كتب - فيصل بن سعيد العلوي :
تتواصل فعاليات مهرجان مسقط السينمائي الدولي في نسخته الثامنة لليوم الثالث على التوالي حيث انطلقت أمس اولى حلقات العمل والندوات وعروض الأفلام ، وقد عرض ظهر امس بسينما البهجة فيلم هرج ومرج من مصر ، وفيلم هوميلاند من فرنسا وهي من الأفلام المشاركة في مسابقة الأفلام الروائية ، كما عرض في سينما الشاطئ امس الفيلم العماني "مرة في العمر" ، والسوري "مريم" ضمن الافلام المشاركة كذلك في مسابقة الأفلام الروائية ، كما تم عرض فيلم أطفال الجمهورية في مسابقة الأفلام الافريقية ، والفيلم الاردني حبيبي بيستناني عند البحر ، والفيلم المصري لا والتونسي السنونو الخطاف لا يموت في القدس .
وكان قد عقد في الفترة الصباحية ندوة بعنوان "سينما المرأة في الدول العربية" حاضرت فيها الدكتورة آسية البوعلي وقالت في ورقتها : أتمنى أن توجد سينما تناقش قضايا المرأة العمانية فإذا كنا إلى وقتنا هذا ليس لدينا أفلام روائية طويلة باستثناء فيلم "البوم" فنبدأ على الأقل على مستوى الفيلم الوثائقي التسجيلي وعلى مستوى الفيلم الروائي القصير مناقشة قضايا المرأة.. نحن مع الأسف في الوطن العربي وليس فقط في السلطنة نعاني آفة ألا وهي تراجع وتقلص سلوكيات القراءة. فالبحث الذي يكتب عن أي قضية تخص المرأة لن يصل إلى الجماهير العريضة لكن الفيلم الذي تتوافر فيه عناصر نجاحه يستطيع أن يصل إلى أكبر قاعدة من القراء ، فالمشهد هو الذي يقرأ اليوم وليس الكلمة. هل هناك قضايا في السلطنة؟ نعم هناك العديد من القضايا جديرة بأن تناقش في سينما المرأة من هذه القضايا ما يتشابك منها مع الوطن العربي أو مع اي مجتمع آخر مثل قضايا الطلاق علينا أن نناقش هذه القضية، لدينا أكثر من 1000 حالة إصابة بالسرطان في السنة وأيضا في تقديري هذا الرقم مفزع وأنا واحدة من الحالات التي أصيبت بهذا المرض رغم انني رياضية أتابع كل سبل الحياة التي يتابعها أي شخص متحضر ومثقف. ما الذي نحتاجه كي تناقش قضية الإصابة بمرض السرطان مثلا المريضة العمانية ليست بحجة إلى علاج طبي لأن هذا النوع من العلاج متوفر في كل المستشفيات العمانية والسلطنة هي الثالث عالميا من حيث العناية الصحية والتكنولوجيا والنظافة. إذن وزارة الصحة وبفضل عطاءات صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ المرأة العمانية بحاجة إلى من يدربها نفسيا على مواجهة هذا المرض ومن يدربها عقليا وفكريا كي تتقبل الوضع لاسيما وأن المرض يصيب مناطق حساسة في جسدها من يجعلها تتصدى لهذا المرض لأن في نظري ومن خلال تجربتي هو شبح اذا تصديت له فأنت قد قضيت عليه. هذه خلاصة تجربتي الشخصية ونحن بحاجة إلى أفلام تناقش هذا النوع من القضايا . الأمر الآخر نحن في السلطنة لدينا 1000 حالة وفاة حوادث مرور كم من امرأة ترملت وكم من أم ثكلى وكم ابنة يتيمة . هنا ما أريد أن أقوله من خلال هذه الندوة أناشد جمعية السينما وكافة المعنيين طرح قضايا المرأة عبر لغة جمالية فنية يتم التعامل معها بشكل راق حتى تستطيع أن تجذب وحتى تصل الرسالة. القالب الفني أقوى القوالب وصولا إلى الآخر والسينما هي أكثر هذه القوالب وصولا إلى الآخر.

