[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” الكيان جمع مباديء الظاهرتين الأسوأ في التاريخ البشري وطورهما لما بعد الظاهرتين. ولذلك, ما دام العالم لم يتعايش مع الظاهرتين مطلقا بل حاربهما , حتى القضاء عليهما في عقري داريهما, وما دامه اعتبر الصهيونية شكلا من أشكال التمييز العنصري (من خلال قرار واضح صادر عن الأمم المتحدة, ومعروفة ظروف إلغاء القرار) فكيف يطالبنا بالتعايش مع النظام العنصري الصهيوني؟”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمناسبة يوم الانتصار العالمي على الفاشية والنازية يوم التاسع من مايو 1945 ووضع العلم السوفييتي على مبنى البرلمان (الرايخستاج) في عاصمة النازية آنذاك برلين. حيث يحتفل الشعب الروسي، وإلى جانبه شعوب البلدان الأخرى في التاسع من مايو كل عام، بانتصار الخير على الشر وانتصار الضوء على الظلام، ويحيي الشعب الروسي في هذا اليوم ذكرى 30 مليون من ضحايا الحرب الوطنية العظمى (1941-1945) الذين ضحوا بأرواحهم وسقطوا في معارك تلك الحرب دفاعا عن استقلال وطنهم وسلامة أراضي دولتهم وحياة أطفالهم وآبائهم وأمهاتهم.
بداية , من الحري الكتابة عن أهمية المقاربة بين النازية والفاشية واتصاف الكيان الصهيوني بكليهما .. مفهومان يكادان يكونان وجهين لعملة واحدة، مذهبان مختلفان بالمسمى ، متشابهان بالمميزات والخواص، فكلاهما ظهر في نفس المرحلة, وهما يتبعان منهج الاستعباد والسيطرة التامة، واستخدام العنف والحرب العدوانية للوصول إلى السلطة والثروة، ولو من خلال احتلال أراضي الغير. كان للفاشية دور كبير في إجراء التغيرات على المجتمعات الانسانية، كما هو حال النازية، وهذا الدور لم يكن بالايجابي بالطبع, بل على العكس فقد كانا سببا لقيام الحروب والكوارث وللدمار وسخط الشعوب وزيادة مشاكلها، وذلك على نقيض ما كانتا تدعيانه من اصلاحات ووعود لشعوب مستقرة آمنة، لم تنته الفاشية والنازية بعد سقوطهما، فقد ظل اتباعها يحاولون إقامتهما مرة أخرى من خلال إعادة إنتاجهما أو اختراع أشكال متفرعة عنهما, كالصهيونية. نعم, حتى هذا اليوم موجودتان مباشرة أو بشكل جديد. موجودتان بمسمى مختلف وطريقة مخفية، لكن الهدف واحد والمبدأ لا يختلف، المقال يناقش مفهوم ومبادىء الظاهرتين وتفرعهما الصهيوني.
يجب التفريق بين كل من المفهومين: الفاشية تعني جماعة أو رابطة سياسية, عادة ما تتكون من خلفية تدّعي الاشتراكية. تزعمها موسوليني في ايطاليا. أما النازية فهي حركة سياسية ذات طبيعة شمولية تأسست تحت اشراف أدولف هتلر في ألمانيا عقب الحرب العالمية الأولى. النازية هي مذهب سياسي يشير مباشرة الى نظام هتلر , الذي حكم ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي وسبب اشتعال الحرب العالمية الثانية.. وهي تعريف مختصر لـ "الوطنية الاشتراكية", التي تمزج بين الاعتزاز الوطني المتطرف، والنهج الاشتراكي المرن (الذي يسمح بتواجد الرأسمالية والثروات الفردية. وكما التصق مصطلح "النازية" بألمانيا وهتلر، التصقت "الفاشية" بإيطاليا وموسوليني وهي تشير غالبا الى حكومة مستبدة يرأسها نظام دكتاتوري. وهي تتفق مع النازية في التطرف الوطني, والقومي ولكنها تميل أكثر للمبادئ الشمولية والإفراط في الحكم المراقبة والمراقبة والتوجيه المستمر للشعب.( المركزية). يعتبر القميص الأسود هو الزي الرسمي لحزب موسوليني واتباعه الفاشيين, والتي تعبر عن الفوضوية. وكان العلم الأسود الذي يحمل رسما لجمجمة, هو شعار الفاشيين، وكانت الكتائب ذات طبيعة عدوانية مستبدة، كانوا قساة لا يرحمون أحدا. اما النازية فكان رداء حزبها هو القميص البني، والعلم الذي يعتبر راية الحزب هو علم ذو لون احمر بوسطه صليب معقوف باللون الاسود، وكان جيش هتلر عدوانيا قاسيا يعمل على تصفية اعدائه بكل القسوة.من حيث المبادىء, تتمثل في ان الفاشية هي القوة العظيمة المهيمنة على حساب الافراد والمجتمع، وان لا سلام بل حروب متتالية للهيمنة على الجوار أولا على طريق السيطرة على العالم. كما لا مكان للحرية الفردية، فللفاشي وظيفة وهي خدمة المبدأ الفاشي والقائد.وكذلك فان الحكومة والدولة لهما حق التدخل في حياة الأفراد (عموم الناس). مبادىء النازية إضافة لكل ما سبق: احتكار الاعلام ووسائله للألمان وعزل كل الآخرين عنه. للألمان الأولوية في كل شيء فهم سادة على كل البشر.
