[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
مرة أخرى ساد جدل واسع بين الاقتصاديين والمراقبين حول مدى قابلية تطبيق مايعرف بضريبة القيمة المضافة في دول الخليج العربية، والتي يطلق عليها ايضا اسم ضريبة المبيعات، التي تفرض في الأصل على فارق سعر التكلفة وسعر البيع ، وهي من الضرائب غير المباشرة التي يتحملها المستهلك وليس المنتج.
لقد اتسعت دائرة الجدل حول هذا الموضوع بين المهتمين على هامش المنتدى الأول للمالية الذي انطلقت فعالياته الاثنين الماضي في ابوظبي بحضور كريستين لاجارد مدير عام صندوق النقد الدولي، وهي نفسها التي سبق أن اكدت في مؤتمر سابق العام الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة على ضرورة ان تفرض دول الخليج ضريبة القيمة المضافة لتقليل آثار تراجع إيرادات النفط.
ورغم أن هذا النوع من الضرائب يعتبر من ضمن الحلول وغجراءات المعالجة المقترحة لزيادة ايرادات دول المنطقة في ظل التراجع المستمر لأسعار النفط وتأثيره الضاغط على ميزانيات الدول ، إلا أن هناك الكثير من التساؤلات تدور حول ضوابط تطبيقها في منطقة مفتوحة الحدود تمتاز فيها التجارة بقدر من الحرية في الانتقال، وحول مدى قابلية تطبيقها في دول اعتاد المستهلك فيها على مستوى عالي من الرفاهية وبقدر معقول من الانفاق الذاتي.
ورغم ايجابية انسيابية البضائع بين دول المنطقة استفادة من الحدود المفتوحة، إلا أن هذه الإيجابية قد تتضرر إلى حد ما في حال عدم التزام كافة دول المنطقة بتطبيق هذه الضريبة في وقت واحد وبنسبة موحدة متفق عليها، اذ ان عدم توحيدها ربما يساعد على تهريب السلع بين اي دولتين متباينتين في نسبة ضريبة القيمة المضافة ، مما يشكل ضغطا على إحداهما.
كما يتساءل البعض ايضاً عن الدور الذي يمكن أن تسببه تلك الضريبة المقترحة خليجيا في الضغط على ميزانيات بعض الشرائح الضعيفة في المجتمعات الخليجية سواء كانوا مواطنين او وافدين، خصوصا وان ضريبة المبيعات أي القيمة المضافة يتم تحميلها على المستهلكين بشكل عام وعلى حد سواء دون اعتبار للفروق في مداخيلهم ، حيث ان المحدد الوحيد في دفعها او عدم دفعها هو حالة الإقبال على شراء السلعة من عدمه.
وعلى الرغم من الاختلاف الواضح بين ضريبة القيمة المضافة المعروفة بضريبة المبيعات ، وبين ضريبة الدخل ، باعتبار أن الأولى غير مباشرة يدفعها المستهلك مع قيمة شراء السلعة في الحال ، وان الثانية أي ضريبة الدخل هي ضريبة مباشرة تفرض على الشركات أو الأشخاص الاعتباريين أو غيرهم ممن يمارسون مهنًا ونشاطات تجارية ويزيد دخلهم عن مقدار معين من المال تحدده الجهات الضريبية المختصة. الا ان المتأثر بالضريبتين المباشرة وغير المباشرة على المدى البعيد هو المستهلك، وذلك باعتبار أن الجهة المنتجة لسلعة معينة ومنتظمة في دفع ضريبة دخل، فإن المنتج بالضرورة سوف يضيف تكلفة ضريبة الدخل ضمن تكلفة الإنتاج رغم انها ضريبة تحسب لاحقا وليس متبقيا، إلا أن أي منتج سلعة لابد أن يضع في اعتباره كافة تكاليفه ومنصرفاته قبل اقباله على عمليات الإنتاج.
وعلى الجانب الآخر يكون المستهلك ايضا مطالبا بدفع ضريبة مبيعات او مايعرف بضريبة القيمة المضافة التي هي ضريبة غير مباشرة .. وبهذا يخشى ان يكون الأمر قد أخذ منحي آخر ربما يوصف بالازدواج الضريبي كونه ساهم بشكل أو بآخر في ضريبة الدخل بطريقة مباشرة ثم دفع ضريبة المبيعات.
وكيفما كانت المخاوف من ضريبة القيمة المضافة أو المبيعات، إلا أنها تظل أحد أبرز الحلول المقترحة التي تفرضها الظروف الاقتصادية بالمنطقة نتيجة تراجع أسعار النفط ، حيث لامناص من اللجوء إلى هكذا بدائل مهما كان العلاج مراً ، مع أهمية تفادي سلبيات التطبيق بالمنطقة عامة بقدر الإمكان ... آملين أن ترتفع أسعار النفط بقرار سياسي جمعي أكثر شجاعة حتى يمكن صرف النظر عن كل ما يمكنه أن يؤثر على مستوى الرفاه بشكل عام.