[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
نجح مثقفون سوريون في مجلس الشعب الجديد، وفتحوا بذلك رغبة المجتمع لاعطاء الثقافة دورا في الدفاع عن الوطن وفي التمهيد للمرحلة المقبلة التي لانعرف متى تأتي، وأعني إعادة بناء سوريا على قاعدة سلام غير معروف تاريخه أضا.
سوريا في حالة مخاض، ويجب أن نعترف بأن حربها الطويلة خربطت اللوحات كافة من اجتماعية وسياسية واقتصادية وانسانية ... صار السوري ميالا الى العزلة أكثر بكثير من أي وقت مضى، سواء على الصعيد العربي او العالمي او حتى الداخلي .. قليلون جدا من يهتمون اليوم بما يجري في العالم او حولهم، هنالك متابعة حثيثة فقط لأوضاع بلادهم سوريا .. هنالك يوميا كلام عن أمل ، يصبح سرابا في اليوم الثاني ، وقد يتلاشى تماما في اليوم الثالث ليعود من جديد، وهكذا دواليك.
مع إيماننا بدور كل القطاعت الشعبية في رفد المرحلة التي لايبدو أنها ستمر بسلام نتيجة العسكرة المؤامراتية الهائلة، يظل المثقفون من فنانين وكتاب صورة ناعمة لمتطلبات واقع خشن، بل صوت هاديء وسط صخب اجتماعي غير متفائل في أكثره. قدمت المرحلة الستالينية في الاتحاد السوفييتي الثقافة على معظم اهتمامات الدولة، وكانت رغبة ستالين آنذاك أن لايحيد المثقف نفسه عن عملية بناء الدولة الجديدة فكرا وطموحات ورغبة في أن تتحول الى نموذج يحتذى. ومثله فعل فيدل كاسترو في كوبا، وبعده حاول سلفادور الليندي حين استلم مقاليد الحكم في تشيلي أن يعطي للثقافة دورا رائدا في بناء المجتمع التشيلي الجديد .. وكذلك كانت تجربة جمال عبد الناصر في احتضان الثقافة والفن في مصر ورعايتهما كونهما واجهة الأوطان والحياة السياسية وربما أيضا متراس المجتمع في حماية ذاته في شتى الحالات.
اختار المواطن السوري من يمثله في الحياة السياسية السورية التي نعتقد أن ورشة هائلة تنتظرها اذا درسنا واقعيا أن الحرب لن تنتهي غدا، او ربما تقف اليوم .. وفي الحالتين ، هنالك إعادة رسم علاقات متجددة ، بين من وقفوا الى جانب وطنهم في محنته ، وبين من هاموا في الفنادق خمسة نجوم يبحثون عن دور من خلال القفز على وطنهم بالبارشوت، وظنا منهم ان داعمهم على قدر وافر من تأمين هذا المطلب .. فاذا بهؤلاء يصابون بضربة على الرأس ، فلا هم قادرون على دور في الداخل ، ولا هم قادرون ايضا على تشكيل احترام لهم من أهل الخارج الذي يحركهم ، إذن هم إفلاس ولا شيء سوى أنهم صفر في المحصلة.
جميل اختيار الشعب السوري، لكن القصة الوطنية لن تنتهي هنا، وليس من حلم يمكن أن يفيق صاحبه عند الصباح ليجده وقد تحقق، ثمة صباحات كثيرة ستمر على سوريا وهي ملزمة بأن تقدم شهداءها وأن ترمق خرابا مضافا وان يمنع جيشها بكل اسف من صديق مثلا ان يصل الى حسم اهدافه ، فكيف بالعدو المتربص المنتظر الذي تداعبه الاحلام بسقوط الرمز السوري المتمثل بالرئيس بشار الأسد.
بقدر ماهو مطلوب وجود كل القطاعات السورية في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ وطن يمر مستقبله على حد السكين، فإن شعار الكل في خدمة سوريا بات متأصلا في حياة السوريين، فليس هنالك من يراقب فقط او يتأمل أو ينتقد وهو غير مشارك.