[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
”إسرائيل تحاول ضرب الطوائف العربية بعضها ببعض، وتعمل على استمالة بعض زعماء القبائل والعائلات من ذوي النفوس المريضة وتحابيهم على حساب العائلات الأخرى، في محاولة واضحة لتمزيق الصف العربي. لقد دأبت الأحزاب الصهيونية على إدراج بعض الأسماء العربية في قوائمها الانتخابية بما يتلاءم مع مصالحها ويخدم أهدافها في تفتيت وحدة العرب.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرت الأنباء: أن الشاب الفلسطيني مصطفى زهر الدين سعد، أعفي من الخدمة في الجيش الإسرائيلي, وهي المفروضة قسرا على ابناء الطائفة العربية الدرزية، بعد أن أصدر له الجيش شهادة "لا يصلح للخدمة العسكرية"، وهي بالتسمية الشعبية تدعى "شهادة مجنون". وتحولت صفحة عازف الكمان الموهوب مصطفى، على شبكة فيسبوك، الى صفحة تهان مع الكثير من المداعبات "للمجنون الجديد". ومصطفى، هو ابن زهر الدين سعد, الذي سبق وأن رفض الخدمة منذ سنوات الثمانين السابقة. وشقيق عمر الذي أمضى قبل عامين عدة أشهر لرفضه الخدمة العسكرية، لينتزع شهادة الاعفاء، بعد أن أيقن جيش الاحتلال أنه لا جدوى من محاولة كسر ارادته الوطنية. كتب مصطفى على صفحته يومها: "رفاقي، أصدقائي وأهلي، قبل سنة عاهدتكم ألا أحمل السلاح في وجه أهلي، وعاهدتكم أن تكون الموسيقى لغتي الوحيدة". وتابع مصطفى كاتبا، اليوم أزف لكم خبر إعفائي من الخدمة العسكرية المفروضة على أبناء طائفتي العربية الدرزية. كما العديد من شبابنا. وبفضل "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، حصلت على شهادة "مجنون" (لا يصلح للخدمة العسكرية). سأعتز وأفتخر بهذه الشهادة دوما لأنها صدرت من سلطات الجيش الاحتلالي، فكما قال شاعرنا الكبير ابو الطيب المتنبي: "إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ, فهي الشهادة لي بأني كامل"، سلامي لكل من رفض ويرفض أن يكون وقودا لنار حربهم وجنديا في جيشهم". وتبعه شقيقه الأصغر غاندي، الذي يستعد هو أيضا لمعركة قريبة، ليتحرر من خدمة الاحتلال القسرية، فكتب مداعبا: "خذوا الحكمة من أفواه المجانين، عمر ومصطفى اخوتي انتم السابقون ونحن اللاحقون". للعلم, يجد المئات من الشبان العرب الدروز سنويا، طريقا للتخلص من خدمة جيش الاحتلال القسرية، وحسب أبحاث عدة، فإن نسبة خدمة الشبان الدروز في "الجيش" لا تتعدى 48%، مع توجه لتراجع أكبر.
