تشارك السلطنة ممثلة في وزارة البيئة والشؤون المناخية مساء اليوم(السبت ) دول العالم الاحتفال بساعة الارض ، حيث سيتم اطفاء الاضواء من الساعة الثامنة والنصف مساءً الى الساعة التاسعة والنصف مساءً في عدد من المناطق في محافظة مسقط ومختلف محافظات السلطنة وكذلك اطفاء الاضاءة والأجهزة الكهربائية في عدد من مؤسسات القطاع الخاص بما لا يضر بمتطلبات الامن والسلامة ، كما تشارك مع الوزارة في هذه المناسبة عدد من الجهات الحكومية وعدد من مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ، وذلك كجزء من مشاركة السلطنة دول العالم الاهتمام بقضية الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية ، وحماية كوكب الارض من التلوث والاستنزاف بطريقة غير سليمة تؤدي الى آثار سلبية بالصحة العامة والموارد الطبيعية .

وساعة الارض هي حدث عالمي يتم من خلاله الطلب من ملاك المنازل والأعمال اطفاء الاضواء والأجهزة الكهربائية والالكترونية غير الضرورية لمدة ساعة واحدة في أخر يوم السبت من شهر مارس من كل عام ، وذلك لرفع الوعي بمخاطر التغيرات المناخية والاحتباس الحراري . وقد بدأت هذه الحملة في مدينة سيدني الاسترالية عام 2007م ، فاستخدمت المطاعم شموعا للإضاءة ، وأطفئت الانوار في المنازل والمباني البارزة بما فيها دار الاوبرا وجسر هابور ، وبعد نجاح هذه الحملة ومشاركة 2.2 مليون شخص من سكان مدينة سيدني انضمت 400 مدينة للاحتفال بساعة الارض في 2008م .

إن التغيرات المناخية أصبحت أمرا واقعيا ، فعالمنا اليوم اشد حرا مما كان عليه منذ ألفي سنة مضت ، و التغيرات الطبيعية التي تعيشها دول العالم حاليا من أنواء مناخية و أعاصير مدارية وفيضانات موسمية وزلازل بحرية قوية وبراكين ما هي إلا إحدى الصفحات المثيرة للتغيرات المناخية المفاجأة ، والدلائل العلمية لهذه التغيرات تؤكد على ارتفاع متوسط درجة الحرارة خلال الأربعين سنة الماضية ، حيث تعتبر السنوات الحالية هي الأكثر حرارة خلال العقود الماضية ، كما شهد متوسط سقوط الأمطار زيادة منذ بداية القرن العشرين وحتى عام 1960م تقريباً إلا إنه انخفض منذ بداية عام 1980م . ومن المتوقع أن يكون للارتفاع في درجات الحرارة تأثير على الغابات وعلى الغطاء النباتي بسبب الجفاف والتغير في مستوى التهطال ( سقوط الأمطار) .

