[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
”.. إن كان الجميع في مصر من مسؤولين ومواطنين عاديين بل وحتى نفر من الإعلاميين يشكون من الحال الذي وصل إليه الإعلام في مصر حيث إنه بات مثل قافلة تسير بلا حادي فإن الجميع أيضا وقع تحت سيطرة الكاميرات بشكل أو بآخر إما بالافتتان بها خاصة من جانب من يقف أمامها سواء كان اعلاميا أو مسؤولا أو بخضوع جمهورها لما تمليه عليه أو تفرضه عليه من أبطال ومشاهير.”

منذ يناير 2011 ولا سيطرة فعلية في مصر تضاهي أضواء الكاميرات لتحدد هي المفكر والثوري والوطني وصاحب الكفاءة أو الشعبية وحتى الخبير متعدد الاستراتيجيات .. فمن وقع حظه في بؤرة اهتمامها لمع وعلا ومن خاصمته سقط في غيابات النسيان وهوى.

وإن كان الجميع في مصر من مسؤولين ومواطنين عاديين بل وحتى نفر من الإعلاميين يشكون من الحال الذي وصل إليه الإعلام في مصر حيث إنه بات مثل قافلة تسير بلا حادي فإن الجميع أيضا وقع تحت سيطرة الكاميرات بشكل أو بآخر إما بالافتتان بها خاصة من جانب من يقف أمامها سواء كان اعلاميا أو مسؤولا أو بخضوع جمهورها لما تمليه عليه أو تفرضه عليه من أبطال ومشاهير.
ولعل أبرز مؤشر على ما وصل إليه سيطرة الكاميرات على المشهد المصري حالات الجدل التي يثيرها أحد الإعلاميين الذين وجدوا طريقهم إلى مقاعد السلطة التشريعية.
فبشعبية بين جماهير عديدة صنعها بالأساس عبر مواقف وتصريحات وإن بدا بعضها هزلية حقق هذا الإعلامي أعلى نسبة مشاهدة بين قرنائه بل بات معارضوه قبل مؤيديه يتسابقون على مشاهدة آخر تصريحاته ولو على سبيل التفكه أو استجلاب مادة للسخرية الأمر الذي يصب في النهاية في تحقيقه نسبا عالية من المشاهدة.
لكن السيطرة التي حققها هذا الإعلامي على جماهيره عبر كاميرته وحققت له عدد أصوات يعد الأكبر في تاريخ الانتخابات سرعان ما برهن أنه هو نفسه قد وقع تحت سيطرة الكاميرا ليكون بقاؤه في بؤرة أضوائها هو شغله الشاغل.
فمنذ دخوله البرلمان حرص النائب القادم من أمام الكاميرات على اتباع نفس النهج الذي قاده إلى مقاعد التشريع بحركات استعراضية دفعت برئيس البرلمان إلى طرده من احدى الجلسات.
وما أقدم عليه هذا النائب من استضافة السفير الإسرائيلي في منزله ما هو إلا حلقة ضمن حلقات الخضوع تحت سيطرة الكاميرا تأتي مع انخفاض نسب المشاهدة ربما نتيجة ملل أصاب مشاهديه أو انتظارهم لما سيفعله تحت قبة البرلمان والتي لم يجد فيها ما يطمح إليه من استعراض يوسع شهرته بحث عن جدليات جديدة للبقاء في بؤرة الأضواء.
وما يدلل على ذلك مواصلته تصريحاته المثيرة للجدل وان كانت تثير السخرية بشكل اكبر مثل الزعم بعلمه بموقع الهيكل المزعوم أو المطالبة بتمثال من فضة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر وسط تل أبيب.
لكن هذه الخطوة الأخيرة لا بد ان تستدعي وقفة من جانب مؤسسات الدولة المصرية حيث إنها جاءت ماسة بها باعتبار أن ما هذا الشخص قدم نفسه إلى السفير الإسرائيلي على انه نائب عن الشعب الأمر الذي يستدعي توضيحا من البرلمان بل وخطوة تلزم أعضاءه بالفصل بين ما يمارسونه كأفراد انطلاقا من قناعاتهم وتوجهاتهم الشخصية أو بين ما يمارسونه كأعضاء برلمانيين.
كما يستدعي ما حدث وقفة أيضا من جانب وزارة الخارجية المصرية بشأن تحركات الدبلوماسيين الأجانب وهل استأذن أو أخطر السفير الإسرائيلي الوزارة قبل القيام بهذه الزيارة كما تنص الأعراف الدبلوماسية أم أن السفراء الأجانب في مصر لهم مطلق الحرية في تحركاتهم وزياراتهم عقد ما يحلو لهم من لقاءات. والوقفة الأهم في هذا الموقف هي وقفة لجماهير الإعلام مع أنفسهم والذين منهم الناخبين الذين عليهم أن يراجعوا خياراتهم في الاستحقاقات القادمة وأن يبدأوا هم أولا بأنفسهم بالخروج من سيطرة الكاميرات قبل أن يطالبوا بإصلاح منظومة الإعلام.