الكيان جمع مباديء الظاهرتين الأسوأ في التاريخ البشري وطورهما لما بعد الظاهرتين. ولذلك, ما دام العالم لم يتعايش مع الظاهرتين مطلقا بل حاربهما , حتى القضاء عليهما في عقري داريهما, وما دامه اعتبر الصهيونية شكلا من أشكال التمييز العنصري (من خلال قرار واضح صادر عن الأمم المتحدة, ومعروفة ظروف إلغاء القرار) فكيف يطالبنا بالتعايش مع النظام العنصري الصهيوني؟ فإن يكون نظام ما .. فاشيا في سلطته ونهجه وممارسته واعتداءاته المستمرة على الآخرين في محيطه .. يعني: أنه يرسم طريق اندثاره, ويحفر قبره بيديه. هذا في حالة البلد الذي يعيش نظامه الفاشي على رأس سلطة بلده, فكيف بفاشية بنت دولتها على أرض اغتصبتها عنوة وبالتعاون مع الدول الاستعمارية لتكون رأس جسر لها في منطقة غريبة عن الطرفين؟ كيف بنظام فاشي يقوم باقتلاع سكان البلد الأصليين وتهجيرهم, واستقدام مهاجريه من شتى أنحاء العالم ليكونوا سكان البلد المحتل, الذي يدّعون الحق فيه زورا وبهتانا؟ كيف بنظام يمارس العنصرية البغيضة في سياساته تجاه كل الآخرين؟. الكيان الصهيوني هو كل هذه الصفات مجتمعة, ولكن بشكل أكثر تطورا, أكثر وحشية وعنفا وهمجية. إنه نظام سياسي وصل إلى مرحلة ما بعد الفاشية, ما بعد النازية, وما بعد العنصرية .. إنه نظام سوبرفاشي, سوبر نازي وسوبر عنصري. بالتالي من الطبيعي والحالة هذه أن نعمل, والعالم مطالب بمساعدتنا على اجتثاثه تماما كما جرى اجتثاث الفاشية والنازية. تاريخ الكيان منذ إنشائه حتى اللحظة مفطور على المذابح الجماعية وكل أشكال العدوان الذي هو سلسلة متواصلة للحروب والاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين وعلى الأمة العربية منذ إنشاء دولة الكيان حتى هذه اللحظة. العدوانية هي إحدى متلازمات وجود إسرائيل وسماتها, كل الذي تغير مثلما قلنا: هو تطور أدوات ووسائل القتل والتدمير الصهيوني, وتطور أساليب الكيان الما بعد نازي. لم تختلف إسرائيل منذ بدايتها وحتى الآن, مثلا, في وجود متغيرات فيها تجنح نحو التعايش مع الآخر والسلام معه, بدليل أيضا: ما تعبر عنه الإحصائيات المتعددة التي تجري في الكيان: من أن التطور الأبرز: هو أن الشارع الإسرائيلي يتجه نحو المزيد من اليمين والتطرف.
وفي الختام نذكّر: بأن أكثر المتشائمين لم يتوقعوا انهياراً للإمبراطوريات النازية والفاشية وحتى البريطانية التي لم تكن الشمس تغيب عن ممتلكاتها ولا الإمبراطورية الرومانية، وغيرها من الإمبراطوريات،هذا الحال سينطبق على إسرائيل أيضاً فصلفها وعنجهيتها لا تقوم بفعل سوبرمانياتها، بل بالقدر الذي تقوم فيه على ضعفنا نحن، نعم نحن، والحقيقة الأكيدة بأن مآلها إلى زوال. لا نقول ذلك بشكل عاطفي انطلاقا من دوافع رغبة ذاتية وتمنيات, ولا انطلاقا من مجرد الكلام لأجل الكلام فقط .. وانما على خلفية التحليل العلمي الدقيق لهذه الظاهرة الإسرائيلية, التحليل المبني على متابعة حثيثة لكل شاردة وواردة مما يحدث داخل هذا الكيان, وعلى خلفية تجارب التاريخ وتعامله مع الظواهر الشبيهة بفاشية الكيان... بالتالي، فإن كل ذلك يولد حتمية الإيمان بمثل ما أقول. هذا إلى جانب حقوق شعبنا الوطنية والتي لا تذهب بالتقادم بل تزاد تجذرا في أذهان أبناء شعبنا وأمتنا... ولن تضيع حقوق , يقف خلفها مطالبون.