الاستصناع هو أحد أنواع العقود الشرعية التي تستخدمها المصارف الإسلامية في تمويل بناء العقارات والسّلع التي تتطلب تصنيعاً على مدة من الزمن مثل الطائرات والسفن والسّلع الصناعية الأخرى. فالاستصناع هو عقد بيع على سلع موصوفة في الذمّة اشترط فيها الصنعة على ما يجري التعامل به وأمكن ضبط نوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، سواءً كان استهلاكيّاً أو استعماليّاً، مثل استصناع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الخاتم والمنبر، وهو عقد بيعٍ لازم يلتزِم فيه الصّانع بتقديم الموادّ والعمل جميعاً منه، ولا يجوز اشتراط الصّانع البراءة من العيوب لأنّ الاستصناع بيعُ موصوفٍ في الذمّة، والبراءة إنّما تكون في بيع المعيّن. وما تعلّق بالذمّة يكون دَيْناً. ويثبت للمستصنِع الخيار إذا جاء المصنوع مخالفاً للمواصفات المشروطة.
ويجب أن يكون الثمن معلوماً عند إبرام العقد، ويجوز تسليم الصّانِع ما صنعه هو أو غيره قبل إبرام عقد الاستصناع مع اشتراط مدّة لضمان عيوب التصنيع. ويكون ثمن الاستصناع معلوماً نفياً الجهالة والغرر المفضيين إلى المنازعة. ويجوز تأجيل ثمن الاستصناع أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محدّدة، أو تعجيل دفعة مقدّمة وتسديد باقي الثّمن على دفعات متوافقة مع مواعيد التّسلم لأجزاء من المصنوع. ويجوز ربط الأقساط بمراحل الإنجاز إذا كانت تلك المراحل منضبطة في العُرف ولا ينشأ عنها نزاع. ولكن لا يجوز زيادة الثّمن لتمديد أجل السّداد لأنّ ذلك من الرّبا، ولا مانع أن يتضمّن عقد الاستصناع شرطاً جزائيّاً على الصّانع وارد على العمل.
تبرم المؤسّسة المالية عقد مستقل مع الصنّاع أو المقاولين بعد تقدير التكلفة لإنجاز العمل لمصنوعات أو مبانٍ بنفس المواصفات وفقاً للمواصفات المشروطة في العقد، وفي المدّة المتّفق عليها، تكون فيه المؤسّسة مستصنِعاً يسمى عقد الاستصناع الموازي، مع استقلاليّة عَقْدَيْ الاستصناع والاستصناع الموازي وعدم ارتباطهما. ولا يجوز التحلّل من التسليم في الاستصناع إذا لم يقع التسليم في الاستصناع الموازي. ويتحقّق الرّبح عن طريق اختلاف الثّمن في العقدين. فكلّ منهما مستقلّ تترتّب عليه آثاره بمعزلٍ عن الآخر. ولا يجوز بيع المصنوع قبل تسلّمه من الصّانع لأنّ ذلك من قبيل المعدوم وبيع ما لا يملك.
يجوز للمؤسّسة في عقد الاستصناع، سواءً أكانت صانعة أم مستصنِعة، أن تأخذ الضّمانات التي تراها كافيةً للوفاء بحقوقها لدى المستصنِع أو الصّانع سواءً أكانت رهناً أم كفالةً أم حوالةَ حقّ. ويجوز النصّ في العقد على تعديل المواصفات المشروطة في المصنوع مع موافقة الصّانع على ذلك وتحديد ما يترتّب على ذلك بالنسبة للثّمن. ويجوز أن يتضمّن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً غيرَ مجحِف لتعويض المستصنِع عن تـأخير تسليم السلعة المستصنعة بمبلغ يتّفق عليه الطّرفان إذا لم يكن التأخير نتيجة لظروف قاهرة أو طارئة.

أنور مصباح سوبرة
المراجع الشرعي الداخلي
بنك نزوى