[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2015/09/sayed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]السيد عبد العليم[/author]
”تلعب الموانئ العالمية والاسطول التجاري البحري دورا رئيسيا في تسهيل حركة البضائع وتخفيض اسعار النقل وفي دفع حركة التطور الاقتصادي والنظام العالمي اللوجستي. وتمثل الممرات البحرية أحد أهم النقاط المحورية والحساسة في نقل النفط الخام والمعادن والمنتجات الزراعية والبحرية والصناعية وغيرها من السلع المهمة من مراكز الإنتاج إلى مواقع البيع. وتعمل تلك الممرات والمضايق إلى تقصير المسافات بين الدول في التجارة الدولية.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الممرات والمضايق الملاحية الرئيسية في العالم:
يعتبر النقل البحري الذي يتحمل مسئولية نقل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية هو بحق شريان الاقتصاد العالمي. ولنا أن نتخيل أنه بدون النقل البحري سوف نكون عاجزين عن إنجاز المعاملات التجارية بين مختلف قارات العالم. سواء كانت تتعلق بمواد أولية أو غذائية أو منتجات مصنعة. وهو ما يعني أن نصف العالم سوف يموت جوعاً فيما سيتجمد النصف الآخر! وتسعى البلدان البحرية في الآونة الاخيرة إلى الاستفادة القصوى من موقعها بغية تنويع مصادر دخلها وان كان ثمة تحديات كبيرة تواجه قطاع النقل البحري، وهو ما سنعرض له في تلك السلسلة من المقالات.
أهم الممرات البحرية في العالم:
تلعب الموانئ العالمية والأسطول التجاري البحري دورا رئيسيا في تسهيل حركة البضائع وتخفيض اسعار النقل وفي دفع حركة التطور الاقتصادي والنظام العالمي اللوجستي. وتمثل الممرات البحرية أحد أهم النقاط المحورية والحساسة في نقل النفط الخام والمعادن والمنتجات الزراعية والبحرية والصناعية وغيرها من السلع الهامة من مراكز الإنتاج إلى مواقع البيع. وتعمل تلك الممرات والمضايق إلى تقصير المسافات بين الدول في التجارة الدولية.
مضيق باب المندب:
أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها احتضانًا للسفن التي تسير بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا، وتطل عليه اليمن وجيبوتي وازدادت أهميته مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي، حيث يقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنويًّا (57 قطعة يوميًّا). يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن تمثل 7% من حجم الملاحة العالمية. وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز. ويبلغ عرض قناة عبور السفن هو 16 كم وعمقها 100-200م؛ مما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين.
مضيق هرمز:
يمثل هذا المضيق نقطة اتصال استراتيجية مهمة جدا بين الخليج العربي حيث مناطق انتاج النفط وبين المحيط الهندي وخليج عمان ويتراوح عرض المضيق بين 48 -80 كم. وان كان الجزء المخصص للملاحة فيه مقسم إلى مسارين يبلغ عرض كل منهما 2-3 كم يخص احدهما لدخول الخليج والاخر لخروجه. يمر عبر هذا المضيق حوالي 88% من النفط المستخرج من الدول المطلة عليه وتتجه السفن إلى اوروبا وشرق اسيا والولايات المتحدة.
ويعد أهم ممر عالمي لمرور النفط، حيث يعبره ما بين عشرين وثلاثين ناقلة نفط يوميًّا بحمولة تتراوح ما بين 16.5 و17 مليون برميل، أي بنسبة تمثل 40% من تجارة النفط العالمية بحسب إحصائيات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. لذا فهو يلعب دورًا دوليًّا وإقليميًّا مهمًا في التجارة الدولية. وتصدر دول الخليج نحو 90% من نفطها عن طريق ناقلات نفط تمر عبر مضيق هرمز. كما تأتي وارداتها عبر مضيق ايضا، وخاصة تلك القادمة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان.
ويفصل المضيق ما بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى. ويمثل المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر والامارات العربية المتحدة. وتطل عليه من الشمال إيران، ومن الجنوب السلطنة التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه، باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.
قناة السويس:
أقصر ممر مائي صناعي بين الشرق والغرب، يبلغ طولها 193 كم تقع داخل الاراضي المصرية بين مدينة بورسعيد على البحر المتوسط، ومدينة السويس على البحر الأحمر. ويمر عبر القناة أكثر من ثلثي تجارة العالم أي أن القناة تتحكم في 40% من حركة السفن والحاويات في العالم، وما يقارب من 2.5 مليون برميل نفط يوميًّا.
وتسمح القناة بعبور السفن القادمة من دول حوض المتوسط وأوروبا وأميركا للوصول إلى آسيا دون سلوك الطريق الطويل، طريق رأس الرجاء الصالح. وتسير السفن في قناة السويس بصفة عامة في اتجاه واحد ثم تتبعها السفن في الاتجاه المعاكس. وحاليا يبلغ حجم التجارة الآسيوية التي تمر عبر قناة السويس 22% من التجارة الآسيوية الضخمة. وقد تم مؤخرا افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة لتمثل اضافة جديدة للقناة باختصار وقت انتظار السفن للعبور في الاتجاهين في القناة. وان كانت حركة الملاحة في القناة ترتبط بشكل رئيسي بحركة الملاحة في باب المندب ومضيق هرمز. وقد بلغت إيرادات القناة نحو 5 مليارات دولار خلال آخر سنتين ـ معدل السفن المارة وفقاً لإحصائية 2013 نحو 16596 سفينةـ وتبلغ الحمولة الوزنية في قناة السويس 150 الف طن ويبلغ عمقها 16 مترا وعدد الحاويات 12000 حاوية.
