إنه العبث في حياة أمة صار الانهيار مجدها. وهو الغزو الجديد الذي يلبس شكلا من العون، والأميركي الذي يبحث عن عودة طلبها منه من طرده ذات يوم بالقوة، يريد استرداد كرامة، مع أن الكرامات عند دولة كبرى كأميركا لا تعني شيئا.
فلينتبه السوري إلى جغرافيته وإلى عناصره الموفقة في تحقيق غاياته على مدى ثلاث سنوات ونيف، وإلى العراقي الذي أدماه ذات يوم احتلالا، فعاد إليه بلبوس مختلف، ومن يمسك الأجواء يفعل ما يشاء، ومن يحتل الفضاء عسكريا تكون له الأرض ومن عليها.
ليس في السياسة ود وإنما مصالح، لكن للسياسة ذاكرتها .. وللسياسيين الذين يحكمون حس الثأر، خصوصا عندما تنهار أمة أمام الأميركي كالذي يحصل الآن، وذاك الذي تأكد في جدة .. وما بعد جدة هو الذي يحمل المفاجآت، فلماذا أبعدت روسيا وسوريا وإيران عن المؤتمر؟ ولماذا يتخوف الروسي العليم باللعبة الأميركية من غد يكون ظالما على سوريا، بل عدوان مشهود له من قبل أهل الأرض والفضاء.
لا نصدق أن من اخترع “داعش” وأعطاها الحياة وأمن لها دورا طليعيا في منطقة حساسة، أن يعود إلى قتالها، ونحن نعرف أن الأميركي لا يندم على فعلة فعلها، لأنه كررها مرارا، ولم تفته حادثة من حوادثه إلا وعاد إليها مجددا فيها. هو الأميركي الذي يخترع لمصالحه أشكالا لا تخطر على بال، تماما كما سيفعل في الأيام القادمة والتي يتحسب لها السوري والإيراني والروسي وكل أمة شنغهاي .. فما أسقطته الفيتوات في مجلس الأمن بطريقتها الحقة، يسعى للالتفاف عليها بقوة البلطجة.
الآن يجب أن يتعرف العرب أينما كانوا على المشروعية التي نالها الأميركي من مؤتمر جدة. أفهمهم مآلته، ونال البركات، وفي بعضه غد سيقع، نخاف على سوريا أن يكون إنجازا ثمنه آلاف الشهداء من الجيش والشعب أن يتبخر بعدوان عليها، ونخاف على العراق أن تزيد ذاكرة المذهبيين إذا ما فعلتها أميركا .. وقد نخاف على لبنان من أن تطول مقاومته ضربات هي الأخرى. أليس ما سيقاتله الأميركي هو “داعش” المتواجد على امتداد بلاد الشام، وقد نال الرضا في التحرك ضده في تلك المساحة الجغرافية.
إلى متى تظل الأمة منهمكة، بغزاتها المتتابعين الذين يهزون عالمها بمزيد من التخريب وتقطيع الأوقات التي يراد لها أن تطول كي يطول عمر إسرائيل؟ أليس من يلعب اللعبة تلك محترفا من قديم الاحتراف، ومن عناوينه أنه يتفدم في نجاحاته دون أن يفترض مرة أنه سيخسر.
مخطئ إذن من ظن يوما أن للثعلب دينا كما يقول الشاعر، وكما تقول الوقائع في منطقة الشرق الأوسط حيث العرب مكدسون في دولها، ولا قيمة لهم إلا لأن نفطهم متوفر، وغبارهم يملأ العيون كي لا ترى ماذا بعد جريان النفط وسريانه.
وبصراحة الكلمة فإن الأميركي الغازي، سوف يهدي “داعش” ما تستطيبه وما يمكن لتفاهمها معه أن لا يؤذي سيره، فهي بالتالي تساعده على النمو، تماما كما ساعدت “القاعدة” التي بدل أن تنهار بعد ثلاثة عشر عاما، تكبر وتزداد قوة وتتمدد، وتحلم أن يكون لها تاريخ طويل مكتوب ومدون بدور لعبته في حضن دولة عظمى.
مقالات ذات صلة
رأي الوطن: حلم العودة.. كابوس يؤرق كيان الاحتلال
22 أبريل,2018
في العمق: وزير المهام الصعبة
22 أبريل,2018
انتهاج ذات السياسات يقود إلى الهزيمة
22 أبريل,2018
الضمير الإنساني بين اليقظة والنعاس
22 أبريل,2018
باختصار: المعركة الإعلامية الى جانب سوريا
22 أبريل,2018
في العدوان.. وأهدافه
22 أبريل,2018
الأكثر قراءة
- بيع نخلة نغال بدماء والطائيين بـ 2000 ريال عماني
- مطار مسقط أفضل مشروع تطوير سياحي بالشرق الأوسط والطيران العماني
- جوخة الريامـــية تحرز المركز الأول في مسابقة التصوير الضوئي بإزكـــي
- فتح الترشح لجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب
- جلالة السلطان يهنئ ملكة بريطانيا
- ابن علوي يستقبل نصر الحريري
- السلطنة تستعرض رؤيتها الشاملة للخطة الخمسية في لندن
- رأي الوطن: سوريا .. تضافر الأدلة على كذبة الكيماوي
- أمين عام مجلس التخطيط يشرح الرؤية الشاملة للسلطنة وفق الخطة الخمسية التاسعة ودور مجلس التخطيط فيها
- السلطنة تؤيد استمرار (خفض الإمدادات) والخام العماني بـ35ر70 دولار