**
مع استعداد الأطراف السورية لجولة جديدة من محادثات جنيف الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة المستمرة منذ ما يزيد عن الخمس سنوات، يبقى من المحتمل أن تلحق الجولة القادمة بسابقاتها ما لم يتم الكشف بشكل واضح عن الطرف المعرقل لمفاوضات الحل السياسي والمتمثل بالأساس في مماحكات وفد "المعارضات".
ففي كل جولة محادثات يدخل الوفد الحكومي بأجندة واضحة عنوانها سوريا الموحدة (دولة ومؤسسات)، فيما يشرع من اختير من أطراف خارجية ليمثل "المعارضات" في وضع العراقيل، والبرهنة على أن أهدافه بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب السوري.
وتتضح أجندة الوفد الحكومي، فيما صرح به رئيس الوفد السوري المفاوض إلى المحادثات بشار الجعفري على ضرورة أن يكون الحوار "سوري ـ سوري" بقيادة سورية ومن دون تدخلات خارجية أو شروط مسبقة.
كما وضعت وثيقة المبادئ الأساسية التي قدمتها الحكومة السورية للمبعوث الدولي ستافان دي ميستورا خلال الجولة الأخيرة من محادثات جنيف وحدة سوريا على رأس أساسيات الحل.
كذلك فإن النقاط المتعلقة بالجيش السوري هي من أهم النقاط، وهناك أمور خاصة به لا يمكن التفاوض عليها.
وفيما لا يضع وفد "المعارضات" في مطالبه إلا عنوانًا واحدًا هو (المرحلة الانتقالية) التي تفسرها على أنها تعني تسلمها للسلطة، حيث يندرج تحت هذا العنوان عدم مشاركة "النظام" الحالي في هذه المرحلة، تبدي الحكومة السورية مرونة أكثر على سبيل الوصول لحل.
فالدولة السورية وعلى لسان رئيسها بشار الأسد على استعداد لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، واستيعاب الراغبين في إلقاء السلاح ودمجهم في عمليات المصالحة بهدف إعادة الأمور إلى شكلها الطبيعي. ففي مقابلته الأخيرة مع وكالتي "ريا نوفوستي" و"سبوتنيك" الروسيتين أوضح الأسد أنه لا يعارض إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة شريطة أن يكون ذلك مرتبطًا بوجود الرغبة الشعبية، بل مفضلًا أن يكون انتخاب الرئيس من قبل الشعب وليس من خلال البرلمان، حيث إن القاعدة الرئيسية لعمل أي سلطة هي الدعم الشعبي لها.
لذلك، إذا كانت الحكومة السورية ممثلة في الرئيس بشار الأسد على استعداد لتجديد شرعيتها عبر الاختيار الشعبي فإن الأولى بمن وضعوا أنفسهم ممثلين عن "المعارضات" أن يكونوا مؤهلين لخوض هذا الاختبار دون شروط مسبقة، وإلا فعلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة والجهات الراعية للمحادثات أن تكشف عن الطرف المعرقل لهذه المحادثات قبل الدخول في جولة جديدة.