يواصل دعاة الحروب وداعمو الإرهاب التشكيك في جدوى الجولة المقبلة لمحادثات مؤتمر جنيف، ليس بناءً على أن الظروف غير مواتية لعقدها، وإنما أملًا وسعيًا منهم إلى إعادة الأوضاع إلى مربعها الأول، وممارسة سلوكياتهم الشائنة وأدوارهم التآمرية، وإعطاء الإرهاب وتنظيماته جولة جديدة لمواصلة عملية التدمير والتخريب للدولة السورية.
فإعلان ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا أمس الأول عن تأجيل موعد محادثات جنيف إلى الثالث عشر من أبريل الجاري بعد سلسلة سابقة من التأجيلات، يشي بأن معشر المتآمرين لا يزالون على عهدهم القديم بهدف اللعب على عامل الوقت والعمل على استغلاله في اتجاهين: اتجاه دعم ذراعَي تنظيم القاعدة الإرهابي "داعش والنصرة" من أجل عرقلة تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه باتجاه المناطق التي يسيطر عليها التنظيمان الإرهابيان حتى لا تكون هذه المناطق ورقة جديدة في يد الدولة السورية وحلفائها فتُعزز بها موقفها في جولة محادثات جنيف. واتجاه دعم التنظيمات الإرهابية المسلحة المتحالفة أساسًا مع تنظيمي "داعش والنصرة" والمصنفة من قبل معسكر التآمر والإرهاب بـ"المعارضة المعتدلة".
المبعوث الأممي إلى سوريا عزا تأجيل الموعد إلى الثالث عشر من هذا الشهر إلى عزمه القيام بجولة تقوده إلى كل من دمشق وطهران ولقاء القيادتين السورية والإيرانية، وكذلك عزمه الاجتماع مع مسؤولين آخرين في المنطقة للسعي ـ كما قال ـ للتوصل إلى تفاهم مشترك بشأن عملية الانتقال السياسي في سوريا.. وفي ذلك قد يكون صادقًا في ما ذهب إليه؛ لأن "الجولة القادمة ـ حسب قوله ـ من المحادثات تحتاج لأن تكون محددة تمامًا في اتجاه العملية السياسية التي تؤدي إلى بداية حقيقية للانتقال السياسي"، وأنه يريد التحقق من مواقف الأطراف الدولية والإقليمية لضمان الحد الأدنى من التوافق بشأن "إطار محتمل للانتقال السياسي". إلا أن واقع الميدان والتحركات السياسية لمعسكر التآمر والإرهاب يشيران إلى عدم رغبة المعسكر في التسليم بالواقع الميداني المائلة كفته لصالح الدولة السورية وحلفائها، حيث مقتضيات التحرك الميداني والسياسي للمعسكر توضح إصرار بعض قواه على محاولة انتزاع أجزاء من الأرض السورية ليساوم بها ويتمكن من صرفها في السياسة في محادثات جنيف، فيما هناك قوى أخرى ضمن معسكر التآمر والإرهاب تسول لها نفسها النيل من وحدة الأراضي السورية تحت عناوين مختلفة، ومحاولة إعادة ملف اللاجئين إلى الواجهة مجددًا من أجل ممارسة سياسة الابتزاز والتسول والارتزاق، ومن أجل تحقيق أحلام عفا عليها الزمن. وطبعًا هذا لا يتناقض فحسب مع المبادئ التي تدافع عنها سوريا منذ خمس سنوات، وإنما يكشف سعي أولئك المتآمرين والداعمين للإرهاب إلى إعادة الأزمة إلى اليوم الأول الذي بدأت فيه، ولكن من مناطق أخرى، وبالتالي لن يكون لهم أي سند قانوني أو سياسي أو اجتماعي، طالما لا يعبِّر من يفكرون فيه عن إرادة الشعب السوري وتطلعاته برؤية بلاده موحدة كما كانت وأفضل.
إن استمرار معشر المتآمرين على سوريا في سلوك طرق العدوان والإرهاب بغية تحقيق أحلامهم التآمرية والاستعمارية، وتدمير الدولة السورية لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه الاستراتيجيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، لن يكتب له النجاح ما دامت هناك إرادة وصمود وحكمة سياسة اسمها سوريا (شعبًا وجيشًا وقيادةً)، فمن صمد خمس سنوات في وجه مؤامرة كونية، واستطاع أن يشد الانتباه بولائه وانتمائه وصموده واستبساله، قادر على مواصلة ذلك لعشرات السنين، كيف لا؟ وقد انكشفت أمامه وأمام الأحرار في العالم سوءات ومؤامرات وخبث المتآمرين على سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها، وبالتالي من عجز عن تحقيق أطماعه في الميدان عليه أن يوقن أنه لن يحققها بالسياسة.