حظيت ندوة (تطور العلوم الفقهية في عُمان .. الفقه الإسلامي والمستقبل ـ الأصول المقاصدية وفقه التوقع) والتي نظمها مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية خلال الفترة من 7 الى 8 ابريل 2009م بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر، بمشاركة علماء ومفكرين من داخل وخارج السلطنة، وتناولت جلسات الندوة محاور وأوراق عمل هامة.
وضمن أوراق العمل المقدمة خلال الندوة مداخلة بعنوان:(الأبعاد الأخلاقية والمقاصدية للنص وأثرها في تحديد الحكم الشرعي) من إعداد الأستاذ الدكتور نورالدين مختار الخادمي من جامعة الزيتونة بتونس.

ـ تأثير البعد المقاصدي في تحديد النص
يتحدث الباحث عن هذا الجانب بقوله: ان البعد المقاصدي مركوز في النص الشرعي، ولذلك فهو مؤثر فيه ومحدد له. ولذلك اعتبر أمرا مهما في معاملة النص وتناوله، سواء على مستوى تلقيه وفهمه، أو على مستوى تحمله وتنزيله. مشيرا الى انه وبناء على ذلك قرر أهل العلم أن إعمال البعد المقاصدي في النص يكون على مستويين اثنين:
ـ مستوى (التقرير النظري) الذي يحدد هذا البعد ويحدد طبيعته وحقيقته، كأن يحدد أن هذا البعد قطعي يقيني أو ظني واحتمالي، أو يحدد أنه نفس المقصود أو وسيلة إليه، أو غير ذلك مما يتحدد نظريا من خلال صيغة البعد المقاصدي وصلته بغيره.
ـ مستوى (التنزيل العملي) الذي يحدد هذا البعد من حيث مناسبته للواقعة المستجدة أو المجال الذي نُزل فيه، ومن حيث مراعاة حال المكلف وقدرته واستطاعته وأهليته لتحمل الخطاب وأداء التكليف، ومن حيث مراعاة قصده ونيته ومصلحته ومآل فعله، ومن حيث مراعاة الواقع وأحواله، واستحضار الأبعاد الإصلاحية والتقويمية لهذا الواقع وفقا لما هو مباح ومتاح ومستطاع.
وقال: والحق أن هذين المستويين يتشابكان فيما بينهما، فلا يرد الواحد تلو الآخر على مستوى الوقوع والحدوث، وإنما يرد الأول على مستوى الإدراك والتعقل والحسم داخل العقل والتصور وعمل الذهن، ثم يرد الآخر على مسرح الواقع ومتلبسا بالواقعة ومقترنا بالمكلف وحاله.
مؤكدا بأن البعد المقاصدي للنص يحدد هذا النص بتحديد حكمه الذي يتضمنه، والذي يحوي هذا البعد المهم، أي أنه لا يمكن تحديد النص بمعزل عن بعده المقاصدي الذي يتضمنه وينطوي عليه، ويمكن أن يكون للنص تحقق ما بمعزل عن البعد المقاصدي، ولكنه يظل تحققا عاريا عن موضوع المقصد الذي لأجله شرع هذا النص، أو الذي لأجله يكتمل تحقق هذا النص على مستوى الفهم والتنزيل، وهذا يعود إلى أن صاحب النص قد وضع هذا النص وقد ضمنه مقصده وغايته، فهو يريد هذا المقصد ويدعو إليه ويحث على ربطه بامتثال الحكم المتضمن في النص.
ومثال الحج المذكور يمكنه أن يعطينا توضيحا لهذا التحليل والتفصيل، فالبعد المقاصدي لنص الحج المتمثل في قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة} ، هو إتمام الحج والعمرة، أي فعلهما على أتم صورة وأفضل صفة، لأن عبارة أتموا تقتضي الفعل وتكميله، وهذا يعني فعل كافة مطلوبات الحج الظاهرة والباطنة، المفروضة والمندوبة، قبل وأثناء وبعد الحج، مع الذات ومع الأهل والغير، مع الله تعالى ومع الإنسان ومع الحيوان والجماد، وهذا أمر معروف في صفة الحج وآدابه، ومعلوم من أخلاق الحاج وأدائه الكامل والتام لشعيرة الحج وأعماله.
