(نِعمُ الله على الإنسان)

أنعمَ الله على عباده بأنعمٍ كثيرة لاتعد ولا تحصى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، وهذه إما في جوارح الانسان أو في مأكله ومشربه وملبسه أو في تنقله وحركاته أو في عقله.
أما نعمة الجوارح فهي (نعمة البصر بالعينين ونعمة السمع بالأذنين ونعمة الكلام باللسان ونعمة الأسنان لجمال الخلقة وتوضيح مخارج الحروف وللابتسامة والضحك)، أما اللسان فهي للكلام ونطق الحروف والكلمات، والرجلان للحركة والمشي من أجل العمل والسعي في طلب الرزق وفي الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة والوقوف بهما بين يدي الله تعالى وغير ذلك كثير، ونعمة اليدين نعمة عظيمة فبهما يحمل الأشياء وبهما يبطش وبهما يتحرك في نقل الخطوات مع الرجلين، (فباليمنى يأكل ويشرب ويحمل المصحف الشريف، وباليسرى يغتسل) وباليدين كذلك يتوضأ للصلاة وبهما يلبس ثوبه وبهما يستحم بالماء وبهما يحمل السلاح إن لزمه أمر .. وغير ذلك من نعمة اليدين، وباللسان يتذوق الطعام، فيستطيع بذلك التعرف على حلوه ومرّه وملوحته ولذته .. وغير ذلك كثير.
ونعمة الشم، جعل الله تلك النعمة في الأنف لأن الأنف أشرف عضو في الانسان وبه يزداد وجهة جمالاً واشراقاً، وبالأنف يميز الانسان بين الروائح الزكية والروائح والخبيثة او الروائح الكريهة.
ونعمة المفاصل، وهذه نعمة عظيمة فلولا المفاصل لما استطاع الانسان أن يتحرك ولا استطاع القيام بأي عمل مهما كان وأهم هذه المفاصل (الركبتان في الرجلين) و(المرفقان في اليدين) و(سلاميات الاصابع) و(معصم اليد) و(تحريك الفك الأسفل) و(فقرات الظهر) .. وغير ذلك.
ونعمة الجلد، لأن الجلد هو الحاسة المهمة من حواس الانسان، وبالجلد يميز الانسان من الحار الى البارد، ويعرف الالم.
وقد بيّن القرآن الكريم أهمية هذه الحاسة، فقال الله تعالى في الآية (56) من سورة النساء:(إن الذين كفروا بآيتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب، إن الله كان عزيزاً حكيماً). وأهم هذه النعم كلها نعمة (العقل) ونعمة (النطق الفصيح) لأن الله تعالى كرّم الانسان ومنّ عليه بهاتين النعمتين، فبالعقل يميز الخير من الشر ويميز النفع من الضر والحلال من الحرام والحيوان عاجز عن ذلك.
ولكن الانسان مسؤول عن هذه الحواس والأعضاء، فالرجلان لايمشي بهما إلاّ في طاعة الله، واليدان لايبطش بهما الاّ في طاعة الله، والعينان لا ينظر بهما إلى المحارم، والأذنان يجنبهما الاستماع الى الغيبة والنميمة والفحش من القول، واللسان لايستعملها في الكلام غير اللائق وأن يدع البهتان والكذب وقول الزور لأن الغيبة والنميمة مبطلتان للوضوء مفطرتان للصائم.
ونعمة الشَّعَر، جعل الله الشَّعَر زينة للمرأة في رأسها وفي أجفانها ورموشها، أما الرجل فجمال شعره في وجهه (لحيته وشاربيه) ووجود الشعر في الجيوب الانفية حماية للأنف من ذرات الغبار وحرارة الجو.
ونعمة التنفس، جعل الله للانسان الرئتين، فعن طريقها يستطيع الانسان التنفس، وللتنفس حركتان (الزفير والشهيق)، ففي حالة الشهيق يستنشق (الاكسجين)، وفي حالة الزفير يطلق (غاز ثاني اكسيد الكربون)، أما النباتات فهي على العكس من ذلك، فالنبات يمتص ثاني اكسيد الكربون ليصنع منه مادة (الكلورفيل والخضراء) ويطلق (غاز الاكسجين) الذي يمتصه الانسان وكل الكائنات الحية ذات الأرواح حتى الاسماك في المياه تمتص الاكسجين المذاب في الماء عن طريق خياشيمها.
أما أكبر نعمة ومِنَّة مَنَّ بها سبحانه وتعالى هي نعمة الاسلام بأن بعث في المؤمنين رسولاً منهم هو الرسول العظيم محمد (صلى الله عليه وسلم) ليخرجهم من الظلمات الى النور ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة بعد أن كانوا في ضلال مبين.

مكتبة (الوطن)
أحمد بن سعود الكندي