[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تطلع الرئيس الراحل حافظ الأسد بالصحافي الأجنبي الذي كان يجري الحوار معه ورد بهدوء كعادته أن الجولان سيكون كارثة على إسرائيل. لم تؤخذ جملته على محمل الجد، ظن الإسرائيلي أن سوريا إن هي سكتت عن أرضها المحتلة فيعني أنها تنازلت عنها، طارت الظنون طويلا ثم وصلت الى فم نتنياهو الذي نطق بأن الجولان إسرائيلية الى الابد، ومن يضمن كلمة الأبد والعالم يتغير، بل سوريا ردت عليه لتقول له إن الجولان سوريا وسيجري استرجاعها بكل الوسائل ومنها العسكرية.
ومن يدري ماذا كان قصد الرئيس الراحل الأسد بجملة كارثة على اسرائيل، هل في نزاع القوة حين تصل الأمور الى خواتيم يضطر فيها الجيش السوري الى ركوب المخاطر لتحرير الارض التي احتلت عام 1967 ثم ضمتها اسرائيل في الثمانينيات الى ان خرج نتنياهو على الملأ ليقول كلاما ليس بوسعه الحفاظ عليه او الالتزام به الى الابد، وهو يعرف انه لولا خطوة أنور السادات وايقافه للمعركة بما اتفق عليه سرا مع واشنطن، فان السوري كان ملتزما الوصول الى بحيرة طبرية وهو فعلها خلال الساعات الاولى لحرب العام 1973.
نتنياهو يتحدث من الجولان في لعبة نفسية لا تهابها كثيرا سوريا ولا تجد فيها سوى كلام غير ذي شأن في قضية سامية عنوانها ارض الجولان. احيانا يكون كلاما كبيرا كما تفوه به رئيس وزراء إسرائيل معنى عكسيا للحقيقة، وفي أسوأ الافتراضات القائلة بأنه جدي جدا في جملته تلك، فان ذلك لايعني الحقيقة وهو يعرف ان ما من دولة في العالم تنسى أرضها أن هي سكتت في الحديث عنها .. الشعب الفلسطيني مثلا، رغم مواقف السلطة الفلسطينية المائعة من قضيتها الوطنية، فإنه لم يتراجع عن تقديم أقصى ما يملك من تعبير وهو الطعن ، مع معرفة الطاعن ماذا سيكون عليه مصيره.
لو كان يملك نتيناهو الدليل لما تفوه بكلمة الابد، تلك الكلمة التي تعني أيضا أنه فقد ترجمة واقعية لاحساس الخائف على ارتكابات حصلت منذ أكثر من أربعين عاما حين احتل كيانه أرضا عربية إضافها إلى احتلاله لأرض فلسطين التي مازال تأثيرها المعنوي على الشعوب العربية بدون تنازل عنها، فما زالت فلسطين بعد اكثر من ستين سنة البوصلة التي تحرك الحاضر والمستقبل العربي، بل تعيش في عقل وقلب كل عربي رغم ازدحام الساحة العربية بدلائل على اختراقات إسرائيلية سياسية.
مثلما الشعب المصري مازال ضد التطبيع مع اسرائيل، فان شعب الجولان العربي السوري، مازال سوريا حتى العظم، وما زالت ومضات المقاومة بداخل كل واحد منه، والدليل سمير القنطار، وهنالك آلاف منه يستعدون لدور مماثل لدوره.
يسخر كل سوري من كلام نتنياهو الذي سيدفع كل سوري ومؤمن بتحرير الجولان الى التمسك بهذه الأرض الطيبة الغنية. فلا بديل عن الجولان، وسوريا المشغولة برد العدوان عليها من قبل صهاينة تم زرعهم في أرضها، مازال موعدها مع الجولان قائما في أية لحظة، وما زال لديها ما تخبئه للإسرائيلي طالما أن لديها أيضا القوة الجاهزة لدور كبير ضد اسرائيل التي يظن قادتها ان انشغالها ينسيها أرضها المحتلة أن يربكها في معركة الموقع الصح.