موضحا بأن الشارع قد راعى هذا المقصود من قوله:{وأتموا الحج والعمرة}، فالمقصود قد تحدد بصيغة هذا النص، وتحدد كذلك بصلته بالنصوص الأخرى وصيغها وأحوال الشرع في شعيرة الحج، فكلها تفيد معنى جامعا يتصل بأن الشارع يريد فعل الحج الكامل والحج التام أو الحج المبرور كما نطق به رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(الحج المبرور ليس له جزاء إلا لجنة)، وكما كان عليه حجه (صلى الله عليه وسلم)، وكما فُهم من كلام السلف وفعلهم وسيرهم، فكل ذلك دليل على أن الشارع متشوف إلى فعل الحج المبرور، ومع ذلك فهو رحيم بالحجاج ومخفف عنهم، وذلك بترغيبهم في الحج المبرور بحسب قدرتهم على فعله وبذلهم لما هو في مستطاعهم، بدنيا وماليا ونفسيا، ومن تفضله تعالى على عباده وضيوفه، أنه جعل الحج المبرور الحج الذي تؤدى فيه أحكامه الشرعية التكليفية والوضعية، كفعل العزيمة والرخصة، وكفعله على الفور وعلى التراخي، وكفعله بحسب قدرة المكلف ومستواه في التحصيل والتكليف، وطبقا لمقصوده ونيته.
وقال الباحث: فلا يظن بعض أهل النظر أن فعل الرخص المشروعة في الحج مفوت للحج المبرور، أو أن فعله على التراخي كذلك، أو أن التقصير في النوافل والقربات مقلل من تمام الحج، إن الحكم على الحج وعلى مرتبته العالية أو الأعلى أو الأقل؛ يتحدد في ضوء بعده المقاصدي بمفرداته الكثيرة، كمفردة الحمل على التكليف ومواجهة الهوى المذموم، وكمفردة التخفيف والتيسير ووضع العنت والحرج، وكمفردة فعل الرخص في مواضعها وأداء الشعيرة في زمنها، وكمفردة قصد المكلف ونيته وقوة إيمانه، وربما يحصل هذا كله في شخص واحد أو نفر من الحجاج الذين لم يفعلوا كثير عمل أو كثير ذكر، وإنما فعلوا الأحكام التي يصح بها الحج، وحققوا الأدب مع الناس والمكان والمقام، وأدوا ما في مستطاعهم وقدرتهم، ووازنوا بين ذلك وغيره، وبين المصالح والمنافع، وكان حجهم مبرورا بحسن فهمهم وامتثالهم ومراعاة مطلوب الشرع ومقصوده.
منوها بأن البعد المقاصدي للنص الشرعي للحج هو مقصود الشارع في الحج ومراده، ومقصوده هو فعل الحج وإتمامه وتفعيله وتعدية فضله وتعميم أثره، وهو جلب مصالح الحاج ومصالح غيره، وهو رفع الحرج عنهم والتخفيف عنهم والتفضل عليهم، وهو غير ذلك مما ورد مفصلا في بيان مقصود الشارع وفقا للنصوص الشرعية ذات الصلة بتفاصيل هذه المقصود، ووفقا لصيغها ودلالاتها وآثارها، وكل هذا ينطبق على الناس بمختلف أحوالهم وتعدد ظروفهم وتزايد أعدادهم وتفاوت مستوياتهم الذهنية والبدنية والنفسية والروحية والاجتماعية والبيئية.
مشيرا الى ان المهم من كل ما ذكرنا أن البعد المقاصدي يُعد بعدا مهما قد تقرر به النص وتحدد، فالشارع قد ضمن نصوصه هذا البعد، وهو يريد تحقيق هذا البعد في نصوصه وفي أحكامها التي تضمنتها وشملتها.
ـ البعد الأخلاقي للنص الشرعي وتحديده للحكم الشرعي
وقال الباحث: ان معنى البعد الأخلاقي: هو القيم السلوكية والفضائل الإنسانية والمعاني الأدبية التي يتضمنها النص الشرعي وينطوي عليها.