تأثيرات التغيرات المناخية

نتيجة لتزايد درجة حرارة الكرة الأرضية فان الاحترار العالمي قد يتسبب في تغيرات مناخية يكون من شانها الإخلال بالبيئة الطبيعية المحيطة بالإنسان والتأثير على العديد من الأنشطة البشرية بالإضافة إلى توقع ارتفاع مستوى سطح البحر أربعة أضعاف معدل الزيادة خلال المائة سنة الماضية وبالتالي فانه من المتوقع غمر الجزر الصغيرة والمناطق الساحلية في عدة أماكن من العالم ، وزيادة حدة الظواهر الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات والعواصف والأنواء المناخية ، وزيادة نسبة ملوحة آبار المياه الجوفية ، وارتفاع درجة رطوبة التربة ، وزيادة نسبة التبخر وجفاف العديد من مصادر المياه الثانوية ، بالإضافة إلى تغير أنماط الزراعة.
أن التغيرات المناخية في العالم تحدث بسبب زيادة الأنشطة البشرية لتراكيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة , فكلما اتبعت المجتمعات البشرية في مسيرتها التنموية أنماط حياة أكثر تعقيدا واعتمادا على المعدات والآلات المعقدة احتاجت إلى مزيد من الطاقة ، مما يؤدي إلى حرق المزيد من الوقود وبالتالي رفع تراكيز غازات الدفيئة الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي وتضخيم قدرتها على التأثير على النظم المناخية في العالم و هو ما يدعو إلى القلق ، حيث أن هذا الأمر كفيل بان يرفع حرارة كوكب الأرض بسرعة لا سابقة لها في تاريخ البشرية مما قد يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على مجموعة واسعة من الأنظمة المناخية والايكولوجية والقطاعات الأخرى منها على سبيل المثال قطاع الغذاء والألياف ومنتجات الغابات والأنظمة الساحلية والمناطق المنخفضة و إدارة المياه والأنشطة الصناعية والمستوطنات البشرية والصحة العامة ، وبالتالي فان تأثيرات التغيرات المناخية بهذه الطريقة يمكن أن تؤدي إلى عواقب مناخية وايكولوجية واجتماعية واقتصادية واسعة النطاق قد يكون من الصعب أن يتم التنبؤ بحجمها
كما انها ستأثر في قدرتنا على تلبية الاحتياجات البشرية في المستقبل ، إذ سينجم عنها تغير في الظروف الزراعية وفي التوجهات المحلية والإقليمية المعنية بالجفاف والفيضانات والعواصف والأنواء المناخية وغيرها من التأثيرات الأخرى على المجتمعات البشرية وعلى البيئة الطبيعية . وسيكون لهذه التأثيرات الناتجة من تلك التغيرات المناخية وقعا غير متكافئ على الفقراء في العالم . وبغض النظر عن نسب التغيرات المناخية فان غالبية التأثيرات السلبية ستقع على كاهل الدول الأفقر الأقل قدرة على حماية نفسها من ارتفاع مستويات البحر وانتشار الأوبئة وتدهور الإنتاج الزراعي ، كما أن الدول الصناعية المتقدمة هي المسؤولة عن حوالي ( 50 % ) من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة ، إلا انه في نفس الوقت نجد أن تلك الدول الصناعية المتقدمة اكثر قدرة على مواجهة المشاكل والتأثيرات السلبية الناتجة من التغيرات المناخية .
وضعية البلدان العربية
أن من أهم التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الوطن العربي هو زيادة ظاهرة الجفاف بمعدلات متسارعة نظرا لارتفاع درجة الحرارة الناتجة عن التغيرات المناخية ، حيث أن هناك دولا عربية تتعرض لموجات من الجفاف الحاد بينما تتعرض دول أخرى لموجات من الفيضانات العالية ، كما انه في السنوات الأربعين القادمة سوف تتراجع مستويات المياه في الأنهار ومصادر المياه السطحية في العالم العربي بنسبة (10–30 % ) بينما ترتفع في الدول الشمالية وبعض المناطق الاستوائية بنسبة ( 10 – 40 % ) حسب المنطقة ، وان حوالي (20 –30 % ) من مجمل الأنواع الحية في العالم سيكون مهددا بالانقراض نتيجة تغير الخصائص التي تكيفت معها هذه الكائنات في الأنظمة البيئية ، إضافة إلى زيادة في نسبة حدوث الفيضانات والجفاف وحالات الطقس المتطرفة و الأنواء المناخية الأخرى في كل منطقة حسب مناخها الحالي ، و تزايد خطورة الغرق لبعض المناطق الساحلية في العالم وموت نسبة عالية من الشعاب المرجانية بسبب زيادة درجات الحرارة في المحيطات ، وتزايد في معدلات انتشار أمراض الملاريا و الأمراض الاستوائية و الأمراض المعدية والتي قد يصل المستوى الجغرافي لانتشارها إلى العالم العربي وجنوب أوروبا .

مواجهة الاحتباس الحراري

لا يمكننا اليوم أن نتجنب بعض ما يحدث من تغيرات مناخية بسبب الإنبعاثات التي حدثت خلال السنوات الماضية ، إلا انه تكمن إحدى الاستراتيجيات الأساسية للتصدي لهذه التغيرات المناخية في إعداد إستراتيجية شاملة للتكيف مع تلك التغيرات . أما الإستراتيجية الثانية فهي ما يطلق عليها بإستراتيجية التخفيف التي تقوم على أساس العمل من اجل الحد من صافي انبعاثات الغازات الدفيئة . كما أن الأمر يتطلب أيضا قيام الدول بإنشاء الأنظمة المؤسسية والتشريعية وتوفير الموارد المالية والبشرية المناسبة من اجل بناء قدراتها الوطنية للتصدي لظروف التغيرات المناخية في مرحلة مبكرة .

