[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
أكثر المؤتمرات تنتهي حيثياتها عند انتهائها، لأن كل مؤتمر يحتاج لمتابعة، فلا يكفي أن تنشأ لجان تخصص لها أموال كبيرة، بل الجدية في تثمير الكلام الجميل والمنطقي والحاسم الذي يقال عادة على لسان المؤتمرين.
هكذا اعتدنا دائما، حتى في مؤتمرات القمة، وكم عرفنا منها الكثير، سواء لقضية فلسطين أو للقضايا العربية الطارئة وكذلك العالمية، واليوم إسلامية كما هو مؤتمر التعاون الإسلامي الذي انتهى قبل يومين. لا أود هنا أن أكون مجرد شاهد، كإسلامي، فإن حالة المسلمين التي أراها لا تبشر بالخير، ولا تحمل نكهة المستقبل لإنسانهم.
العديد مما سمعته في المؤتمر المذكور تحدث عن الإرهاب الذي يواجهه المسلمون .. كدت أظن أن القادة الحاضرين سيوحدون جهودهم فور انتهاء المؤتمر من أجل محاربة هذا العدو الذي لن يكون جديدا في عالمنا الإسلامي وفي العالم. بل كدت أحسب أن بعض القادة سيخرج على رأس جيشه إلى الحرب مباشرة. بمعنى أني سمعت أجمل الكلام وأكثره تحريضا.
لكني لم أسمع، ولربما فاتني، كلاما في العمق وفي النموذج والمثال .. لماذا لا تنصر سوريا إذن ضد الإرهاب الذي نعرف جميعا مصدره ومن يقف وراءه ومن يموله ويدعمه..؟ ولماذا العراق وحده في معركة مصيرية لا تخصه وحده، بقدر ما هو يقاتل من أجل أن ينهي سطوة إرهاب قد يعم العالم إن هو ربح حروبه في ذلك البلد العربي المسلم. ثم ليبيا التي تقف على مفترق طرق ولم تجد لها طريق السلامة بعد، بل يزداد أمرها تعقيدا حتى باتت دولة فاشلة بكل معنى الكلمة، ثم اليمن في مسار الواقع العربي والإسلامي، والحبل على الجرار إسلاميا.
من الواضح أن تركيا قالت كلمتها على لسان رئيسها بشكل شفاف يدعو للتأمل في الأبعاد التي سمت الإرهاب على حقيقته، لكن تركيا يظل موقفها مشكوكا فيه طالما أن الجميع على علم بموقفها من سوريا المسلمة ومن ليبيا وحتى من العراق.. بدل ذاك الكلام الجميل ضد الإرهاب، لماذا لا تفعله في سوريا؟ ولماذا الإصرار عليه؟
العالم الإسلامي الذي تجاوز المليار بمئات الملايين أيضا، ما زال محاصرا بالتخلف بكل أسف، وبالفقر، ثم بأقصى حالات الإرهاب، حتى كأنه الوحيد الذي يعيش أزماته ولا يجد لها حلا أو مخرجا .. بل متهم بأنه مصدر الإرهاب، ومصدّره إلى أوروبا وإلى بقية العالم .. أن تكون مسلما بكل أسف يعني أنه مشكوك بأمرك إلى أن تثبت العكس .. هكذا يقف المسلم في مطارات العالم أمام رجال الأمن الذين يحاولون قراءة أمره من عينيه أو من سحنته أو من طوله وقصره أو من أجوبته التي يخضع لها أو حتى من ثيابه التي لها ألف معنى ضمن دائرة الشكوك فيه.
كل مسلم بات مطلوبا للعدالة الدولية في عرف الأوروبي أو الأميركي أو حتى الأصدقاء الذين يحسبون حسابا لأي حراك من حراكه. هل تستطيع تلك المؤتمرات أن تغير من رؤية العالم إلى المسلمين وأن تبدل من لهجة شعوبه تجاههم. لنبدأ بأنفسنا أولا تجاه بعضنا البعض قبل أن نطلب من الآخر تغيير سلوكه ورأيه في المسلمين، ليصل بالتالي إلى الإسلام.