[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لم تتح فرصة لإسرائيل مثلما اتيحت خلال السنوات الأخيرة من عمر الجحيم العربي الذي مازلنا عالقين به الى اليوم. فإضافة الى التردي الحاصل في البنى العربية، التي كان من إنتاجها أيضا خروج تنظيمات كـ " داعش " و " النصرة " ومشتقاتها من روح المفهوم الصهيوني لتقدم الولاء العملي لإسرائيل بأكثر مما هي ذراع لها.
وجد الإسرائيلي ضآلته في تلك التنظيمات التي قدمت له ماكان يحلم به على مدى سنوات استيطانه لفلسطين. إذا كان هذا الإسرائيلي من أحد طباخي الواقع العربي الحالي، فلا بد أنه أشرف أيضا على النتاج الإرهابي الذي تعصف به المنطقة.. المصلحة الإسرائيلية إذن أن يرقى هذا الإرهاب الى مستوى أكبر وأعم كي تتمكن من خلاله من نشر المزيد من الفوضى. كل مايضر بالمصلحة العربية ينعش الوجود الإسرائيلي. النظرية القائلة بان أميركا ام الإرهاب ربما فيها بعض الصحة، لكن الإسرائيلي عامل مهم في إنتاجه أيضا وفي ترسيم امتداداته وفي اللعب على ان يظل متوقدا كي تظل هي بمنأى عن اي خطر عربي، فاذا عرفنا ان لا اخطار عربية عليها سوى وجود حزب الله وسوريا، بعد ان تم تدجين الجميع، وتذويب النار الثورية التي كانت مشتعلة في الرأس الفلسطيني، فان الكيان العبري سيظل مرتاحا طالما تعصف بالمنطقة العربية ماهو متمثل في الواقع الحالي من نمو للإرهاب، اي نجاح خططها على الاقل في المدى القريب.
لاشك ان عناصر الأزمات الحالية في العالم العربي سيكون لها تأثير بعيد المدى اذا مااعتبرنا انها قابلة للانتهاء غدا، فكيف اذا ترتب لها مزيد من الحرب والتوتر والفوضى والتخريب والقتل واشاعة الإرهاب في مدى اوسع. بعض التحليل يعتبر أننا مازلنا في أول سلم ذاك كله اعتمادا حتى على المتغيرات التي قد تعرفها أميركا في انتخاباتها الرئاسية المقبلة، وهو رهان من أكثر من جهة سواء إسرائيل او بعض العرب وتركيا أيضا.. رهان من هذا النوع يفترض ان يغير الاميركي من اسلوبه في المنطقة فيعيد النظر بمواقف صارمة من سورية وغيرها وحتى من ايران مما يؤدي الى خلط جديد للأوراق، قد لاندري اين ستكون الحسابات من الموقف الروسي قادرة او ثمة اختراع آخر لاتعابه مجددا في ملفات اخرى.
في كل الأحوال تعيش إسرائيل عصرها الذهبي، إذ ثمة من يقاتل عنها ويموت خدمة مجانية لها، بل إن هذا الإرهاب يهبها الحياة المديدة، وفي كل وجود له يمنحها المزيد من الاقامة على ارض فلسطين العربية. الإسرائيلي متنبه لهذه المسألة لأنها تعنيه كيفما التفت. صحيح انه لايريد عربا معادين بعد اليوم، وان الطريق الى هذه النقطة الفاصلة في حياة كيانه بات هنالك من يحمل لواءها، الا أنه بطبعه غير الواثق، يريد سحق الأمة كي يراها في قمة انهيارها، وفي خرابها الأعم، عندها قد يرتاح.. فهو لايريد ولو عربي واحد مازال يتنفس عداوة لها، عدواه قد تعيد إنتاج موقفا عربيا اوسع واشمل.
لهذا كله وجدت إسرائيل انه بدلا من حروبها المباشرة مع العرب من أجل إخضاعهم، يمكن لها تحقيق هذه الغاية بالطريقة التي تحدث الآن باطلاق الإرهاب فكرا وشكلا فيما يقوم الآخرون بتمويله كي يظل في حضنها بالتالي.