[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تربيتنا القومية ساعدتنا على هضم أزمات الأمة وحتى كوارثها. كلما تعمق الوجدان قوميا، تمكن من التعايش مع كل التطورات سواء كانت مأساوية أو مفرحة. جيلنا عرف الطريق إلى هذا المفهوم، فعشق القتال من أجل أمة واحدة ولنكمل بقية السطر، ذات رسالة حالدة.
كنا نسمي العراق بسمارك العرب، وسوريا قلب العروبة النابض، والمقاومة الفلسطينية أنبل ظاهرة عربية، ومصر قرة العين، والجزائر دمنا من شلال دمها والحبل على الجرار، لذلك آمنا دائما بوحدة البنادق، ومع أنها اليوم ليست متيسرة، فكل قطر مشغول بأزمته، إلا أن الهدف واحد، والمصير واحد، والعروبة حافظ للجميع.
بكل مآسي الحروب التي تخوضها الأمة، إلا أنها تنظف نفسها من أدران اجتماعية ووطنية وقومية وسياسية و... إذا لم تكن هذه الحروب اليوم، فستكون غدا. ليس من قطر عربي متروك بلا متابعة من الأمم ومن العدو الواحد الصهيوني. الكل موضوع على المشرحة وله زمانه وحساباته .. الأرقام التي وضعت لإخراج العراق مما كان فيه، حققها الأميركي، فأراح الصهيوني أولا، ومن لهم حسابات عربية مضادة لصدام حسين. ليست المسألة بعشرات الآلاف من الجنود الأميركيين الذين رسموا نهاية نظام ودولة وجيش ومؤسسات في هذا القطر، بل هي فكرة البندقية العراقية التي أخرست في اللحظات التاريخية المطلوبة. ومثله لليبيا التي نامت على موعد مضروب منذ وقت طويل وأفاقت عليه فإذا بها غير ليبيا التي نعرف، فهي بالتالي قصة البندقية المتروكة لقدرها. لكن سوريا عالم آخر، هي جمع البنادق المنتظرة للقاء على أرض المعركة والميدان. هي قصة الرصاصة الموحدة بين السوري واللبناني والفلسطيني والعراقي والإيراني والروسي وكل شرفاء الأمة الآخرين .. تشابك الفكرة الواحدة بين هؤلاء أنتج هذا الصمود المدفوع ثمنه من دماء هؤلاء جميعا، وبالتالي، سيكون النموذج السوري هو التصور الذي تربينا عليه، وهو المفاجأة الكبرى للأعداء، الذين رسموا أمة كما يتوقعون ويحلمون أن تكون.
لن يسقط التاريخ الذي كان وعدنا دائما وهو ابن الحلم الذي فاز في المرحلة القومية حين عبأنا جمال عبدالناصر وبتنا نتحقق من مقدمات التعبئة. نقبل مواصفات تلك المرحلة مهما كان اسمها وعنوانها، لأنها وصلت إلى حد حقيقتنا القومية .. ما يتحقق على أرض سوريا اليوم كبير وعميق لا شك أنه يخيف الصهيوني والأميركي والغربي وكل الخائفين من هذا التوحد الذي ليس اضطراريا، بقدر ما هو مقدمة لما سيأتي. لكل أبناء خصومته نقول، خلوا عيونكم على مستقبل ما بعد انتصار سوريا ستعرفون ماذا تعني وحدة البنادق الآن وماذا ستعنيه في المستقبل؟
أعتقد أن العدو الصهيوني عمم على مقربيه من كل الأجناس مخاوفه مما سيلي وحدة البنادق التي هي وحدة الدم التي لا يمكن فصلها في مستقبل نتائجها. من هنا نفهم الصراع الحالي وكيف سيتوج، وما هي ملامحه التي نراها الآن قبل أن يتم إقفال ملف الأزمة السورية التي نعتقد أن العمل جارٍ على إبقائه مفتوحا كي لا يصل إلى النتائج المبهرة التي نتوقع.
بوحدة البنادق تنتصر أمة ويتحق تاريخ كان مفترضا له أن يتحقق منذ زمن، وبه ستكون المواعيد التي أفلتت كي تعود.