلهم إلى جانبه ومعه يستمدون من روح انتصاره عزة لم تحصل قبلا.
لكن الإسرائيلي المتمكن من اختراق البنى السياسية العربية، لم يغير استراتيجيته تجاه هذا الحزب من حيث الخطط للقضاء عليه، بل توصل إلى التأثير عليه وأحدث خللا في الذهنية العربية ساعده في ذلك مناخ مؤات لاأريد الخوض فيه، فكان من جراء ذلك أبلسة كثيرين، مما أثر على علاقة الجماهير العربية بالحزب العارف تماما لهذا الواقع، وبخبرته العالية عرف كيف يمر بين النقاط دون أن يتخلى عن استراتيجية ثابتة تجاه إسرائيل وعن الروح التي فرضها في العالم العربي.
من الواضح تماما، أن يظل حزب الله هدفا لإسرائيل بكل اعتقاداتها إن الثأر منه سيظل قائما، ولا بد من إضعاف تأثيره العربي واللبناني ومن خلق بؤر ضده أو إشغاله بحرب داخلية . لكن الحزب المتنبه بدقة، عليم بالمناخ السائد في المنطقة وبأنه ليس فقط مستهدفا من إسرائيل . ومن الواضح أيضا، أن العمل جار حول كيفية القضاء عليه، وإيجاد الطرق الداخلية والخارجية لهذا الغرض .. من المؤسف أن الأبلسة الصهيونية نجحت في بعض ماهو سائد في المناخ العربي الذي يعيش حالة الأزمات المصيرية، وهذا النجاح تعبير ليس عن التأثير الإسرايلي فقط، بل عن يد المساعدة له.
نعترف أننا في زمنين يتقاتلان، زمن متصهين إسرائيلي ومن معه، وقوى ممانعة حزب الله في طليعتها، لقد اختار كل زمن قواه، وحتمية الصراع بينهما على أشدها، ولسوف يشتد الصراع ويقوى، فالزمن الإسرائيلي الذي يرى أن العرب في أسوأ حالهم، اختار الصدام بطريقة نجاحه في الأبلسة ومعه القوى التي تشاطره جوهره في طبيعة الصراع ,, أما الزمن الممانع، فما زال لديه الوقت والإمكانية اللتين يدخرهما من أجل خوض معارك المصير مهما كانت والنصر بها.
مقالات ذات صلة
رأي الوطن: طموحات تحتاج لبنية أساسية سياحية متخصصة
27 أبريل,2018
هل نحيا فردوسا رقميا؟
27 أبريل,2018
السلطانة جومبيه فاطمة .. صراع الحب والسلطة “11″
27 أبريل,2018
قراءة أولية لمشهد ما بعد الانتخابات
27 أبريل,2018
التقدير الاستراتيجي “الإسرائيلي” للعام 2018
27 أبريل,2018
المنسي والشاخص عراقيا!
27 أبريل,2018
الأكثر قراءة
- الكويت تطرد السفير الفلبيني وتستدعي سفيرها في مانيلا
- أولى لبنات مصفاة الدقم
- الاحتفال بتسليم كأس جلالة السلطان لمسابقة النظافة والصحة في البيئة المدرسية للعام الدراسي 2016/ 2017م
- الظاهرة تفوز بكأس جلالته في المحافظة على النظافة بالبيئة المدرسية
- اتفاقية لتطوير أنشطة محبي المغامرات بمسندم
- الأمين العام بوزارة الدفاع يشارك في افتتاح معرض أوراسيا بجمهورية تركيا
- صلاح يتعملق أمام روما ويضع ليفربول على سكة النهائي في دوري أبطال أوروبا
- الفلبين تطلب توضيحات من الكويت بعد طرد سفيرها
- “النقل والاتصالات” تناقش رسوم اليخوت وقوارب النزهة
- ميراث الأجيال .. واجب الحفظ وحق الإتاحة