[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
الحرب ليست نزهة، توصل الزعماء الأميركيون لهذه القناعة المرّة بعد أن قاسوا مرارة وجودهم في العراق بين عامي 2003 و2011 ، ولم يعترفوا بهذه الحقيقة إلا بعد أن نهش القتل من مجنداتهم وجنودهم الآلاف، وظلت سياسة البنتاجون والبيت الأبيض تحاول التستر على الخسائر ، سواء بمنع تصوير التوابيت التي يرسلها العراقيون باستمرار، أو الكذب في البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع عن القتلى والجرحى والمعوقين، لكن الكثير من العراقيين كانوا يسخرون من الكذب الأميركي، فعندما يدمر المقاومون عدة عربات همر ودبابات بصواريخ الأر بي جي والعبوات المزروعة على جوانب الطرق ، ويتأكدون من قتل جميع من كان بداخلها وإذا بالبيان الأميركي يتحدث عن وفاة جندي واحد وفي كثير من الأحيان يتم تزيين المشهد بعبارة " أثناء حادث سير" أو بنيران صديقة، في حين يتحدث الواقع العراقي عن صور وحقائق مختلفة تماما.
من المتوقع أن يعود ذات السيناريو في العراق ، ولكن لا يستطيع أميركي واحد القول إنهم في "نزهة"، لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما قال في خطابه الشهير الذي أعلن فيه سحب كافة القوات الأميركية من العراق ( اكتوبر عام 2011) قال بالنص، إن جيلا من الأميركيين سيعاني من حرب العراق، وأن دخول العراق من قبل القوات الأمريكيية كان خطأ فادحا، وقال سواه من المعلقين والسياسيين والإعلاميين كلاما مشابها لما قاله اوباما، واعتقد الأميركيون أن الاتفاقية الموقعة مع بغداد في شهر نوفمبر عام 2008 وبعد ذلك سحب القوات نهاية 2011 ستضع حدا لمسلسل الخسائر البشرية الأميركية في العراق، ورغم الحذر الشديد الذي تتعامل فيه الادارة الأميركية مع مسألة نزول الجنود الأميركيين على أرض عراقية، إلا أن الأحداث الجارية تشير إلى احتمال عودة مسلسل الجثامين العائدة من العراق إلى الولايات الأميركية عبر القاعدة الأميركية في المانيا، وفي حال تورطت أميركا مجددا ولم يتعظ زعماؤها من درس العراق القاسي والمخيف للأميركيين، فإن الكثير من الدماء ستسيل وأن السخط سيرتفع هناك لكن هذه المرة سيكون قاسيا على زعماء البيت الأبيض، ومن الواضح أن الرئيس اوباما يريد أن يدفع بالامر حتى نهاية ولايته، فهو الذي بنى خطابه الانتخابي على اعتراضه الشديد على غزو العراق، وفي كل مرة يٌذكّر الأميركيين بالخطأ الفادح الذي ارتكبه سلفه بوش الابن.
مطلع مايو الجاري تحدث اشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي بمرارة عن مقتل جندي أميركي في شمال العراق، وفي شهر مارس الماضي تم الإعلان عن مقتل أول جندي أميركي في العراق في حرب العودة الثانية، في الوقت الذي يواصل الأميركيون حديثهم عن وجود مستشارين فقط ، لكن عندما يصل مسلسل القتل إلى المستشارين فإن الصورة قد تكون أكثر قساوة على عوائل الجنود الأميركيين خاصة أولئك الذين غمرتهم فرحة نهاية عام 2011 بعد هروب أبنائهم من محرقة العراق.