لم يذكر هذه الواقعة في مذكراته التي كتبها تحت عنوان “عام في العراق” التي وثق فيها الحاكم المدني للقوات الأميركية في العراق سنة حكمه في المنطقة الخضراء، وحرص في تلك اليوميات أن يوجه الكثير من الإهانات والانتقادات للسياسيين العراقيين الذين قبلوا الامتثال لأوامره ونفذوا ما طلبه منهم حرفيا، فقد زخر هذا الكتاب ـ الوثيقة الدامغة عن سلوكيات وتصرفات الذين عملوا تحت سلطته.
وصل بول بريمر بغداد في الثالث عشر من مايو 2003، خلفا للجنرال المتقاعد جي جارنر الذي تم تعيينه حاكما عسكريا للعراق، عندما توقعت ادارة جورج دبليو بوش الرئيس الأميركي حينذاك، أن الأوضاع في العراق تشبه تماما ما حصل في كل من المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وأن العراقيين سيستقبلون قواتهم بالورود كما توهموا وكما أوهمهم الصغار من أدواتهم، وداخ الكثيرون في قرار البيت الأبيض القاضي بسرعة استبدال جارنر ب بريمر، لأن الكثيرين لم يعلموا بالصدمة التي تعرضت لها الإدارة الأميركية والمخابرات والبنتاجون عندما اندلعت المقاومة العراقية في وقت مبكر جدا، وبدأت تحصد الجنود الأميركيين خارج جميع التوقعات.
المهم أن بريمر وبعد وصوله بعدة ايام، وما زلنا في شهر ايار ـ مايو من عام 2003، ذهب إلى منطقة الكرادة المقابلة للمنطقة الخضراء في الجانب الآخر من بغداد، وتجول في المنطقة التي تعد من مناطق بغداد الراقية، وتزخر بالأسواق التجارية، ووعد الناس بالرفاهية وقال لمن التقاهم إن التيار الكهربائي سيتدفق لجميع العراقيين وإنهم بانتظار حياة كريمة سعيدة هانئة.
طبعا لم يتحقق أي شيء من وعود بول بريمر بل على العكس من ذلك ساءت الاوضاع في جميع مناحي الحياة، ولم يعد أي وجود للتيار الكهربائي واختفى الأمن من حياة العراقيين وتلاشت الخدمات تماما.
لا اذكر أن بول بريمر خرج بجولة اخرى في بغداد أو غيرها من المدن العراقية، لكن الرجل اعترف في مقابلة مع قناة سي ان ان الأميركية قبل مغادرته المنطقة الخضراء بعد ايام بأنه لم يتمكن من النوم براحة طيلة الأشهر التي امضاها في العراق، وقال ردا على سؤال بما سيفعله في أميركا بعد عودته، قال بالنص “سأنام لأنني لم اتمكن من النوم بسبب القصف الصاروخي على المنطقة الخضراء”.
وبدلا من تجواله في احياء العراق ومدنه وقصباته، اضطر بول بريمر إلى الاسراع بالهروب من ضربات المقاومين العراقيين، وكان يفترض أن يسلم السلطة لاياد علاوي في الثلاثين من حزيران/يونيو 2004 ، حسب ما جاء في قانون ادارة الدولة، إلا أنه هرب في الثامن والعشرين منه، في توديع لم يحضره إلا اربعة اشخاص.
مقالات ذات صلة
رأي الوطن: سوريا .. تضافر الأدلة على كذبة الكيماوي
21 أبريل,2018
شاغل أميركا الراهن
21 أبريل,2018
من رسائل العدوان.. وما بعده
21 أبريل,2018
ورقة الحصار ومحاصرة مسيرة العودة
21 أبريل,2018
باختصار: إسرائيل بدل فلسطين!
21 أبريل,2018
رأي الوطن: تراث يصنع التفرد
20 أبريل,2018
الأكثر قراءة
- الخام العماني يحلق فوق الـ 70دولاراً و(أوبك) ترى (التخمة) انتهت
- وكيل النفط والغاز لـ”الوطن”: المعروض لا يزال كبيراً في الأسواق ومن الصعب التنبؤ بالأسعار
- جلالة السلطان يهنئ ملكة بريطانيا
- أيام بيت الزبير للفنون تختتم فعالياتها بعد أسبوع حافل بالفنون التشكيلية والتصوير الضوئي وحلقات العمل
- خطبة الجمعة: حُبُّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازُ بهِ
- مطار مسقط أفضل مشروع تطوير سياحي بالشرق الأوسط والطيران العماني
- افتتاح مركز عمان للغة والثقافة العربية في بيلاروسيا
- 5 قرى بإزكي تشارك في (تراثي هويتي)
- اختتام فعاليات مهرجان الأبيض الأهلي السنوي التاسع للهجن
- أحكام بالسجن وإسقاط الجنسية عن 24 بحرينيا