إشكالية الجسد

وفي الندوة ناقشت الدكتورة ليلى حجيج من تونس ورقة بعنوان "يسرى أو إشكالية الجسد في السينما التونسية " ويسرى اسم ملكة قرطاج ويسرى تتقمص جسد المرأة في فيلم يسرى وهو من إنتاج السبعينيات .كانت نشأة السينما التونسية نشأة بائسة قلقة ومقلقة للسلطة التقليدية بأنواعها من بدايتها كانت جريئة في مواجهة كل أنواع السلطة التركيز كان فيها على الشرخ الذي يصيب الأجساد والأفكار والعلاقات الانسانية بفعل مختلف أشكال الهيمنة وتبدو فيه المرأة بعنفوان جسدها الثائر حاملة لمشروع الحداثة بما فيه من حرية وفردية وما فيه من عقلنة لمجتمع يقع بين الأصالة والحداثة، ويخطىء من يتصور أن موضوع جسد المرأة في السينما التونسية يوظف لأغراض إغرائية واستعراضية إنما هو مدخل لرج الطابوهات أي رج الإكراهات الكابتة للمجتمع. السينما التونسية بصفة عامة والسينما النسوية بصفة خاصة جعلت من اختراق المحرم رهانا بالقصد أو بدونه فاستهدفت تعرية الكامن والكشف عن المسكوت عنه وحاولت بلوغ لاوعي الانسان التونسي في فترة مبكرة من السبعينيات مع أن العرب كما يقول مصطفى حجازي لم يعرفوا اللاوعي لخوفهم منه. هكذا تنكشف فكرة ناضمة تشق السينما التونسية منذ ارهاصاتها الأولى في الستينيات من القرن الماضي الى أخر أعمالها وتجعل من سيرورة السينما التونسية سيرورة صراع مع المحرم وتطاولا عليه واعني بالمحرم ما أسنده فرويد لهذا المفهوم حين منحه معنى الاكراه المحدد للذة والذي ينظمه قانون البطرك.

ثلاث مراحل

اما آسيا الريان مديرة مهرجان سينما المرأة بهولندا فتحدثت عن المرأة العربية في السينما وقالت انها مرت بثلاث مراحل أول مرحلة من 1900 إلى منتصف الأربعينيات حاولت فيها المرأة العربية بكل جهدها أن تدخل مجال السينما فكان الوضع سيئا جدا بالنسبة للمرأة العربية أن تدخل مجال التمثيل أو الإخراج أو الغناء فكان مفروض عليها أن تجلس في البيت وتتزوج فكانت السينما مقصورة على بعض الأفلام البسيطة مثل "الجريمة والعقاب" أو أفلام الرومانسية وهي أفلام بسيطة وفي فترة الأربعينيات بدأت السينما تزداد جرأة وأصبح هناك مخرجون يثقون في المرأة وفي قدراتها الفنية والإبداعية. وبدأت المرأة تخطو خطواتها في هذا المجال. وبدأت تمارس حقها وشجعها مجتمعها الضيق الذي بدأ في الانفتاح. بين الخمسينيات والستينيات والسبعينيات المرأة العربية تحررت وأصبح لها حضور طاغ في السينما العربية. وفي السنوات الأخيرة أصبحت المرأة هي الأولى فنا وإخراجا أكثر السيناريست في مجال السينما من النساء .

مفارقة رأي

اما الفنانة الفلسطينية نسرين فاعور فتقول : هناك مفارقة في رأيي وهي بين ما نتمناه وبين ما هو موجود في أرض الواقع، أرض الواقع نقول مادمنا على احتلال فإننا نواجه الكثير من التحديات ، فأنا قادمة من مكان يؤمن بإنسانية المرأة قبل أي قضية. أن تطرح معاناتها وأحلامها أفكارها وهذا النمط لم يوجد في الساحة بشكل كاف، هناك العديد من المخرجات الفلسطينيات طرحن قضاياهن من وجهة نظر نسوية. أحاول أن أستثمر هذا الملتقى كي يعلى صوتنا في مكان ما ونكسر الحدود. نحن عانينا من الشتات والتجزئة إضافة إلى كوننا كفلسطينيين فرضت علينا الحدود عدم التواصل العربي. هناك العديد من الطاقات في مجالات عدة، وهناك رائدات في مجالات فنية مختلفة نعاني من عدم التواصل ودائما ما أقول شكرا لوسائل الاتصال الحديثة التي مكنتنا من التواصل مع أهلنا وأصدقائنا في المخيمات والشتات. كل هذه الظروف أثرت في وجودنا وكياننا في كل المجالات الفنية والأدبية والثقافية.

سكوت هنصور

وتقول الفنانة لطيفة التونسية عن تجربتها اليتيمة مع المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلم "سكوت هنصور" ، وفي المسرح مع منصور الرحباني في "حكم الرعيان". للأسف المرأة يتم استغلالها اليوم تجاريا .انا تربيت على تجارب كان لها تأثير كبير علي، خصوصا وان ثقافتنا التونسية تختلف عن الثقافات الأخرى. أعتقد أننا حاليا لمن يحاول أن يقدم دور المرأة بشكل فيه الكثير من الاحترام للمرأة يعاني في يومنا هذا، لدينا نساء مبدعات في مجال السينما والمسرح والموسيقى .