لو أتيح فتح ملفات المقاومة من أجل فلسطين على المستوى العربي والعالمي، لرأينا الكثير والمثير. لكن ماالذي يدعو إلى انتقال البندقية من أجل فلسطين للقتال في سوريا إلى جانب القوى الإرهابية والتكفيرية.
كتب مرة أحد الذين تدربوا مع حركة ” فتح ” الفلسطينية “أننا كنا مجموعة عرب من أقطار مختلفة، واحد من موريتانيا، وآخر من لبنان، وثالث من سوريا، وعدد من أبناء فلسطين، وشاب مصري كان الوحيد الذي يضحكنا، وكان التونسي أمهرنا في فهم السلاح، وكلما اقتربت أكثر لأعرف، رأيت اندونيسيا وقد كان متحمسا للتدريب والقتال”.
وكتب ذات مرة أحد الأساتذة الجامعيين الجزائريين أنه التحق بإحدى التنظيمات الفلسطينية خلال السبعينيات فاكتشف كما كبيرا من أبناء المغرب العربي وقد انخرطوا، وسمع منهم أن هنالك شهداء تونسيين كثر.
نالت فلسطين من الشباب العربي حرصهم على المقاومة من أجلها .. ” كنا نأتيها من على بعد آلاف الكيلومترات ” كما قال تونسي ، و” من أجلها تركت دراستي وحين حاولت العبور من الحدود الليبية المصرية منعت، إلى أن تم تهريبي عبر باخرة بحرية تنقل المواشي والقمح إلى لبنان ” كما أضاف شاب مغربي.
كله من أجل فلسطين .. وفي اليوم الذي استشهد فيه عز الدين الجمل وهو لبناني من بيروت، مشت وراء جنازته مظاهرة قدرت يومها بالمليون تقريبا. لم يبخل الفلسطينيون ولا بخل العرب من أجل فلسطين، وحتى العالم أيضا، وكلنا يتذكر الجيش الأحمر الياباني وعمليته في مطار بن غوريون، وكذلك بادر ماينهوف الألماني، وكارلوس الأميركي اللاتيني وغيرهم.
ثم ان الجهاد من أجل فلسطين قديم العهد، فكيف مثلا حمل الشيخ عز الدين القسام من قرى جبلة في سوريا للذهاب إلى فلسطين والانخراط في ثورة 1936، ناهيك عن العرب الذين يقول خالد محيي الدين في كتابه”الآن اتكلم ” أنه كان يدرب عربا في القاهرة إثر النكبة الكبرى 1948، ولابد أنهم قاموا بأعمال فدائية بعدها.
لو أحصينا شهداء العرب فقط من أجل فلسطين لكانوا بالآلاف، ومن المؤسف أن مرور الزمن طمر تذكرهم فبانت قضية فلسطين كأنها عريانة عبر تاريخها، في الوقت الذي مازالت دماء هؤلاء تلتصق بحرارة القضية وستبقى.
اليوم اتخذت الأمور منحى غريبا، فبدل أن تبقى قضية فلسطين الشغل والاهتمام من قبل الشباب العرب، هنالك من حرك الكاميرا باتجاه سوريا لتصبح مركز اهتمامهم وقتالهم على أرضها وضد الجيش العربي السوري الذي هو في الأساس جيش مركب من أجل فلسطين والعروبة جمعاء، مما دفع أحد الآباء التونسيين إلى الصراخ تعبيرا عن مهزلة ارتكبها ابنه في ذهابه للقتال في سوريا وانضمامه إلى القوى الإرهابية والتكفيرية. والأنكى من كل ذلك، أن هنالك قناعة لدى هؤلاء، بأن الموت على الأراضي السورية استشهاد وحق ..
نجحت إسرائيل بكل أسف والدعاية الصهيونية والمخابراتية في حرف معنى النضال القومي العربي من الاهتمام بقضية فلسطين إلى الالتحاق بمواقع في سوريا ليسوا جديرين بأن يكونوا فيها نظرا لما تقدمه خطوتهم في سبيل خدمة إسرائيل والأميركان والمتآمرين على سوريا.
لاشك أن هنالك يقظة شبابية، لكن مانفعها وقد جاءت متأخرة بعد أن دمرت مدن وأرياف وقتل الآلاف وتم تخريب جيل بل أجيال وإدخال معادلات على الساحة العربية دفعت بقوى متعددة غربية لوضع يدها على أكثر من مكان عربي .. لكن خير من أن نصل متأخرين من أن لانصل أبدا.
مقالات ذات صلة
رأي الوطن: نحو توسيع ثقافة ريادة الأعمال
21 فبراير,2019
زفاف في أحضان الروايات
21 فبراير,2019
رؤية جديدة للمنطقة وتساؤلات مشروعة
21 فبراير,2019
هدوء عُمان وضجيج العالم
21 فبراير,2019
دواعش الغرب
21 فبراير,2019
لقاء موسكو الفلسطيني .. يدعو للأسف
21 فبراير,2019
الأكثر قراءة
- مشروعات تنموية في قطاعي النقل والاتصالات ـ 2019
- قاسم حول في حواره مع “الوطن” : مشهد لـ “اغتيال صحفي” جعلني أمام خيارين إما الموت وإما الموت … فهربت ! ( 1 – 2 )
- وزير النقل والاتصالات يعلن: العام الحالي يشهد افتتاح ازدواجية “أدم ـ ثمريت” بجزأيها الأول والثاني و”الشرقية السريع” وإسناد مشروع “دبا ـ ليما ـ خصب”
- وزير ديوان البلاط السلطاني يستقبل وزير الاقتصاد الإماراتي
- الفريق الفني لمشروع العنونة يناقش التحديات التي تواجه عملية تغذية البيانات
- معرض مسقط الدولي للكتاب يفتتح أبوابه للزوار وضيف الشرف يقيم ندوة “محافظة البريمي عبر التاريخ”
- زفاف في أحضان الروايات
- دواعش الغرب
- هدوء عُمان وضجيج العالم
- قتيلان من القوات العراقية بانفجار في منطقة عرعر