اقدمت وزارة التربية والتعليم قبل بداية امتحانات الفصل الدراسي الاول للدبلوم العام بأيام على إصدار قرار ينص بعدم السماح لاولياء أمور الطلبة مراجعة نتائج امتحانات ابنائهم للتأكد من ادائهم في الامتحان والعلامات الحاصلين عليها ، بعد ان كان هذا الإجراء مطبقا خلال الفترات الماضية مقابل رسوم يدفعها ولي الامر ويعطى المزيد من الاطمئنان على مستوى الطالب الذي يراه ولي الامر متفوقا في دراسته ومن خلال نتائجه الشهرية والجهد الذي يبذله في المذاكرة والتحصيل الدراسي ،وبعد اصرار أولياء الأمور وافقت الوزارة بالنظر وفتح اوراق الامتحانات ولكن بنفس منهجية التصحيح دون اطلاع اولياء الامور على اوراق الامتحان وإنما سيحصلون على النتيجة عندما يراجعون المدرسة، والسؤال المطروح لماذا هذا القرار وفي هذا الوقت بالذات ؟وإذا كان رأي الوزارة ان ذلك يشكك من مصداقية المعلم واساليب التدريس وطرق المناهج وانه لا يوجد نظام تعليمي في العالم يسمح بذلك وهي اي الوزارة تتماشى مع الخطط العالمية في اساليب التعليم .فان البعض يتساءل حول حجم الأخطاء التي تم اكتشافها في الفترات السابقة ولا تزال تكتشف اثناء التصحيح من اساتذه البعض يلتزم بالنص الحرفي للإجابة حتى ولو كان حرفا ناقصا والبعض الاخر يعتمد على تقدير فهم الطالب للإجابة طالما انه يوصل المعلومة المطلوبة ؟ فيتسبب ذلك في ضياع مستقبل الكثير من الطلبة الذين يمكن ان تضعهم علامة واحد او اكثر فقدت بسبب سوء تصحيح او تقدير مصحح على طريق النجاح وتحقيق الطموح الذي يبني الوطن ويساعد في تنمية وتطوير المجتمع ، فكم من طلبة واولياء أمور ، اثرت على مستقبلهم وغيرت مجرى حياتهم علامه ناقصه بسبب خطأ فبدل ان يتحقق الطموح تخبوا وتختفي الأحلام.

احد أولياء الأمور حكى لي قبل ان تغلق الوزارة نافذة الأمل هذه ان ابنته كانت من الأوائل دائما على مستوى الصف والمدرسة . الا انه في نهاية العام الدراسي الثاني عشر كانت نتيجتها في مادة اللغة الانجليزية اقل بعشر درجات عما حصلت عليه في نهاية الفصل الدراسي الاول وما تحصل عليه في الامتحانات الشهرية ، وكان الحلم او الطموح الحصول على بعثة دراسية او احد مقاعد الجامعة الا ان ضعف هذه المادة اثر على ذلك الطموح ، ولمعرفة الحقيقة تقدموا بطلب مراجعة أوراق الامتحان دفعوا الرسوم وكانت الحقيقة صادمه عندما اكتشفوا ان هناك ١٠ درجات سقطت من البنت بسبب التصحيح الخطأ ، أعيدت لها الدرجات وهي الان تدرس في احدى الدول الأوروبية ، مما يدل ذلك على ان هناك فعلا اخطاء يدفع ثمنها أعداد من الطلبة لا حول لهم ولا قوة ويترك التحكم بمستقبلهم في أيدٍ اما انها لا تدرك ذلك او انها تعاني من ضغطوطات نفسية او عدم القناعة بالمشاركة في التصحيح لقلة الحافز ، فإلى متى ستترك مصائر ومستقبل المئات ان لم تكن الآلاف من الطلبة والطالبات في التصحيح اليدوي بين الجاد من المصححين والمزاجي ؟ الم يأن الاوان ونحن نعلن كل يوم عن دخول خدمة واخرى في تطبيق الحكومة الالكترونية ان يكون تصحيح الامتحانات النهائية الكترونيا؟ ليس فقط للاسئلة غير الإنشائية بل لكل الأسئلة التي لها علاقة بتقييم درجة نجاح الطالب ، وان تكون بعيده عن متناول يد الانسان ، وحتى ذلك الوقت لماذا الوزارة حتى الان تمنع أولياء الأمور من الاطلاع على نتائج امتحانات ابنائهم وبناتهم النهائية ؟ ام ان لدى الوزارة تحفظ في ذلك ؟ حتى لا يكتشف حجم الأخطاء التصحيحية على امتحانات ابنائنا الطلبة الذي يصل بالبعض منهم الى الاحباط والاقدام على الانتحار والقضاء على احلام بعض الأسر لتحسين مستواها الاقتصادي والاجتماعي .

ان التفكير في إيجاد آلية حديثة لتصحيح الامتحانات من ناحية في ظل الوضع الحالي ، او إلغاء الامتحانات واستبدالها بتقدير تنمية مواهب وقدرات الطالب في المجال الذي يجيد من ناحية اخرى ، خاصة ان النظام الدراسي وما شهده من تطبيق التعليم الأساسي يفترض ان يحاكي فهم وادراك الطالب وليس حفظه ، اصبح مطلبا يتواكب مع حاجة سوق العمل الى المهارات في مختلف التخصصات وليس كتبا محفوظة في صدور حامليها ، حيث ان بعض الدول التي نجحت صناعيا واقتصاديا ألغت الامتحانات وألغت معها الرسوب في الثانوية العامة او الصف الثاني عشر وأصبح التقدير النهائي لكل طالب بتفوقه التقني والمهني وما يمتلك من مهارة وذكاء وقدرة على الاختراع والابتكار والتطوير ، فالمواهب لا تكتشف الا من خلال ممارستها للهواية او الميول التي يتشكل من خلالها مستقبلها العملي المنعكس ايجابا على مستقبل وطنها ومجتمعها ، فكم من صنعوا لاوطانهم صناعة ليس من الكتاب فقط وإنما من خلال اهتمام المؤسسة التعليمية بتنمية وتطوير ما يملكون من إمكانيات عقلية وذهنية .

التعليم الأساسي على الرغم من أهميته في الانتقال الى الجانب التقني والفني وغرس حب العمل لدى الطلبة منذ نعومة أظافرهم ، الا انه لم يحقق المرجو منه بل يرى البعض انه أضر نوعا ما بمستوى التحصيل العلمي للطالب ، خاصة في الصفوف الاولى فبعض الطلبة حتى الصف الثالث يجدون صعوبة في الكتابة والقراءة خلافا لما كان الوضع في بداية السبعينيات وحتى تطبيق النظام ، لذا لابد ان تعاد برمجة هذا النظام وان تنمى فيه قدرات الطلبة بما يحتاج سوق العمل من تخصصات وان يكون معيار النجاح فيه مستندا على ما يملك الطالب من موهبة ومهارة .

طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
Dhabari88@@hotmail.com