حيث انه معلوم أن النص الشرعي نص أخلاقي فضلا عن كونه نصا تشريعيا أو فقهيا يتضمن الأمر والنهي المنوطين بالجزاء الدنيوي والأخروي، وتقرير هذا البعد الأخلاقي للنص الشرعي هو مبني على تقرير أخلاقية الإسلام بوجه عام، وأخلاقية سائر نصوصه وأحكامه وتوجيهاته؛ فمعلوم أن الدين هو الخلق، أو أن الدين هو المعاملة، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخلق العظيم وبالرحمة للعالمين ولبشير والنذير وبغير ذلك مما يقرر أخلاق الرسالة التي جاء بها وأدب الدين الذين بلغه ونشره ودعا إليه.
منوها بأن هذا ليس إلا دليلا على سريان الأخلاق في كافة البنيان الإسلامي، وفي سائر الأدلة والأحكام والمعاني، وفيما يترتب على ذلك من فهوم واجتهادات وفتاوى ومضامين خطاب وأساليب دعوة وإصلاح وتربية وأدوات معرفية ومنهجية وإعلامية وسلوكية وحضارية.
وقال: ان البعد الأخلاقي في النصوص هو من حقيقة هذه النصوص وجزء من ماهيتها. ودلائل ذلك أكثر من أن تُحصى، منها نصوص التربية والتزكية والأدب والخلق والهدى والاستقامة والخيرية والصلاح والورع والتواضع والإكرام والسماحة، ومنها نصوص وصف النبي (صلى الله عليه وسلم) بأوصاف الخلق العظيم والرحمة للعالمين والمبعوث لإتمام مكارم الأخلاق وبأنه على الهدى المستقيم، ومنها سيرته وسنته الخلقية الرائعة في أقوالها وأفعالها ومواقفها مع الداخل والخارج، ومنها مظاهر أخلاقية الحضارة الإسلامية على مر عصورها وأطوارها، من خلال أنظمتها ودولها وتجاربها وصيغها المختلفة، وهذا كله يؤكد البعد الأخلاقي لشريعة الإسلام وحضارته ومنجزاته عبر العصور.
مؤكدا في هذا الجانب بأن الإسلام ينكر في أكثر من مناسبة عمل الذين يفرقون بين الدين والخلق، أو بين التعبد والتخلق، وهو يعد ذلك الانفصام خللا دينيا وعقديا كبيرا، ومظهرا دالا على سوء الفهم وسطحية التطبيق وخيبة العاقبة، وتراه في مقامات عدة يربط ذكر الدين بالخلق، كما جاء في قوله (صلى الله عليه وسلم): "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وهو ربما يشير في هذا التوجيه النبوي الكريم إلى ربط الدين بالخلق، أو ترتيب الخلق الكريم على التدين الصحيح، وإلى عدم حصر الدين في قوالب في الفهم والتطبيق لا تعبر حقيقة عن المدلول الصحيح للتدين الحق، أي إلى عدم إفراغ التدين من مضمونه الخلقي ومحتواه الأدبي، وإلى جعله ممارسة شكلية تقف عند الظواهر وتنفي السرائر، وتوهم بالالتزام وتتوهم الامتثال.
ـ مراعاة البعد الخلقي في تحديد الحكم الشرعي
وقال: المراعاة هنا هي مراعاة من قبل الإنسان المسلم المتعامل مع النص الشرعي، وهي تقع على مستوين اثنين:
ـ مستوى (التقرير النظري) الذي يحصل به صحيح الفهم للنص الشرعي ولبعده الأخلاقي المتضمن له، أي على المتلقي للنص أن يعلم أن هذا النص نص أخلاقي يرمي إلى تحقيق الخلق الكريم والأدب العظيم وفقا لمدلول النص وتوجيهه ومراد الشارع فيه.
ـ مستوى (التنزيل العملي) الذي يحصل به التطبيق الأمثل للنص في الواقع والحياة، وعلى المتلقي للنص أن يسعى عند تنزيله إلى تحقيق بعده الأخلاقي والأدبي، وأن لا يعريه أو يخليه من مضمونه التربوي ومحتواه الأدبي الذي يرسخ قيم الإسلام وأخلاق الدين وفضائل الأعمال.
