[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” في واحد من المقالات العديدة التي نشرتها،قدمت بعض الرؤى لتطوير جلسات مجلس الشورى مع وزراء الخدمات حرصا على الارتقاء بأداء المجلس وتعزيز ثقة المجتمع بأعضائه، وإيمانا بأهمية هذه الجلسات التي تعد نافذة حوار مشرعة بين المجلس والحكومة من جهة وهما معا والمجتمع من جهة أخرى، وهي كذلك فرصة حقيقية للوزراء لرصد مدى الرضا عن إنجازاتهم والتعرف على مواطن الضعف والقصور،”

لا ينكر أحد أن البيانات الوزارية التي يلقيها وزراء الخدمات - نتمنى أن يتلاشى هذا الاستثناء قريبا - أمام مجلس الشورى وما يتلوها من أسئلة ومناقشات حول المحاور التي تتضمنها تلقى تجاوبا وقتيا من قبل المجتمع، وتحدث نقاشا عميقا في وسائل التواصل الاجتماعي محفزا وداعما ومؤيدا لعدد من الأسئلة والمداخلات والمرئيات القوية المدعمة بالأرقام والوقائع التي تطرح من بعض الأعضاء الذين يحصلون على نسبة مقبولة من رضا وتقدير المواطنين، فيما تجد أسئلة ومداخلات ومقترحات أخرى الكثير من السخط والتذمر والغضب لأنها ذات طابع خدمي أو خارجة عن اختصاصات الوزير المعني أو لأنها هزيلة ولا ترقى وتطلعات المواطن، خاصة وأن عضو المجلس يمتلك العديد من القنوات والوسائل والأدوات التي تمكنه من تحريك هذا النوع من الأسئلة، وفي الملمحين فهي انطباعات تعكس رؤية المجتمع، وعلى المجلس رئيسا وأعضاء أن يتقبلوها ويرصدوها ويتعاملوا معها بروح ديمقراطية هم الأجدر بأن يعززوا قيمها في المجتمع وأن يحملوا مسئوليتها لتصبح ثقافة عامة تدرس في المدارس والجامعات وتنظر واقعا ملموسا في مناقشاتهم وأعمالهم تحت قبة مجلسهم المنتخب بكامله من قبل هذا المجتمع. وبالعودة إلى محورنا الأساسي فكنت على مدى سنوات وما زلت، أطرح التساؤلات عن الأثر الحقيقي التي تحدثه هذه المناقشات التي تتواصل على مدى يومين مع الوزير الواحد على المسئولين والمخططين والمنفذين في الحكومة، هل تقوم الوزارات الخدمية ومعها المجالس والهيئات المعنية بدراسة وبحث تلك الملاحظات والأسئلة والمقترحات التي تمثل في حقيقة الأمر نوعا من المساءلة والمحاسبة يختص بها مجلس الشورى، وتعبيرا عن تطلعات ومصالح مجتمع جاء هؤلاء الأعضاء ليتولوا مسئوليتها باعتبارهم ممثلين لأفراده جميعا ؟، ألا يمكن أن نعتبر تلك المناقشات من مداخلات وتساؤلات وملاحظات ومرئيات تضمنتها أسئلة وتعقيبات أعضاء مجلس الشورى، والتي توالت مع معالي وزير السياحة على مدى يومين (27 و28 من مارس) بمثابة استراتيجية وخطة عمل تغني وزارة السياحة على مدى مرحلة زمنية لتعزيز انجازاتها وتجويد أعمالها وتطوير القطاع المشرفة والمسئولة عنه بما يحقق أهداف وغايات السياسات العامة حول تنويع مصادر الدخل؟ وهو ما يفترض أن ينسحب على جميع الوزارات التي يلقي وزرائها بياناتهم أمام المجلس؟. إن المطلع والمتابع لجلسات المجلس مع الوزراء منذ أن ألقى عبد الحافظ بن سالم رجب وزير الزراعة والأسماك بيانه أمام المجلس الاستشاري للدولة في عام 1982، وحتى جلسة 27 مارس 2016م مع معالي وزير السياحة لا يمكن له الانفلات من قيود تلك الاستفسارات التي ستتواصل وتتناسل من السؤال الجوهري، ما هي الجدوى الحقيقية لهذه الجلسات، ومدى الجدية من الاستفادة من نتائجها؟ ومدى تمكن مجلس الشورى من تطوير أسلوب مناقشاته مع الوزراء وتعزيز دور هذه الجلسات بما يتوافق مع صلاحياته التي تتوسع باستمرار للخروج بنتائج ملموسة ؟ وهل يحق للمجلس مساءلة الوزير بعد ذلك وتقييمه على ضوء ما أنجزه من وعود وما تم التوصل إليه من خلاصات في لقاءه بالمجلس... ؟ فما الفائدة من أسئلة وإن كانت قيمة ومعلومات وإن كانت دقيقة وملاحظات وإن كانت صحيحة وآراء وأفكار وإن كانت صائبة،إن لم يتم الأخذ بها والاستفادة منها في التطوير والتجويد والإضافة والتصحيح والاسراع في العمل واتخاذ قرارات جريئة وإقرانها بالعمل؟. تأكيدا على هذه الأسئلة وما تضمنته من ملاحظات أستقطع ما أشار له ثلاثة من أعضاء المجلس البارزين في جلسة معالي وزير السياحة يوم 28 مارس الفائت لأنه تعبير عن الواقع، في الطرح الأول: (تابعنا ما طرح من أسئلة بالأمس واليوم ورجعنا إلى مناقشة المجلس مع معاليكم في جلسة 2012م،واسترجعنا الأسئلة والردود،فبقيت الأسئلة تتكرر والردود تكاد متطابقة... في 2012 ذكرتم أن مجلس الوزراء الموقر أقر الاشتراطات المرجعية للاستراتيجية،بينما في جلسة أمس ذكرتم بأن مجلس الوزراء أقر الخطوط العريضة للاستراتيجية،فمتى سترى هذه الاستراتيجية النور ؟)،في الطرح الثاني (من حيث المبدأ هل الخلل في الاستراتيجية أم في الجهاز الحكومي أم في طريقة الأداء ؟ منذ عشرين عاما على الأقل ونحن نكرر المفردات،الحاجة إلى قطاع خاص أقوى وأكثر مشاركة،القوانين واللوائح المنظمة،عدم اقبال العمانيين على العمل في القطاع الخاص والسياحة،تسهيل الاجراءات... إلخ )،في الطرح الثاني (ماذا بعد هذه الجعجعة من هاتين اليومين التي نقولها الآن... في بيان 2012 ذكرتم مراجعة اللائحة والقوانين والتشريع،وبالأمس ذكرتم ضرورة مراجعة اللائحة والقوانين وهذه غرابة سبحان الله شديدة... )،ولا أشك بأنهم لو بحثوا في جلسات ما قبل ذلك بسنوات لوجدوا أن ملف الاستراتيجية وبقية الملفات والموضوعات الأخرى لجميع القطاعات موجودة،وأن المجلس سيعيد تكرار طرحها كما سيجيب عليها الوزراء المختصون بالمزيد من الدراسات واعداد الاستراتيجيات.

في واحد من المقالات العديدة التي نشرتها،قدمت بعض الرؤى لتطوير جلسات مجلس الشورى مع وزراء الخدمات حرصا على الارتقاء بأداء المجلس وتعزيز ثقة المجتمع بأعضائه، وإيمانا بأهمية هذه الجلسات التي تعد نافذة حوار مشرعة بين المجلس والحكومة من جهة وهما معا والمجتمع من جهة أخرى، وهي كذلك فرصة حقيقية للوزراء لرصد مدى الرضا عن انجازاتهم والتعرف على مواطن الضعف والقصور، وعلى ملاحظات وآراء المجلس والاستفادة مما يطرح في إحداث التطوير والتجويد والتصحيح والمعالجة....، وسوف أضيف عليها في هذا المقال عددا من المرئيات، وذلك لأن أهميتها تزداد مع اتساع أسئلة المواطن كلما تابع واحدة من جلسات المجلس مع الوزراء:

البيان الوزاري ولما يمثله من أهمية فيتطلب الأمر:
أولا: أن تتم مناقشة محاوره، من خلال تخصيص فترة زمنية لكل محور على حدة وفقا لأهميته، وبعد استكمال مناقشته،يتم الانتقال إلى المحور الذي يليه، أو تقسيم أعضاء المجلس أنفسهم إلى مجموعات تختص كل مجموعة بتناول محور محدد لتحقيق جملة من الأهداف منها: تنظيم الحوار،إعطاء محاور البيان حقها من النقاش وفقا لأهميتها،التركيز على البرامج والسياسات من خلال حصر التساؤلات في ذات المحاور التي تم الاتفاق عليها وتجنب التكرار والمطالبات الخدمية، التوصل إلى خلاصة ونتائج ترتبط بكل محور على حدة يسهل على المجلس بعد ذلك متابعتها والاستفادة منها في لقاءات ومناقشات ودراسات مستقبلية.
