[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]

لا شك في ان السلطان عبد الحميد الثاني قد ادرك حجم الخرق الذي حصل داخل القصر السلطاني وفي السلطة العثمانية بصورة عامة، كما انه أدرك ان السيطرة على ذلك والعمل على ايقافه، ليس بالمسألة السهلة لأنه جاء بعد ترتيب وتخطيط استمر عدة قرون، سواء كان منذ بداية دخول اليهود القصر العثماني ام انتشار يهود الدونمه وبعد ذلك وجود المحافل الماسونية في تركيا.
وكلما كان السلطان عبد الحميد الثاني يتعنت بوجه المخططات اليهودية، ويصد المحاولات التي ترمي الى اقتطاع ارض فلسطين واعطائها لليهود، كانت الهجمات تزداد عليه وخاصة من قبل الصحافة الأوروبية التي تمتلكها العائلات اليهودية، ويذكر د. محمود ادهم انه في الوقت الذي ازدادت فيه كتابات المنفيين وهجوم الصحافة الأوروبية ضده بوحي من الصهيونية والماسونية، كذلك انتشرت الجماعات السرية التي تعمل ضد الدولة حتى ان بعضها تحول إلى النشاط العلني المسلح.
وما يؤكد ما ذهبنا إليه أن الدور اليهودي في الصحافة التركية قد تعاظم بعد رفض السلطان عبد الحميد الثاني تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وقرروا دفع الملايين لشراء الذمم وتدبير المؤامرة لخلعه، وكان للدعاية التي شنها اليهود من خلال الصحف التي كانوا يسيطرون عليها في اوروبا وفي تركيا نفسها دور مؤثر في تنفيذ مخطط خلع السلطان عبد الحميد الثاني.
وما يؤكد أن اليهود كانوا حذرين في اصدار صحف تعبر عن وجهات نظرهم وتخدم مصالحهم ومخططاتهم بشكل مباشر وعلني ومكشوف، أنه وبعد خلع السلطان عبدالحميد الثاني مباشرة صدرت في استنبول صحيفة باللغة الالمانية بعنوان "عثمانيس لويد" اصدرها اليهودي الايراني "الدكتور موريس ايروالد " ويذكر الدكتور ابراهيم الداقوقي أنه وفي العام نفسه اصدر اليهودي الاشكنازي سامي صحيفة بعنوان " تركيا الفتاة " باللغة التركية.
يعكس التوجه اليهودي نحو إصدار الصحف بعد خلع السلطان عبد الحميد الثاني طبيعة المرحلة الجديدة التي قادتها جمعية الاتحاد والترقي والتي يعتبر اغلب قادتها من يهود الدونمه، حيث اعترف السلطان عبد الحميد الثاني انه في سجنه كان يقضي بقية ايام حياته وفي ولاية " سلانيك " مركز اليهود الفعال، لأنه وقف ضد مشاريع اليهود في الهجرة إلى القدس والسيطرة على فلسطين .كما ان المرحلة اللاحقة في حياة الامبراطورية العثمانية كانت ـ بحاجة من وجهة نظر اليهود ومن يساندهم ـ إلى تغيير الرأي العام التركي أو في الاقل تهيئته لمرحلة جديدة تؤكد على مسألة عزل تركيا عن العالمين العربي والاسلامي. وتعد المرحلة التي تلت فترة وضع قانون المطبوعات في 16 تموز/يوليو عام 1909م هي الاكثر وضوحاً وفاعلية اذ صدرت 353 صحيفة، كان اهمها تلك التي تؤيد جمعية الاتحاد والترقي وطروحاتهم وافكارهم الخاصة بعزل تركيا، ومن اهم تلك الصحف (تصوير افكار، مللت، حريت، بصيرت، اقشام الوقت، كردستان، الاقدام، الارناؤوط، صدى الدين..وغيرها).
وعملت وسائل الاعلام في تلك الفترة على دعم طروحات مصطفى كمال اتاتورك ولم تظهر طروحات يهودية مباشرة، اما تركيز اليهود فبقي في تلك السنوات للسيطرة على التجارة وبالتالي بسط النفوذ التام على الاقتصاد التركي، ولم يكن هناك تأثير مباشر لليهود في الرأي العام التركي حتى عام 1946م بسبب تركيزهم على قطاع التجارة الذي يؤهلهم للعب اكثر من دور في الحياة العامة، وفي مقدمتها توظيف الاعلام لخدمة اهدافهم، حيث ان قادة الحكومة التركية كانوا يقومون بالمهمة نيابة عنهم والتي تتركز على تشويه صورة العرب لدى المواطن التركي، ووضع الكثير من السواتر العازلة بين الأتراك والعرب والمسلمين، وبدأت الصحف الاتحادية الصادرة في استنبول انذاك، تنشر المقالات المعادية للعرب وتصفهم بعبارة (بيس عرب) وكلمة (بيس) التركية معناها (قذر) وكان باعة الصحف ينادون بأعلى اصواتهم بهذه العبارة في كل شوارع العاصمة.
وأبرز عائلات الدونمة في تركيا الآن عائلات: قبانجي، وكبار، وإيبكجي..وهذه الاخيرة لها مكانتها الضخمة في الحياة الاعلامية في تركيا.
إن تأثير الدونمة على هيئة الاذاعة والتلفزيون التركية ضخم بدرجة ملحوظة ولا يمكن انكارها، ومن الثابت أن أكبر دور النشر وأضخم دور الصحف التركية يمتلكها ويديرها الدونمة.