تأكدت القيادة العراقية خلال السنوات الطويلة والقاسية مع لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة أن هذه اللجان لا تعمل باستقلالية على الإطلاق، وأنها تريد الوصول في نهاية المطاف لتهيئة الأجواء لشن حرب على العراق، وهذا الأمر لمسه المسؤولون في بغداد من خلال تصرفات وسلوكيات تلك اللجان، وقد اثبتت الوقائع بعد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 دقة القراءة العراقية للمهام الموكلة للجان التفتيش عن اسلحة العراق المزعومة.
ذهبت قناعة القيادة العراقية في ذلك الوقت، من أن مهمة لجان التفتيش هي تجسسية، أكثر من كونها مهام فنية، خاصة بعد العام 1997، وهي الفترة التي غادر فيها رولف ايكيوس لجنة (اونسكوم)، والتي أكملت عمليات تدمير الأسلحة العراقية، من وجهة نظر المسؤولين العراقيين.
في تصريحات المسؤولين العراقيين يستشهدون بالعديد من الوقائع والأدلة التي تؤكد تلك القناعات، منها حادثة موثقة لدى الحكومة العراقية، فعندما حصلت عمليات إخلاء لبعض المعدات من إحدى منشآت التصنيع العسكري، وتحديدا في منشأة القعقاع، كانت هناك لقطات من عمليات الإخلاء، تم بثها من على شاشة (CNN) الأميركية، وظهرت علامة البنتاجون على الفيلم، ويبدو أن المسؤولين على البث، لم ينتبهوا إلى ذلك، وأن اللقطات وصلتهم عن طريق المخابرات المركزية. فقد تم نصب كاميرات مراقبة في جميع المواقع والمنشآت العراقية وترتبط بلجان التفتيش.
لكن علامة البنتاجون تلك اختفت في النشرات اللاحقة، التي بثت اللقطات، أي أنهم أدركوا حجم الخطأ الذي ارتكبوه، والذي فضحهم بالأدلة وبما لا يقبل الشك.
أثار الجانب العراقي هذه المسألة، مع مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي أثناء زيارته بغداد في ذلك الوقت ووعد المسؤول الأممي الجانب العراقي بمناقشة هذه الوثيقة.
ثمة وثيقة وصلت إلى إحدى الصحف البريطانية، تم تحويلها إلى الأمم المتحدة، وبينما كان وفد عراقي برئاسة الدكتور عامر محمد رشيد وزير النفط السابق في نيويورك للتباحث حول بعض الجوانب الفنية، تم استدعاء رئيس الوفد مع عدد من مساعديه للاجتماع على وجه السرعة مع مسؤولين كبار في الأمم المتحدة.
قدم مسؤولو الأمم المتحدة نسخة من تلك الوثيقة إلى رشيد، وطلبوا إجابة خلال (24) ساعة، فما كان من رئيس الوفد العراقي، وبعد أن ألقى نظرة عليها، حتى أعادها إليهم وقال إنها مزورة، الأمر الذي أصاب مسؤولي الأمم المتحدة بالدهشة والاستغراب، لقد كانت أول جملة في الوثيقة وقع عليها نظر د.عامر محمد رشيد، هي طريقة مخاطبة مدير عام المنشأة لوزير التصنيع العسكري، وكان حينذاك حسين كامل. لقد كانت المخاطبة بلفظة (معالي الوزير)، وهذه الطريقة لا تستخدم في المخاطبات العراقية على الإطلاق، وقال لهم إن (معالي الوزير) وردت في الوثيقة (18) مرة، وإن العراق يستخدم تعبير (سيادة الوزير) في المخاطبات الرسمية، ويروي د.عامر محمد رشيد، أن غرباء حضروا ذلك الاجتماع، ونقل إلى القيادة العراقية، أن هؤلاء (الغرباء) كانوا رجال مخابرات.
ثم فند بعد ذلك رئيس الوفد العراقي، ما جاء بهذه الوثيقة المزورة، التي أراد مزوروها إلصاق الاتهامات بالعراق والتحريض ضده، على اعتبار أنه يسعى سرا لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
بعد تلك الأحداث وما حصل من اعترافات بعد الغزو تأكد للجميع كذب لجان الأمم المتحدة وأجرام البيت الأبيض، فهل تكفر المنظمة الدولية عن خطاياها وما حصل ويحصل للعراق والعراقيين؟
مقالات ذات صلة
رأي الوطن: أسواق تثري التعريف بالمقومات السياحية
25 أبريل,2018
مؤسساتنا : بين تقديم الخدمة وتأسيس مواطنة المواطن
25 أبريل,2018
باختصار: ياعذابنا !
25 أبريل,2018
المسرح في أدب صدقي إسماعيل ١ ـ ٢
25 أبريل,2018
البقاء لمن يفكر ويبدع ويبتكر
25 أبريل,2018
رأي الوطن: ثروة وطنية ينبغي صيانتها وإنماؤها
24 أبريل,2018
الأكثر قراءة
- الكويت : نتعامل مع السفارة الفلبينية وفق الإجراءات التصاعدية
- نبض واحد: ما قيمة المنصب بدون كفاءة؟
- فعاليات الأسبوع التعريفي بالكلية العسكرية التقنية
- الذكاء الاصطناعي محور تركيز (كومكس 2018)
- اتفاقيات لتعزيز الأمن الغذائي ورفع الاكتفاء الذاتي بالسلطنة
- رائحة الثأر تفوح من موقعة بايرن والريال في دوري ابطال أوروبا
- افتتاح فعاليات معرض الاتصالات وتقنية المعلومات «كومكس 2018»
- الخام العماني فوق 70 دولاراً والأسعار العالمية تهبط مع زيادة أنشطة الحفر الأميركية
- صندوق النقد يتوقع أن تسجل السلطنة أسرع معدل نمو بإجمالي الناتج في الخليج العام المقبل بنسبة 4.2%
- الفلبين تعتذر للكويت لانتهاك سيادتها بشأن «إنقاذ» عمال مغتربين