[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
”.. لعل أبرز ما تأكد من خلال زيارة الوزير القطري لتونس هو بيان حقيقة ساطعة كادت أقلام السوء أن تطمسها وهي بكل بساطة ما قاله المنجي الحامدي وزير الخارجية التونسية السابق في أحد البرامج التلفزيونية من أن قطر والجزائر وتركيا والاتحاد الأوروبي كانت السباقة إلى الوقوف إلى جانب تونس في أوقات الشدة وأول الدول التي ساندتنا فعلا لا قولا.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دشنت الزيارة الموفقة التي أداها وزير خارجية قطر الى تونس الأسبوع الماضي عهدا نريده جديدا وسعيدا من العلاقات الأخوية القوية التي تربط بين تونس ودول مجلس التعاون. وقد تعاقبت تصريحات سيادة رئيس الجمهورية التونسية أخرها في حديثه للإذاعات حين أشاد بالتعاون التونسي القطري والخليجي عامة وعبارات التقدير التي جاءت في رسالة صاحب السمو أمير دولة قطر لتونس وشعبها والتي أكدها وزيرالخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وهو ما يعزز الإرادة التونسية القطرية والخليجية المشتركة لرسم خارطة طريق للتعاون والتضامن بين بلادنا التي اعتبرها العالم أنموذجا ناجحا للديمقراطية والوفاق وبين شقيقاتها في الخليج العربي. ولعل أبرز ما تأكد من خلال زيارة الوزير القطري لتونس هو بيان حقيقة ساطعة كادت أقلام السوء أن تطمسها وهي بكل بساطة ما قاله المنجي الحامدي وزير الخارجية التونسية السابق في أحد البرامج التلفزيونية من أن قطر والجزائر وتركيا والاتحاد الأوروبي كانت السباقة الى الوقوف الى جانب تونس في أوقات الشدة وأول الدول التي ساندتنا فعلا لا قولا. وهذه المعاني هي التي أكدها رئيس الدولة وأعضاء حكومته والأرقام التي قدمها صلاح الصالحي سفير تونس لدى الدوحة تشكل أكبر دليل على جدية التعاون التونسي القطري في المجالات الاقتصادية الحيوية والمشاريع الوطنية القادمة. وأنا حين أسعد بهذا الصنف من التوجهات الدبلوماسية التونسية فلأن ظروف الحياة السياسية في بلادنا أتاحت لي فرصة الإسهام فيها منذ زمن بعيد وخاصة عندما كنت من بين أصدقاء رئيس الحكومة الأسبق محمد مزالي رحمة الله عليه وكانت بلادنا تعاني أزمة في إقتصادها وهياكلها الإجتماعية بسبب إغلاق أبواب أوروبا في وجوه كوادرنا وأيدينا العاملة حينما أعلنت دول الاتحاد الأوروبي كلها إعتناقها لمبدإ ما سمي (الهجرة الصفر) فكان محمد مزالي يفكر في فتح أبواب الخليج نظرا لما يربطه بقادته من علاقات ثقافية وفكرية وبالفعل قام مزالي بزيارة عمل مطولة الى كل دول الخليج في شهر مارس سنة 1982 و كنت من بين من رافقوه فيها فزرنا الدوحة والرياض والمنامة والكويت وأبوظبي وأتبعناها بمسقط وكل من يراجع أرشيف الدولة لتلك الزيارة يدرك حجم الخيرات التي عادت على كوادر بلادنا التي فتحت في وجوهها أبواب الخليج للعمل في قطاعات التعليم والصحة والبترول وتكنولوجيا الاتصالات وحتى الجيش والأمن واشتهر المقيم التونسي هناك بخصلتين هما الكفاءة و الأمانة كما قال لي شخصيا أحد أبرز قادة الخليج والحمد لله واليوم بعد ثلاثين سنة من تلك الزيارة ومعاهداتها تضاعف عدد التوانسة في دول الخليج عشرات المرات و أنا حين توليت سفارة بلادي لدى الدوحة كان عدد الجالية التونسية في قطر لا يزيد عن 7000 وأصبح اليوم سنة 2016 يتجاوز 20000 كما أكد لي الزميل السفير الحالي. وسعدت من جهة أخرى بالبدء الفعلي في إنجاز المشاريع الكبرى المبرمجة في تونس من قبل شركة (الديار) القطرية وصندوق التعاون التونسي القطري ومن بينها مشروع واحات توزر كما أن المسؤولين القطريين يتجاوبون مع نظرائهم التوانسة حول أولوية تشغيل الشباب وتنمية الجهات المحرومة. ولا أدل على متانة العلاقات بين الدولتين من العرض الذي قدمه السفير التونسي بالدوحة حيث قال: بأن قطر هى ثاني مستثمر عربي فى تونس وفى عام 2014 اصبحت ثاني مستثمر عالمي بعد فرنسا من حيث حجم الاستثمارات فى تونس ما يعكس عمق العلاقات بين البلدين ووصل حجم المساعدات المالية او السندات منذ الثورة حتى العام الماضي اكثر من مليار دولار. علاوة على وجود العديد من المشاريع الاستثمارية الاخرى، ملمحا إلى أن اكبر الشركات القطرية العاملة فى تونس هي شركة اوريدو وبنك قطر الوطني والديار القطرية التى تنفذ مشروع منتجع سياحي كبير فى مدينة توزر فى الجنوب التونسي بقيمة 80 مليون دولار ومن المتوقع الانتهاء منه سنة 2018 كما أن صندوق الصداقة القطرية التونسية يعد مبادرة مبتكرة وذكية لترسيخ تعاون الدولتين في الميدان لتلبية حاجيات حقيقية وقد أشار السفير الصالحي إلى انه انطلق عام 2013 بتمويل 97 مليون دولار بهدف خلق فرص عمل داخل البلاد وبدأ في تحقيق هذه الاهداف بالفعل حيث تم توفير فرص عمل لحوالى 5600 من شباب تونس من خلال تنفيذ الف مشروع، موضحا أن المستهدف مضاعفة عدد المنتفعين من هذه المشروعات 10 مرات بحلول عام 2018 بحيث يصل عددهم الى حوالى 50 الف منتفع من خلال اضافة المزيد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشمل كافة المناطق التونسية. وأكد أن صندوق الصداقة القطري يعد تجربة رائدة فى مجال التشغيل ونعتبره نموذج ناجح لعلاقات البلدين. و نقيس على النموذج القطري كل علاقات تونس مع دول الخليج الخمسة الأخرى حيث تكثفت زيارات التعاون بين بلادنا و كل دول الخليج على أعلى مستوى فتونس تعتبر إقتصاديا و ستراتيجيا بوابة القارتين الأوروبية و الإفريقية و حلقة التواصل بين إمكانات الخليج و قدرات الإدارة و التصرف التونسية و الأسواق الأوروبية و الإفريقية إلى جانب ضرورة التنسيق السياسي في المواقف العربية وهي مواقف لا تزال في حاجة إلى التشاور والتناصح وتوحيد الرؤى المستقبلية في زمن أوصل حال العرب اليوم إلى درجات مؤسفة من الفوضى وفقدان البوصلة.