لقد سنّت الكنيست الإسرائيلي من قبل قانوناً, يميز بين العرب في منطقة 48 المحتلة, ويقسمهم إلى مسلمين ومسيحيين ودروزاً.القانون يجعل تمثيل الفلسطينيين في اللجنة الاستشارية لمفوضية المساواة في العمل التابعة لوزارة الاقتصاد, على أساس الطائفة التي ينتمون إليها.معروف أنه يوجد في الحكومة الصهيونية سلطة التكافؤ في فرص العمل، ولها لجنة مسؤولة في وزارة الاقتصاد تمثل فيها هيئات ومؤسسات جماهيرية , والعرب ممثلون فيها كأقلية عربية بدون أية تفاصيل.ما قامت به إسرائيل في هذا القانون هو جعل التمثيل على أساس طائفي،بأن يكون هناك ممثل عن المسلمين العرب وممثل عن المسيحيين مع إسقاط كلمة عرب عن المسيحيين, وممثل عن الدروز. للعلم كانت هذه أول مرة في التشريع, يتم فيه الفصل وتحويل المسيحية إلى طائفة لها تمثيل. إن هذا القانون هو سياسة مفضوحة من الكيان الصهيوني. معروف أنه في الكيان يكتب في الهوية كلمة عربي للمسلمين والمسيحيين بأنهم مسيحيون, وستزال عنهم كلمة"عرب". إسرائيل لا تكتفي بهذا بل تقوم على مبدأ التفريق بين مسيحي ومسيحي، ففي الوقت الذي تعتبر فيه الكاثوليك واللاتين والموارنة, مسيحيين غربيين, فإنها تتعامل مع الأرثوذكس والأقباط على أنهم شرقيون. لقد سلخ الكيان الصهيوني الدروز عن عروبتهم بعد أن كانوا تابعين للإدارة العربية. في أواسط الخميسينات اعترفت باستقلال الدروز دينياً وتم تشكيل المجلس الديني الدرزي في محاولة لضرب العرب بعضهم ببعض. إسرائيل أيضا تعزل البدو في النقب عن إخوانهم العرب، وتتعامل معهم كوحدة منفصلة, ولا تزال تتركهم في أوضاع حياتية متردية، خاصة في النواحي التعليمية, فنسبة التعليم في أوساطهم في أدنى النسب الموجودة في الكيان الصهيوني. إسرائيل تحاول ضرب الطوائف العربية بعضها ببعض، وتعمل على استمالة بعض زعماء القبائل والعائلات من ذوي النفوس المريضة وتحابيهم على حساب العائلات الأخرى, في محاولة واضحة لتمزيق الصف العربي. لقد دأبت الأحزاب الصهيونية على إدراج بعض الأسماء العربية في قوائمها الانتخابية بما يتلاءم مع مصالحها ويخدم أهدافها في تفتيت وحدة العرب.
العرب في الكيان الصهيوني يشكلون مواطنين من درجة ثالثة أو رابعة، كذلك في مستوى الخدمات المقدمة إلى مدنهم وقراهم، رغم تغني إسرائيل بالديموقراطية. لقد قدّم مركز عدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) تقريراً مفصلاً عن الانتهاكات الحكومية لحقوق الأقلية العربية في الكيان الصهيوني، إلى اللجنة الدولية المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة التي تعنى بمكافحة التمييز العنصري. جاء التقرير رداً على تقرير رسمي إسرائيلي توخى الإشارة إلى (التوجه الرسمي الليبرالي في حكومات الكيان) في التعامل مع حقوق الأقلية العربية.
التقرير يشير إلى وجود 20 قانوناً مميزاً ضد المواطنين العرب. وباستعراض ما جاء فيه وفي النشرات الدورية التي تصدر عن المركز، يتضح أن 17 قانوناً منها هي قوانين مميزة بشكل مباشر وصريح، فهي إما تتعلق بحقوق المواطنين اليهود فقط , أو أنها تحد من حقوق المواطنين العرب في إسرائيل،أما القوانين الثلاثة الباقية فرغم لغتها المعتدلة ونصها المحايد،فإن مدلولها غير المباشر مجحف ومميز ضد العرب الفلسطينيين في المنطقة المحتلة عام 48. تتعلق القوانين الــ17 المذكورة بمجالات مختلفة،فمنها قوانين أساس ومصادر القانون الإسرائيلي ,وحقوق المواطنة, وحقوق المشاركة السياسية ,وحقوق الإسكان والأرض ,والحقوق الثقافية ,وحقوق التعليم , والحقوق الدينية، أما القوانين الثلاثة الباقية ذات النص الحايد فتستهدف السيطرة والحد من حقوق الأقلية العربية في إسرائيل فيما يتعلق بالأرض والإسكان.
يبقى القول: لن يستطع الكيان مهما مارس من اساليبه القذرة, فصل إخوتنا الدروز عن انتمائهم العربي الأصيل, وإجبارهم على الخدمة في جيشه الما بعد فاشي. أستذكر في هذه المناسبة شاعرنا الفلسطيني الكنعاني, العربي الإنساني الأصيل العزيز المرحوم سميح القاسم ,الذي كان من أوائل من رفضوا الخدمة العسكرية من إخوتنا الدروز, في جيش الاحتلال ,بالرغم مما كلفه ذلك من عذابات وسجن لفترات متعددة وطويلة.