[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ستظل دمشق تردد ما قالته قبل ايام قليلة جزل ارسال الولايات المتحدة لقوة من جيشها إلى الاراضي السورية من انه احتلال وتعد على السيادة الوطنية .. البعض يرى ان المسألة لا تتعدى ادخال مائتين وخمسين جنديا اميركيا، في حين ان مجرد جندي اميركي واحد يعني احتلالا وتعديا، والأمر ذاته ينطبق على العراق، رغم ان عدد القوات الاميركية التي دخلت اراضي القطر العراقي تتجاوز العشرة آلاف، مما يعني ان الاميركي سيكون في رأس الحملة المقبلة على الموصل من اجل تحريرها كما يوحي بذلك.
الولايات المتحدة تحاول الإشارة إلى وجود للقوات الروسية على اراضي سورية، الأمر الذي ترى في وجود قواتها وضعا طبيعيا. ينسى الاميركي ان بين موسكو ودمشق معاهدة دفاع مشترك تتيح للدولتين ارسال قوات إلى اراضي اي منهما بناء على رغبة الأخرى وبطلب منها، وهذا ما حصل حين طلب الرئيس السوري بشار الأسد من الرئيس بوتين ارسال قوات روسية إلى بلاده فكان ما كان كما نعرف وكما جرى.
الأميركي مصر على وجود تلك القوة الاميركية في سوريا، تشغيلها بالطبع، استخباراتي بالدرجة الأولى، واعادة تدريب وتحديث للقوات الكردية، ترى فيه الدولة السورية ليس تعد فقط، بل محاولة لرسم خارطة الفدرالية بدءا من حيث موقع القوة وحركتها اللوجستية .. بل ان السوري يشير بصريح العبارة، إلى ان الاميركي الذي يسعى إلى تكريس الفدرالية في العراق بدءا من اعتبار محافظة الموصل ابرز وجوهها عند تحريرها، فهو يرى ايضا، ان تحرير الرقة لا يراد له اميركيا ان يكون من خلال الجيش العربي السوري، بل من القوات الكردية والعشائرية، ما يعني ترتيبا لتلك الفدرالية ايضا على الاراضي السورية. وبذلك يلعب الاميركي لعبته المزدوجة، فهو ينسق مع الروسي في عملية احتواء للوضع المتوتر عسكريا في محيط دمشق وفي ريف اللاذقية وغيره، في الوقت الذي يتجاوز ذلك إلى مخططه الخاص في الرقة.
عندما اشار الرئيس السوري بشار الأسد إلى ان الفدرلة في سوريا كارثة محققة، كان على علم بما يخطط له الاميركي والتركي الذي يحشد قواته، ليس لدحر "داعش" "كما تشير بعض الكتابات، بل إلى رسم المنطقة العازلة بالنار، اي بقتال صوري لذلك التنظيم من اجل تقدمه داخل الاراضي السورية، ناهيك عن رضا بعض العرب عن خطوات كهذه.
كل الإيحاءات الاميركية والتركية وبعض العربية اذن تعني الأطباق على الجغرافية السورية من اجل تحقيق الفدرالية، وربطها بالعراق ايضا وايضا. وهذا الأمر لم يعد سرا، ويُسأل الروسي كذلك في امر كهذا، علما ان القيادة الروسية رفضت الوجود الاميركي في سوريا واصدرت بيانا في هذا الشأن تدين فيه ذاك التدخل السافر.
من هنا نرى ان الأحداث الجارية في سوريا تتمحور اليوم حول هذه النقاط بعدما حقق الجيش العربي السوري نقلة نوعية في انتصاراته، وبات عليه ان يتقدم في حلب عبر معركة ضخمة يقال انه يجري التحضير لها وان القرار بانتزاع تلك المدينة من ايدي الإرهابيين القتلة قد اخذ على كافة المستويات والمسألة مرهونة بتوقيت صائب قد لا يكون بعيدا، بعد ان تأذت حلب كثيرا في الايام القليلة الماضية وما زالت تئن تحت وطأة القصف العشوائي الإرهابي الذي يطول مناطقها كافة.