موضحا بأن الإنسان المسلم المتعامل مع النص ليس على مستوى واحد من حيث التعامل مع النص ومع استخراج وتقرير بعده الأخلاقي، فهناك الإنسان المجتهد والمفتي، وهناك العالم والمربي والخطيب والداعية والمصلح، وهناك المكلف العامي والأمي، وهناك أصناف أخرى من الناس.
وقال: ولهذا التفاوت أثره في تقرير البعد الأخلاقي للنص الشرعي، فعمل المجتهد في تقرير البعد الأخلاقي ليس كعمل الخطيب أو المربي، وعمل العالم المتخصص ليس كعمل العامي والأمي، وربما يشترك الجميع في مجال عمل كل واحد منهم، فالمكلف ينبغي أن يظهر تقريره لهذا البعد في مجال قيامه بواجباته التكليفية؛ بما يلتزم به من خلق وأدب في مزاولة هذه الواجبات، وذلك بفعلها صحيحة وبترتيب آثارها التربوية على نفسه، وباستحضار ما يترتب عليها من أخلاق وحسن معاملة الآخر، وينبغي على المكلف أن يتربى في تدينه والتزامه على تقرير المعنى الخلقي في نفسه كما يتربى على تلقي النصوص والأحكام، فلا يُقتصر في تربيته وتعليمه على إيراد النصوص والأحكام الشرعية مفرغة من معانيها الأخلاقية وفضائلها الأدبية.
هذا بالنسبة إلى المكلف، أما بالنسبة للعالم المجتهد، فعليه أن يستدعي البعد الأخلاقي في نظره واجتهاده وإفتائه، وأن يحمل الناس على نوط فعل الحكم بفعل الخلق، وعدم الفصل بين ظاهر النص ومضمونه الخلقي والقيمي.
والمجتهد يفعل ذلك وفقا لتكوينه ورسوخه وتحقيقه، وينزل الأمور بحسب مقاماتها ومناطاتها، وهو في كل ذلك مبدع ومتقن لا يتكلف ولا يتعسف، ولا يخلي النص من بعده الأخلاقي ومن تفاصيل ذلك البعد وتجلياته في واقع الناس وشتى أحوال المكلفين.
وكم أصيب بعض اجتهادنا وإفتائنا باستبعاد استحضار بعد الأخلاق وبحمل بعض الناس على ممارسات طغى فيها جانب الشكل والمظهر على جانب المعنى والمقصود، وكم من فتاوى قد آلت إلى رفع اللوم وادعاء الفعل والتنصل من الملاحقة الدنيوية أو الأخروية.
مستويات مراعاة الأبعاد الأخلاقية والمقاصدية
للنص في تحديد الحكم الشرعي
وقال: ان مراعاة هذه الأبعاد تم على مستوى تأسيس النص وتقريره باعتبارها مرجعا للمكلفين المسلمين وباعتباره دليلا على الأحكام وطريقا إلى ترسيخ الأخلاق والقيم، وجلب المصالح ودرء المفاسد. ففي هذا التأسيس أراد الشارع تعالى تضمين النص الشرعي مراده ومقصوده، من حيث تقرير الامتثال في النفوس والواقع، ومن حيث جلب مصالح الخلق والرفق بهم، ومن حيث ترسيخ القيم الإنسانية وتعمير المجتمع البشري بالخير والتواصل والتعاون والتدافع والتنافس ومزاولة العدالة الاجتماعية والسياسية والحضارية العامة، ثم إن مراعاة هذه الأبعاد تتم على مستويات أخرى تتعلق بالمكلفين والناس، وهي المستويات التي يُلاحظ فيها إعمال هؤلاء لهذه الأبعاد في مجالات تكاليفهم وأعمالهم وأدوارهم المختلفة؛ وهو ما يدعو هؤلاء إلى استدعاء مراد الشارع من تنزيل النصوص وتقريرها في الحياة، وإلى استحضارها في معاشهم ومآلات حياتهم، وفقا لما هو ممكن ومستطاع، وفي ضوء بذلهم لقصارى جهدهم ومنتهى اجتهادهم قصد تحصيل هذا المراد الإلهي وجلب أكبر قدر من المصالح والمنافع في معاشهم ومعادهم.
