صرنا نعرف سوريا بلدا بلدا، وكذلك العراق، والجزء الممكن من ليبيا .. انفتحت امامنا جغرافيا كنا نجهل تضاريسها. كان هنالك ملف شهري في احدى المجلات العربية المرموقة عنوانه ” اعرف وطنك ايها العربي”، وبالفعل عررّفنا على الكثير مما لا نعرف من بلاد امتنا. في تلك المرحلة وفي نمو الافكار القومية، كنا نتسابق لمعرفة المزيد عن عالمنا باتساعاته، هو الايمان بوحدة الامة التي تتلاصق “حدودها” وتتداخل، نراها على الورق قطعة واحدة ممتدة بين الماء، وحين نصل اقطارها علينا ان نخضع لأمن كل بلد ولأسئلته احيانا، ولنظراته المريبة وهو يتطلع إلى الكومبيوتر ليقرأ اسمنا فيه.
حملت الينا حروب الداخل ما كنا نجهله عن هذا القطر او ذاك. اليوم نكتشف لو اننا مكثنا في جهل المعرفة على ان لا تكون هنالك حرب قذرة كالتي نعيشها. لكننا وقعنا فما العمل .. فكيف سنخرج، ومن يخرجنا اذا كان الكل متربص بسوريا وبالعراق وبالمنطقة عموما، وهذا الكل يوفر استمرار الحرب وينعشها سواء خدمته ام لا.
لا شك ان سوريا دولة عظمى، عظمتها انها صمدت بوجه هؤلاء جميعا، قاتلت بشجاعة، سكبت دما قانيا لم تعرفه في تاريخها حتى ابان الغزوات الكبرى عليها. من له مثل هذا الشعب لا يهزم، وبالتالي فهذا الشعب من ولد هذا الجيش العملاق ودفع به ليكون واجهته. كل جندي سوري هو ابن لاب وام من سوريا وله اخوة واخوات واقارب واصدقاء في بلاده وخارجها، كما له عالمه وثقافته واحلامه وآماله، لا شك ان بعضهم يكتب يومياته بفن ادبي، ومنهم من يسجل انطباعاته واحاسيسه ومشاعره .. الحرب فرصة ثمينة للكتابة عن هذا الحس كما فعل ارنست همنجواي.
ومثلما بتنا نتعرف على الجغرافيا، فنحن ايضا نعرف دون ان نلتقي مع الجندي السوري الذي يمثلنا جميعا ويحتل احلامنا الوطنية، هو الوحيد الذي يرعاها، يكسر خوفنا على سوريا والأمة، نتطلع إليه دائما كعملاق لا يشبهه احد سوى ذاته الممتلئة عنفوانا وصيحة حق في وجه الارهاب. كان الراحل حافظ الاسد يتحدث عن سوريا الكبرى وفي القلب منها دمشق، وبقدر الحفاظ على صحة هذا القلب، حفظ سوريا، فكان في لبنان، وقبلها كاد ان يوحد بلاده مع الاردن، القطعة من سوريا الكبرى، ثم انجز مع العراق مقدمة وحدة ذات اهداف كبرى ورسالة خالدة، وهو الذي التزم بفلسطين لأنها سيف العالم العربي وترسه كما كان يقال.
كنا نحب ان نتعرف على بلادنا وهي خالية من حروب المصير .. لكن لا بأس ان يكتشف المرء بلاده على لغة الرصاص والمدافع، لعل تلك اجمل كونها تحتاج لقلب مغوار وعقله. وكلما طالت الحرب، زاد الحنين الى سلام في حجم التضحية والوفاء للوطن. قال لي احدهم اريد ان أقبل نعل اي جندي سوري لأشتم منه رائحة ارض سوريا بعزتها، بل اريد ان امرمغ وجهي بغباره من شدة الشوق، واعتقد انه حس الاطمئنان الذي يعيش فينا كلما عرفنا ذلك الجندي عن الجديد من ارض بلاده.
مقالات ذات صلة
رأي الوطن: احتضان الفكر نماء وبناء
26 أبريل,2018
السكوت ليس علامة الرضا!
26 أبريل,2018
باختصار: الفنان والمعركة
26 أبريل,2018
في الحدث: وماذا بعد منتدى تانا للأمن والسلم الأفريقي؟
26 أبريل,2018
الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر
26 أبريل,2018
ممر شرفي للنقل الجوي
26 أبريل,2018
الأكثر قراءة
- نبض واحد: ما قيمة المنصب بدون كفاءة؟
- اتفاقيات لتعزيز الأمن الغذائي ورفع الاكتفاء الذاتي بالسلطنة
- رائحة الثأر تفوح من موقعة بايرن والريال في دوري ابطال أوروبا
- صندوق النقد يتوقع أن تسجل السلطنة أسرع معدل نمو بإجمالي الناتج في الخليج العام المقبل بنسبة 4.2%
- الفلبين تعتذر للكويت لانتهاك سيادتها بشأن «إنقاذ» عمال مغتربين
- “العمانية للاستثمار الغذائي القابضة” توقع عددا من الاتفاقيات والعقود لتعزيز الأمن الغذائي
- طالبتان من السلطنة تحصلان على المركز الأول في مسابقة ابتكار الكويت “العلمية”
- تعليمية مسقط تحتفل بتكريم 350 تربويا بمناسبة يوم المعلم
- انطلاق الندوة الثانية لتوليد وتكاثر الخيل العربي بمشاركة عربية وخليجية
- قائد البحرية بالإنابة يستقبل قائد المهام المشتركة الياباني