مضيق جبل طارق:
يعد مضيق جبل طارق احد أهم المعابر البحرية في العالم. يقع بين شبه جزيرة إيبيريا شمالًا وشمال أفريقيا جنوبًا، ويصل بين مياه البحر المتوسط، ومياه المحيط الأطلسي. يشرف على المضيق كل من المغرب وإسبانيا ومنطقة الحكم الذاتي بجبل طارق البريطانية. تعود التسمية للقائد طارق بن زياد الذي عبره في بداية الفتوحات الإسلامية لإسبانيا عام 711 م.
وازدادت أهمية المضيق الاستراتيجية نظرًا لوضعه الدولي الذي يسمح منذ عام 1982 لكل بلد أن يحلق في أجوائه ويعبر مياهه الإقليمية، بما فيها الغواصات، بأن يمر دون إبلاغ الدول المجاورة أي إسبانيا والمغرب.
قناة بنما:
تعد قناة بنما ممرا مائيا يعبر برزخ بنما، وتصل القناة ما بين المحيط الأطلسي، والمحيط الهادئ. وتُعد هذه القناة من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم. ففكرة إنشائها طرحها في القرن السادس عشر من قبل الإمبراطور تشارلز كوينت، حتى لا تضطر السفن إلى الالتفاف حول أميركا الجنوبية.
وشكل تدشين القناة في أغسطس 1914 نهاية أعمال استغرقت سنوات طويلة، بدأها أولًا الفرنسيون الذين فشلوا، ثم تلاهم الأميركيون، وشهدت تلك السنوات وفاة 27 ألف عامل من جراء الملاريا والحمى الصفراء. وكان الهدف تقصير مسافة رحلة السفن ما بين مدينة نيويورك وسان فرانسيسكو إلى أقل من 8.370كم، بدلا من أن تبحر السفن حول أميركا الجنوبية قاطعة نحو 20.900كم. الدخل السنوي من رسوم عبور القناة يبلغ 2 مليار دولار. وبعد التوسعة التي تجري حاليا، سوف يتضاعف دخلها.
وحتى تتمكن القناة من الصمود، كان يجب توسيعها وهو أمر مهم في السباق الدائر بين الموانئ والممرات المائية العالمية. وفعلًا كان قد تم إقرار مشروع توسيعها، إلا أنه توقف نتيجة خلافات حول من سيدفع فاتورة التكاليف الإضافية التي تبلغ 1.6 مليار دولار. ثم تم استئناف عمليات التوسعة بهدف تسهيل مرور سفن تزيد حمولتها على 12 ألف حاوية. والحمولة الوزنية لقناة بنما 65 الف طن والعمق 12 مترا وعدد الحاويات 4000 حاوية.
مضيق البوسفور ومضيق الدردنيل:
يصل مضيق البوسفور بين بحر مرمرة والبحر الأسود. بينما يصل مضيق الدردنيل بين بحر مرمرة وبحر إيجه. ويعتبر المضيقان بمثابة الحدود الجنوبية بين آسيا وأوروبا. وتصنف مياه البوسفور ضمن مياه الملاحة الدولية. ويبلغ طول مضيق البوسفور نحو 30 كم، بينما يتراوح عرضه ما بين 50 إلى 3000 متر، في حين يبلغ طول مضيق الدردنيل 61 كم، وعرضه ما بين 1.2 إلى 6 كم، ويتسم مضيق البوسفور بوجود تيارات مائية تجعله أحد الممرات الصعبة في الملاحة.
مضيق ملقا:
يعتبر من اهم المضايق الملاحية ذات الأهمية الاستراتيجية للعالم حيث تعبر منه تجارة اوروبا إلى شرق آسيا ونفط الخليج الى اليابان واستراليا والصين وكوريا ويعبره سنويا حوالي 50 الف سفينة. ويمر من خلال هذا المضيق 30% من حجم التجارة العالمية و80%من حجم النفط المتجه إلى اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.
ويبلغ طول المضيق 800 كم ويتراوح عرضه بين 320 -50 كم عند اضيق مكان حيث يبلغ 2,5 كم فقط وبالتالي هو اطول مضيق مائي ملاحي في العالم ويبلغ اقل عمق فيه 23 مترا مما يشكل عائقا امام ناقلات النفط العملاقة والتي تتجاوز حمولتها 300 الف طن.
ونظرا لكونه يطل على مجموعة من الدول هي (سنغافورة -اندونيسيا – ماليزيا) فلم تتفق هذه البلدان حتى الان على تعميق هذا المجرى الملاحي. كما يمثل ذلك مشكلة اخرى امام مكافحة القرصنة البحرية التي انتشرت بكثرة في السنوات الاخيرة في هذا المضيق وخاصة جهة الساحل الاندونيسي الذي يتمتع بكثرة الجزر والذي يتخذه القراصنة نقطة انطلاق لهم في عملياتهم. وتبلغ الحمولة الوزنية لمضيق ملقا 300 الف طن والعمق 21 مترا وعدد الحاويات 18000 حاوية.