منوها بأنه ومن هنا يمكننا الحديث عن دور كل فرد أو مجموعة ـ كل حسب تخصصه وإمكانياته وظروفه ـ في مراعاة هذه الأبعاد واستحضارها وإعمالها في مجالات أعمالهم ومساحات فعلهم وتأثيرهم.
وقال: يمكننا الحديث عن دور المجتهد والمفتي، ودور القاضي والحاكم، ودور الإعلامي والتربوي، ودور المؤسسة والهيئة والدولة، ودور الإمام والخطيب والمفكر والمصلح، ودور المذهب والاتجاه والفريق، يمكننا الحديث عن دور هؤلاء وغيرهم في كيفية استدعاء هذه الأبعاد وإحضارها كي يكون لها أثرها في كيفية فهم الأحكام الشرعية وتنزيلها في واقع الناس وأحوال المجتمع والدولة والعالم.
وهذا يؤول بنا إلى بيان كيفية استلهام المرجعية النصية الشرعية في بعديها الأخلاقي والمقاصدي، أي إلى كيفية التعامل مع المرجعية الأخلاقية والمرجعية المقاصدية باعتبار كونهما جزءا من المرجعية النصية والشرعية الكلية بوجه عام. ومعلوم أن الأخلاق الإسلامية والمقاصد الشرعية أصبحتا من المعلوم من الدين بالضرورة، وأضحتا دالتين على رمزية مهمة في الاستدلال والاستنباط، وأمسيا معدودين من القواعد المرعية في الفهم والتطبيق.
وقال: وهذا كله يحيلنا إلى تفكيك الارتباط بهذه المرجعية والعودة إليها والاستئناس بها أو التعويل عليها في تقرير الأحكام الشرعية فهما وتنزيلا وتفعيلا وترجيحا. ومن ضروب هذا التفكيك:
ـ العناية بالجوانب المعرفية للمرجعية الأخلاقية والمقاصدية، ومن ذلك بيان المفهوم والأمثلة والحجية وإيراد القواعد والمسائل والشروط والضوابط المتعلقة بحقيقة الأخلاق والمقاصد باعتبارهما حقيقتين شرعيتين وعلمين إسلاميين وبعدين اثنين تضمنهما النص الشرعي الجزئي والكلي.
ـ العناية بالجوانب المنهجية والتحليلية والترتيبية للجوانب المعرفية المتعلقة بالبعدين الأخلاقي والمقاصدي، وهذا شأن النظر والاستقراء والتأليف والتنزيل وغير ذلك.
ـ العناية بالجوانب الواقعية التي ترصد الواقع وتحلله وتفككه وتحدد سماته وأحواله للبناء عليها ومراعاتها واستحضارها في الفهم والتنزيل.
ـ العناية بالجوانب التنزيلية التي تُنزل فيها الأحكام الشرعية بأبعادها الأخلاقية والمقاصدية، والتي تراعى فيها شروط ذلك وأدواته ووسائله ومستلزماته، ومن ذلك: الاستعانة بالخبراء في رصد الواقع، واعتماد المناهج العلمية الإحصائية والتحليلية، والاستعانة بالوسائل العصرية والوسائط المعرفية في إشاعة الفكر المقاصدي والروح الأخلاقية في أداء واجب التدين والتفقه والقيام برسالة التكليف والاستخلاف والشهود الحضاري، وغير ذلك.
وفي ختام ورقة بحثه قال: نقرر حقيقة جامعة لكل ما ذكر، أن النص الشرعي وحدة متكاملة، معرفيا ومنهجيا، وهو ما يستلزم عمق النظر فيه والإحاطة بكل عناصره ومكوناته ومعطياته، وربطه بغيره مما له صلة به، سواء من جهة تقرير العلم الكامل بماهيته، أو من جهة تقرير طبيعة معاملته للواقع وتأثيره فيه.
مؤكدا بأنه لا شك أن هذا الأمر تتجاذبه دراسات عدة وتشترك فيه همم كثيرة، وهو مما يُلاحظ فيه التداخل العجيب، ومما يستلزم التحقيق البديع والتحرير الدقيق. والله المستعان.