ثانيا: تكليف فريق من أعضاء المجلس يعاونه مختصون من الأمانة العامة،
(الجهاز الفني) بجمع البيانات والمعلومات من مصادرها وتحليلها وتعزيز قيمتها، والبحث عن أية خلفيات أو تجاوزات أو تعقيدات أو أمثلة لقصور وخلل وأخطاء لها علاقة أو صلة بأي محور من محاور البيان من خلال لقاءات الأعضاء بالمواطنين في ولاياتهم وزيارة وتفقد المشاريع التي تقيمها الوزارة،واستضافة مسئولين منها لتكون معينا للأعضاء في مناقشاتهم مع الوزراء وممارسة دور رقابي يعزز من قيمة ونتائج هذه الجلسات. ولا شك أن جهد المجلس وتواصله مع المواطنين عبر وسائل التواصل يمثل خطوة مهمة في هذا الاتجاه،أفاد أعضاءه في طرح التساؤلات وصياغة الملاحظات.
ثالثا: رصد وتوثيق مناقشات المجلس مع الوزير وتوظيف خلاصاتها وما قدمه من وعود واتفق فيه مع الأعضاء من طرح وتساؤلات وملاحظات في تعزيز المناقشات والتوصيات والدراسات والأدوات الرقابية في الجلسات القادمة التي يحضرها ذات الوزير،وعبر متابعتي لبعض الأسئلة والمداخلات الموجهة لمعالي وزير السياحة وإن كانت محدودة إلا أن توظيف المناقشات السابقة عزز من قيمتها وأهميتها.
رابعا: الاتفاق مع مجلس الوزراء على إصدار بيان مشترك لكل جلسة وزارية تعد بمثابة خلاصة ونتائج يتفق عليها المجلسان تؤكد للمجتمع أهمية وقيمة هذه الجلسات وما ينتج عنها من قرارات وحلول مشتركة لعدد من القضايا والمسائل التي تهم المجتمع وتعالج المعوقات والتحديات والمشاكل التي ترافق بعض القطاعات التنموية والمشاريع المنفذة والقرارات المتخذة.
خامسا: الاتفاق كذلك مع مجلس الوزراء على أن يتضمن بيان الوزير فقط انجازات وزارته ومشاريعها للفترة بين القاء بيان وزارته السابق وموعد البيان الحالي والخطط المستقبلية.لكي يتمكن المجلس من تقييم انجازات الوزارة والبناء عليها في المناقشات وليكون البيان بمثابة خطة عمل يقدمه الوزير أمام المجلس.
سادسا: أهمية التركيز على الأسئلة النوعية وإعطائها حقها في الطرح والنقاش وتطعيمها بالبيانات والمعلومات والتحليلات والمؤشرات الدقيقة التي تتناسب مع أهميتها، وتقديم قراءات متخصصة حولها، وذلك بالتنسيق فيما بين الأعضاء أو اللجنة المختصة بالتحضير للبيان والمرتبط اختصاصها بقطاعاته،وتوزيع الأسئلة بالاتفاق،بحيث يكتفي كل عضو بسؤال واحد أو سؤالين على الأكثر، إذ من الملاحظ في هذه الجلسات أن يطرح العضو أحيانا عشرات الأسئلة والملاحظات والتي تجمع في الكثير بين محاور البيان واحتياجات الولاية، في زمن قصير يكون فيها العضو مرتبكا ومضغوطا ومستعجلا في طرحه خوفا من انتهاء الزمن المخصص له،والوزير غير قادر على استيعاب والاجابة على ذلكم الكم من الأسئلة والملاحظات.
