يأمل كل يمني بل كل متابع للشأن اليمني ومحب لليمن في طي صفحة الحرب، والاتجاه مجددا نحو استقرار منشود، وأمن مفقود، خصوصا مع التردي الواضح للوضع الإنساني، والانهيار المنظور للبنية التحتية اليمنية، فخسائر الاقتصاد اليمني فاقت الحدود وانهيار القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، اصبح يهدد حتى مرحلة ما بعد الحرب (الاعمار)، فيما تتعالى اصوات المؤسسات الاغاثية تحذيرا، حيث وصفت منظمات عالمية الوضع الإنساني في اليمن بـ (المروع)، بل ذهب البعض الى التحذير من ذهاب اليمن إلى ابواب مجاعة، حيث إن 80% من السكان بحاجة لمساعدة إنسانية، والمنظمات غير الحكومية لم تعد قادرة على تغطية حاجات السكان، كما يوجد مليون شخص يعانون من سوء تغذية حادة، وان طفلا من كل ثلاثة، يعاني من هذا الوضع الكارثي.
ويعد هذا الوضع الحرج، محركا اساسيا لجهود رأب الصدع اليمني، ولا بد أن يكون الفرقاء أكثر تقبلا لفكرة المصالحة من اي وقت مضى، حيث يرى كثير من المراقبين ان الوقت قد حان لكي تبتعد القوى اليمنية المتحاربة عن لغة القوة، وعليها بدلا من الدفع نحو حروب دمرت بلدهم إلى مصالحة تشمل الجميع، تدفع نحو توافق داخلي، يفتح الطريق نحو مصالحة وطنية تشمل الجميع ولا تستثني احدا، وتبتعد عن استعراض القوة، وتتوافق مع المحيط الجغرافي لليمن لتعود لليمن مؤسسات الدولة، وتفتح آفاق التعددية التي تتيح للجميع المشاركة وفق آليات ديمقراطية سليمة، تؤمن بفكرة التداول السلمي للسلطة وتحصر السلاح في يد من يحق له دستوريا حمل السلاح.
ولعل اول الغيث جاء بتصريحات المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ المبشرة، التي اكد فيها بعد لقائه فرقاء اليمن على انها لقاءات مثمرة في صنعاء ومؤشرات تدل على توافق يمني يمني، وهو يتفق مع تصريحات الحوثيين، التي اكدوا فيها انهم أبلغوا مبعوث الأمم المتحدة، موافقتهم على المشاركة في جولة جديدة من المفاوضات مع الحكومة اليمنية في الكويت، وهو ما يتماشى مع الجهود الرامية إلى إحلال السلام والوئام وتحقيق التطلعات التي يستحقها الشعب اليمني لوضع حد لمعاناته جراء الحرب وتبعاتها المؤلمة.
وجاءت هذه النبرة التصالحية في المعسكر الحوثي، تزامنا مع تصريحات الرئيس اليمني التي اكد فيها انه مسؤول عن كافة أبناء الشعب اليمني وكل الأبواب مفتوحة للتوصل إلى سلام شامل ودائم، الذي رآه (السلام) أنه وحده من سيجنب اليمن ويلات أي صراعات قادمة ومن هذا المنطلق يجب ان يعمل الجميع على الوصول إلى كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار.
ومع السير في خطى المصالحة اليمينية اليمنية، التي اوشكت ان تنجح في التوافق بين الحكومة والحوثيين حيال ضرورة انعقاد الجولة المقبلة من محادثات السلام بين الجانبين في أقرب وقت ممكن، حقنا للدماء اليمنية التي تراق من الجانبين ورفع المعاناة اليمنيين، جاءت الانباء على الحدود السعودية اليمينية مبشرة حيث يخوض الطرفان، على الأقل محادثات بناء ثقة ضرورية، قد تساعد الى حد كبير في رأب الصدع، وردم الهوة، جعلت العديد من المراقبين يتوقعون أن تشهد الجولة المقبلة لمباحثات السلام اليمنية انفراجة كبيرة بعد التعامل المباشر بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، هذا التعامل الذي قال عنه الحوثيون انه تجاوز الخطوات الانسانية المتبادلة، وقالوا إن التفاهمات قائمة على أساس بدء الخطوات وبناء الثقة لوقف الحرب بشكل كامل، وهو ما يرنو إليه كافة المحبين لليمن وشعبها، والذين يتمنون زوال هذه الغمة الآخذة في أكل الاخضر واليابس في يمن كنا نسميه السعيد، فهل تعيد تلك الخطوات السعادة المفقودة لليمن، ام يظل اسير رهانات القوة التي يراهن عليها الفرقاء اليمنيون، فالمعادلة الصفرية، لن تفضي لحل، فاليمن لن يقوم الا بجميع أبنائه ولجميع أبنائه.