في الوقت الذي تزداد فيه العلاقة العربية ـ العربية والإسلامية ـ الإسلامية تأزمًا وفجوة وجفوة، ويتسع على الراقع الخرق في هذه العلاقة، يرتفع سعار العنصرية والاحتلال والاستيطان في فلسطين المحتلة تجاه الأرض العربية الإسلامية، وضد الشعب الفلسطيني العربي المسلم، وكأن هناك إرادة من قبل أطراف محسوبة على العروبة والإسلام أسند إليها مهمة تمزيق كيان الأمة العربية والإسلامية لتُعبِّد كل طرق الاحتلال والاستيطان والوحشية والعنصرية المتجذرة في كيان الاحتلال الإسرائيلي والمتأصلة في الشخصية الصهيونية ـ الإسرائيلية.
فالعجب كل العجب، أن تناظر الأفعال العدوانية بعضها بعضًا في فلسطين التاريخية المحتلة وخارجها كحالة طردية، فكلما مزقت أمة العرب والإسلام ذاتها وبأيدي أبنائها والمحسوبين عليها، كانت يد البطش والإرهاب والعنصرية والاحتلال الإسرائيلية تبطش بالشعب الفلسطيني وحقوقه وأرضه.
لقد كان لافتًا مسار الأحداث والتصريحات في المحيط العربي والإسلامي وما تضمنه من إصرار على استمرار التخريب والتدمير وتمزيق الأمة، بالتزامن مع مخطط سرقة كبير آخر من الأرض الفلسطينية تعد له حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة المتطرف بنيامين نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون لإعطاء سرطان الاستيطان عوامل انتشار وحركة كبيرة، تتمثل في بناء أكثر من مئتي وحدة سكنية في مستعمرات مختلفة في الضفة الغربية وبعض المستعمرات المعزولة بالضفة.
صحيح أن الغرب منذ أن زرع هذا الكيان الإسرائيلي في الأرض العربية، الكيان الغاصب الإرهابي الكاره لكل ما يحمل صفة الإنسانية والبشرية، لم تسترح أرض العالم عامة والمنطقة خاصة بما تحمله من بشر وشجر وحجر، ولم تعرف طعم الاستقرار والسلام، وأنه ليس هناك ما يشير إلى بوادر إيجابية تبعث الأمل في وجود نهاية للمكايد والكوارث والحروب التي يوقدها هذا الكيان العدواني، إلا أن عوامل استشراء سعار العنصرية والاستيطان والوحشية والإعدامات الميدانية والتهويد توافرت اليوم وتضافرت وطالت واستطالت، فلم يعد الغرب وحده مسؤولًا عن دعم وإيجاد عوامل التوحش للكيان الإسرائيلي المحتل، وإنما هنالك دخلت على خط الدعم الغربي خطوط أخرى بهوية عربية وإسلامية، ظهرت إلى العلن منذ تفجير ما سمي بـ"الربيع العربي" وبصورة فجة وغير مسبوقة، فالتحالفات التي كانت تتم وراء الكواليس ظهرت إلى العلن بكل وقاحة واستفزاز، فمن يتصور ـ على سبيل المثال ـ أن ترفرف رايات تنظيمات إرهابية خرجت من رحم تنظيم القاعدة الإرهابي بجوار علم كيان الاحتلال الإسرائيلي؟ ومن كان يتصور أن تبلغ العلاقة الإسرائيلية مداها مع قوى عربية وإقليمية وإلى حد التحالف والتعاون ضد دول عربية لتدميرها؟
المزعج والمؤلم في الوقت ذاته أن عوامل الدعم لسعار الإرهاب والعنصرية والاحتلال لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي لم تقتصر على ما ذكرناه آنفًا، وإنما تعدت إلى الفلسطينيين أنفسهم بملازمتهم ما اختاره لهم عدوهم الإسرائيلي وحلفاؤه بالبقاء في خانة الانقسام والتمزق والتخوين والاتهام، وعدم المصالحة التي عدَّها عدوهم أنها خط أحمر ممنوع تجاوزه. ولذلك ما لم تتوقف تلك العوامل وتصلح الأنفس وتتصالح الأمة مع نفسها وترص صفوفها وتبتعد عن موالاة أعدائها، ويتخلى الفلسطينيون عن انقسامهم، فإن الأحوال والأوضاع إلى مزيد من الدمار والخراب وسعار الاحتلال والعنصرية والإرهاب الإسرائيلي إلى استشراء وانتشار ليدمر الأمة عن بكرة أبيها.