[four_fifth_last][author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
اجريت محاولة تجميع رأي شعبي من احدى المحطات التلفزيونية اللبنانية حول انسحاب القوات السورية من لبنان والذي مضى عليه 11 عاما، فإذا بأكثرية الناس تترحم على ايام الوجود السوري، على الأمان الذي ساد، وعلى طبيعة الحياة المختلفة التي رغم كل شيء كانت منتظمة ومنظمة.
لست من اصحاب الخروج السوري في لبنان، لأن هذا البلد القلق بطبعه، يحتاج دوما لقوة خارجية، او لمنطق سياسي خارجي يقبض على مفاصله. لهذا كان الوجود السوري الذي عمر بما يصل إلى الثلاثين عاما تقريبا، بمثابة المطلب الذي احتاجه لبنان للخلاص من حربه ولردع اصحاب الافكار الشريرة ضد هذا الوطن الصغير، ولتأمين سلامة الحياة بما يتناسب مع طموحات اللبنانيين.
لم يكن يفكر احد بأن تصل الأمور في سوريا ذات يوم إلى تدخل من جانب اللبنانيين بإرسال قوى مقاتلة منه للدفاع عن هذه الشقيقة التي ما ان يتطلع المرء إلى خارطتها الجغرافية حتى يعلم كم هو لبنان جزء منها .. فاليوم يقاتل حزب الله وقوى اخرى الى جانب الجيش العربي السوري، ولسنا هنا بصدد الحديث عن تلك المشاركة المباركة، مع كل الايمان بأهمية مفهوم وحدة المصير العربي، وخصوصا بين لبنان وسوريا، واهميته في ان يشكل نواة مستقبلية، ليس من خلال منطق الرسميات التي عنوانها الدفاع العربي المشترك، بل من خلال الاخوة والعروبة والمصلحة القومية والحاجة الوطنية الملحة .. فإذا كانت سوريا قد ساعدت لبنان على حل ازمته الكبري والمصيرية، ايمانا منها بأنه شعب واحد في بلدين كما كان يقول الرئيس الراحل حافظ الاسد، فإن الفكرة ذاتها تنطبق على اللبنانيين اتجاه شعبهم في سوريا.
جميع من حكموا سوريا كان لبنان همهم والنظرة إليه مختلفة عن بقية الاقطار العربية. حتى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي ما زال يعيش فينا، فقد كان يعتبر لبنان شرفة العرب، وانه حين اقامة الوحدة بين مصر وسوريا ظل يوصي بلبنان والمحافظة عليه، وحين تسلم الرئيس الراحل حافظ الاسد الحكم في سوريا، كان اشد الحريصين على لبنان، وبدا ذلك من خلال ما تحمل من مخاطر عندما اندلعت الحرب اللبنانية الداخلية واضطر لحمايته تأمينا ايضا لحماية بلده سوريا.
يوم انسحبت القوات السورية من لبنان راودتني افكار حزينة حول طبيعة هذا الانسحاب الذي لم يكن موفقا في توقيته، مع اني كنت اعلم ان الرئيس بشار الاسد كان يفكر ويخطط لانسحاب قواته من هذا البلد، وكان يعني ذلك اطمئنانه إلى تعافيه. واذا كانت فكرة اي جيش ان لا يبقى في بلد آخر، فإن الجيش العربي السوري لم يكن غريبا عن لبنان وعن اللبنانيين، كان من لحمهم ودمهم ومن اعصابهم ومن روح انشدادهم إلى فكرة الشعب الواحد، وبالتالي فالجيش السوري جيش شعب لبنان.
اليوم ينشغل جيش سوريا بمفخرة الدفاع عن الوطن والأمة، وينخرط لبنان عبر حزب الله وقوى أخرى إلى جانبه فتنتصر وحدة الدم، كما انتصرت في لبنان، كي تظل تلك الوحدة بين البلدين راسخة في عقول الشعب الواحد في البلدين اللذين لا انفكاك بينهما رغم كل الأصوات المغرضة التي لم تتعلم بعد مدى اللحمة ومعناها بين سوريا ولبنان.