سابعا: بناء وصياغة بعض الأسئلة والمداخلات والتعقيبات خاصة بالنسبة للأعضاء الذين يأتي دورهم متأخرا على اجابات الوزير على الأسئلة المتقدمة وتوضيحاته،فالكثير منها يحتاج إلى استيضاح أكبر وإلى تعمق أكثر وإلى تصويبات وتصحيحات.كما أن بعض الوزراء يتعمدون أو يغفلون الاجابة عن بعض الأسئلة رغم أهميتها،فيتم رصدها من قبل المتأخرين.
ثامنا: تضمين لائحة المجلس نصوصا قانونية تنظم سير العمل في هذه الجلسات وتضبط مناقشاتها وتطبعها بطابع المساءلة البرلمانية،وبما لا يجيز للأعضاء التطرق إلى الأسئلة الخدمية والمناشدات التي تضعف من دور المجلس..وبما يرفع من أهمية وقيمة ونتائج هذه الجلسات.
تاسعا: تقدم البيانات الوزارية،وأسئلة وملاحظات وآراء أعضاء المجلس،وردود الوزراء عليها بيانات ومعلومات مهمة للغاية للعديد من القطاعات والموضوعات والأعمال التي تهم المجلس يمكن تقييمها ومراجعتها ودراستها والبناء عليها لتنشيط وتحريك الأدوات والوسائل البرلمانية، كطلبات المناقشة والأسئلة البرلمانية وحتى طلب الاستجواب متى ما اقتنع المجلس أن نتائج المناقشات أظهرت خللا وقصورا في التخطيط أو تجاوزا للقانون واللوائح أو تهاونا في أداء المسئوليات وسرعة التنفيذ نتجت عنه العديد من الخسائر والمضار... وهو ما سيرفع من أهمية هذه الجلسات،ويتواكب مع تطلعات المواطنين الذين ما فتئوا يطرحون تساؤلاتهم بعد كل جلسة من جلسات الوزراء،ماذا بعد ؟.الأسئلة أصابت كبد الحقيقة وعبرت عن الواقع وأسندت بالأرقام والبيانات،وطرح عدد من الأعضاء كان قويا وشجاعا.ولكن هل يؤخذ بآراء مجلس الشورى وملاحظاته،وهل يملك أي دور للمحاسبة والمساءلة ومنها بالطبع أداة الاستجواب ؟.
عاشرا: من المناسب أن يشرع المجلس في إعداد تقرير سنوي مختصر يرفع إلى المقام السامي عن الأداء الحكومي،على ضوء مراجعته ودراسته لبيانات وزراء الخدمات وتقارير وزاراتهم السنوية،وتقييمه لمناقشاته معهم،معززا بالمعلومات والبيانات متضمنا العديد من المرئيات والتوصيات لرفع الأداء وتحفيز الانتاجية وتجويد العمل وتنشيط القطاعات المختلفة.
إن الجهد المبذول من قبل وزراء الخدمات في إعداد بياناتهم الوزارية والإجابة على أسئلة وملاحظات الأعضاء على مدي يومين،وما يقوم به أعضاء المجلس وأمانته العامة في المقابل من تحضيرات متواصلة وجمع للبيانات وبحث عن المعلومات وإعداد للأسئلة...هو عمل وطني يستحق أن يستثمر ويوظف ليجني الوطن ثمره والمجتمع حلاوته من خلال أولا: تعزيز العمل المؤسسي بما يتواكب مع تطلعات وطموحات المجتمع،إشراك المواطن في التنمية وخدمة وطنه والاسهام في صناعة القرار عبر ممثليه في مجلس الشورى،ثالثا: قيام مشاريع تعزز البنية التحتية وتطوير القطاعات والصناعات التي تسهم في تحقيق سياسة التنوع وتعزيز الموارد والمساهمة في الناتج المحلي وتوفير فرص عمل للباحثين،وقرارات تصحح الأخطاء وتزيل العقبات والمعوقات وترفع الجودة في العمل... وهذه الجلسات في حد ذاتها فرصة للوزراء لتقديم وجهات نظرهم والتبرير للقرارات والسياسات والمشاريع المتخذة وشرح بعض القضايا التي تهم المجتمع والحديث عن الإنجازات التي تحققت،وتعزز قيم الشفافية والوعي والتواصل وتجسد التعاون بين مختلف الأطراف الفاعلة والمختصة بالشأن الوطني.