أن الخيارات المتاحة أمام المجتمع الدولي لمواجهة المشاكل البيئية الناجمة عن تزايد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تعتبر محدودة إلى درجة كبيرة ، حيث تنحصر تلك الخيارات في ثلاثة خيارات هي أولا ترك الأمور كما هي والاعتماد على قدرة البشر في التأقلم والتكيف مع التغيرات المناخية .ثانيا زيادة الجهود البحثية والتي من خلال نتائجها يمكن الحصول على دلائل لا تفتقر إلى اليقين العلمي .أما الخيار الثالث فهو العمل على تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وخاصة ثاني أكسيد الكربون والميثان عند حدود معينة وفي نفس الوقت زيادة أوساط الامتصاص الطبيعية في الأنظمة الحيوية البرية والبحرية ، وإيجاد حلول لبعض المشاكل المتوقعة مثل إعادة توزيع المنتجات الزراعية وتطوير بذور جديدة ، و إعادة توزيع استخدام لأراضي ، وحماية الشواطئ والمناطق الساحلية المهددة بالخطر بحوائط ومصدات مناسبة بالإضافة إلى تقديم مساعدات مالية وتقنية لمواجهة تلك المشاكل .حيث انه من الواضح أن الخيار الثالث هو الخيار الأفضل والذي استهدفه المجتمع الدولي بجانب ضمان التوازن بين تحقيق معدلات نمو مستدامة ومقبولة وما يتبعها من احتياجات والحفاظ على البيئة بصورة تضمن مسارا إيجابيا للتنمية المستدامة التي توازن بين حقوق الجيل الحالي والأجيال المتعاقبة .
الجهود الدولية
بدأت الدلائل العلمية التي حاولت الربط بين انبعاثات غازات الدفيئة والتي من أهمها غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان الناتجة من الأنشطة البشرية المنشأ وبين التغيرات المناخية العالمية في إثارة القلق العام الدولي منذ الثمانينات تقريبا . وعقدت حكومات دول العالم سلسلة من المؤتمرات الدولية من اجل إبرام معاهدة دولية للتصدي لمشكلة التغيرات المناخية . وفي عام 1990 م أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة التفاوض الحكومية الدولية من اجل وضع اتفاقية إطارية بشان تغير المناخ . وبعد مفاوضات بين الدول الصناعية والدول النامية اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشان تغير المناخ في عام 1992 م على هامش مؤتمر قمة الأرض الأولى التي انعقدت في البرازيل .

