[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. اذا كان مصطلح المجتمع المدني قد نشأ بنهاية الحرب العالمية الثانية فإنه يأتي متزامنا مع اتجاه الولايات المتحدة بعد الحرب بالخروج من حدودها والتمدد خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وقد تبلور ذلك في مصر مع إعلان واشنطن نهاية العام 2004 عن برنامج للمساعدات الاقتصادية أطلقت عليه «الديمقراطية» يتعلق بالانتخابات وممارسة الحقوق السياسية،”
بين شعارات ونظريات تسرد أهمية ودور منظمات المجتمع المدني في دعم الديمقراطية ومراقبة السلطة ومع توجيه الاتهامات بالقمع والديكتاتورية لكل من يتجرأ على انتقاد مثل هذه المنظمات يأتي ما تتحصل عليه هذه المنظمات من تمويل أجنبي ليبدد الكثير من هذه الشعارات ويطرح تساؤلات متعددة حول عمل هذه المنظمات داخل الدولة وأهدافها خاصة وأن القاعدة الأساسية تقول إن الدول ليست جمعيات خيرية ولا تدفع من أموالها إلا ما يحقق لها مصالحها.
ففي الشهر الماضي أعاد القضاء المصري فتح ملف القضية 173 لسنة 2011 والمعروفة بالتمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني بناء على معلومات جديدة وردت في القضية كما أمر القضاء المصري بحظر النشر في التحقيقات.
وتعود القضية إلى يوليو من العام 2011 حينما أمر مجلس الوزراء وزير العدل بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للنظر في التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني وتحديدا لمعرفة ما إذا كانت تلك المنظمات مسجلة بموجب القانون حيث اشتدت بالتزامن مع التحقيقات حملة إعلامية شرسة قادتها وسائل إعلام حكومية وخاصة على حد سواء.
وشملت الاتهامات وقتها نحو 400 منظمة مصرية ودولية وتمت إحالة 43 متهماً إلى محكمة الجنايات، من بينهم 19 أميركياً، واتُخذ قرار منعهم من السفر وإحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة.
ومن بين ما تسرب عن التحقيقات فقد حصل المعهد الجمهوري الدولي على 22 مليون دولار والمعهد الديمقراطي الوطني على 18 مليون دولار وفريدوم هاوس على 4.4 مليون دولار والمركز الدولي الأميركي للصحفيين على ثلاثة ملايين دولار ومؤسسة كونراد أديناور الألمانية على 1.6 مليون يورو
وسرعان ما أسدل الستار بشكل غير متوقع على هذه القضية حيث رفع حظر السفر عن المتهمين الأميركيين ودفعت الولايات المتحدة كفالة قبل أن تنقلهم طائرة في نفس اليوم إلى بلادهم وسط اندهاش من الجميع.
لكن السيناتور الأميركي جون ماكين أزال بعضا من هذه الدهشة عندما صرح بأن جماعة الاخوان (التي كانت تسيطر على المشهد السياسي بأعضاء في البرلمان وبقدرة على الحشد بالشارع وقتها) كان لها دور في المساعدة على رفع حظر السفر عن المتهمين الأجانب.
وفي يونيو 2013، صدر الحكم على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات، وكانت معظم الأحكام غيابية فيما حصل العاملون المصريون الذين ظلوا داخل البلاد على أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ. كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المذكورة.
واذا كان مصطلح المجتمع المدني قد نشأ بنهاية الحرب العالمية الثانية فانه يأتي متزامنا مع اتجاه الولايات المتحدة بعد الحرب بالخروج من حدودها والتمدد خاصة بمنطقة الشرق الأوسط وقد تبلور ذلك في مصر مع اعلان واشنطن نهاية العام 2004 عن برنامج للمساعدات الاقتصادية أطلقت عليه «الديمقراطية»، يتعلق بالانتخابات وممارسة الحقوق السياسية، ويتم من خلاله تقديم مساعدات مباشرة للمنظمات الأميركية التي تعمل بمصر، وتلك التي تأسست على يد مصريين.
وبشهادات العديد ممن عملوا في هذه المنظمات فانهم يصفونها دوما بـ(دكاكين حقوق الانسان) حيث أن العديد ممن افتتحوا مكاتب ومنظمات تحت هذا المسمى ومنهم من باتوا نجوما في وسائل الإعلام وظهرت عليهم علامات الثراء السريع احترفوا اقتناص التمويل القادم من الخارج مقابل تحكم هذا الأخير في خطاب هذه المنظمات.
والتعامل القانوني مع قضية التمويل الأجنبي وبالإضافة إلى أنه ينبغي أن يمتد ليشمل البحث وراء العديد من المتصدرين للمشهد الإعلامي والسياسي في مصر إلا أنه وحده لا يكفي للحد من تدخلات هذه المنظمات في الشأن الداخلي المصري ما لم يتم تفعيل دور المجلس القومي لحقوق الإنسان وغيره من الجمعيات الوطنية لتملأ فراغ المجتمع المدني ولسد ذرائع تكوين المنظمات الممولة من الخارج.