إن الهدف النهائي لهذه الاتفاقية الإطارية هو الوصول إلى تثبيت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب الإنسان في النظام المناخي . وينبغي بلوغ هذا المستوى في إطار فترة زمنية كافية تتيح للنظم البيئية أن تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ وتضمن عدم تعرض إنتاج الأغذية للخطر كما تسمح بالمضي قدما في التنمية الاقتصادية على نحو مستدام . ومن اجل بلوغ هذا الهدف فقد تم في عام 1997 م اعتماد برتوكول كيوتو الملحق بالاتفاقية الإطارية وذلك في الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في مدينة كيوتو باليابان . ويقضي البروتوكول بان تقوم البلدان الصناعية بتخفيض انبعاثاتها من غازات الدفيئة خلال الفترة من عام 2008م إلى عام 2012 م بنسبة ( 5 %) على الأقل عما كانت عليه تلك الإنبعاثات في عام 1990 م .
جهود السلطنة
انتهجت وزارة البيئة والشؤون المناخية إســتـراتـيجـية بـيـئـية عـامة من أجل إدمـاج مـواضـيع ومـتطـلبات الشـؤون المـناخية في الخـطـط والإجـراءات الـوطـنية القـائـمة، واستحداث تـشريعـات وخـطـط وإجـراءات جـديـدة معـنية بـتلك المـواضيع، حيث نفذت الوزارة عدة مشاريع مثل تقييم مخاطر تغير المناخ واستنفاد طبقة الأوزون وتقدير قابلية تضرر القطاعات والأنظمة البيئية والاجتماعية وأنظمة التنمية المستدامة ومشاريع البنية الأساسية استنادا إلى المنهجيات الدولية المعتمدة في هذا الشأن، ودراسة وتقييم طرق الاستجابة المناسبة للتكيف مع مخاطر تغير المناخ واستنفاد طبقة الأوزون وخيارات التخفيف من إنبعاثات غازات الدفيئة في القطاعات المختلفة في السلطنة وفقا للظروف المحلية وبما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة. حيث صدر القرار الوزاري رقم (30/2010) بتاريخ 21 أغسطس 2010 بشان لائحة تنظيم استصدار موافقات مشاريع آلية التنمية النظيفة تحت مظلة بروتوكول كيوتو.
كما صدر القرار الوزاري رقم (18/2012) بتاريخ 4 مارس 2012 بشأن لائحة إدارة الشؤون المناخية، وقيام وزارة البيئة والشؤون المناخية منذ شهر مايو 2012م بإصدار تراخيص خاصة بالشؤون المناخية لفئات لمشاريع ذات العلاقة في السلطنة مع وضع اشتراطات بيئية معنية بتقدير كمية إنبعاثات غازات الدفيئة الناتجة من أنشطة تلك المشاريع وأخرى لتشجيعها على استخدام وسائل وتقنيات مناسبة لترشيد استهلاك الطاقة وتحسين كفاءتها. و حث الجهات المالكة للمشاريع على عمليات التشجير واستزراع النباتات بطريقة تضمن اختيار النباتات الملائمة لظروف البيئة المحلية وذلك من اجل تقليل انبعاث غازات الدفيئة وتحسين البيئة المحيطة بالمشروع. وتخصيص المديرية العامة للشؤون المناخية بالوزارة كجهة وطنية ( (CDM-DNAمعنية بتقييم مشاريع آلية الـتـنـمـية الـنـظـيـفـة تـحـت مـظـلـة بـروتـوكـول كـيـوتـو، وذلك بموجب القرار الوزاري رقم (30/2010) والخاص بتنظيم استصدار موافقات مشاريع آلية التنمية النظيفة تحت مظلة بروتوكول كيوتو (CDM-Projects)، مع تـشـجـيع الجـهات الحـكـومـية والشـركـات المختصة عـلى تـنـفـيـذ مـشـاريـع من هذه النوعية في السلطنة حـسب الإجـراءات المتبعة في هـذا الشأن.
بالإضافة إلى تـحــديــد إجراءات لتــراخــيـص اســتــيراد الـمـواد الـمستـنـفـدة لــطـبــقـة الأوزون فـي الــسـلــطـــنـة بما يفي بالتزامات السلطنة في اتفاقيات حماية طبقة الأوزون، حيث تم في عام 2007 تعديل بروتوكول مونتريال بشان المواد المستنفدة للأوزون، وذلك من اجل تسريع مواعيد التخلص التدريجي من مواد HCFCs))، بحيث يبدأ تجميد استعمالها في عام 2013م، ومن ثم يتم تخفيضها بنسبة (10%) في عام 2015 م وبنســــــبة (35%) في عام 2020م، إلى أن يتم التخلص النهائي منها في عام 2030م، حيث قامت الوزارة بعدة إجراءات منها تحديد حصص لاستيراد المواد المستنفدة لطبقة الأوزون اعتبارا من عام 2012 وتعديل لائحة مراقبة وإدارة المواد المستنفدة لطبقة الأوزون وذلك من أجل تحقيق الأهداف المذكورة. وحصر وتحديث البيانات الخاصة بالمشاريع الصناعية التي يتطلب حصولها على تراخيص الشؤون المناخية وإعداد قاعدة بيانات تحتوي على جهود القطاع الخاص في مجال الشؤون المناخية من حيث الالتزام بالاشتراطات الخاصة بالشؤون المناخية واستخدام تقنيات خاصة بترشيد استهلاك الطاقة واستخدام تطبيقات الطاقة المتجددة والخطط الخاصة بالتكيف مع آثار التغيرات المناخية والتخلص التدريجي من المواد المستنفذة لطبقة الأوزون.