لم أجد أفضل من الرد على الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم الذي نشر مؤخرا في الولايات المتحدة الاميركية على الانترنت من جمع ردود غربية تدحض الإساءة. وأبدأ أولا بشهادة مايكل هارت.
قال الفيزيائي والكاتب الأميركي الذائع الصيت مايكل هارت في كتابه (المائة: ترتيب الشخصيات الأكثر أثرا في التاريخ):

"اختياري محمد على رأس قائمة أكثر الشخصيات أثرا في التاريخ سيفاجئ بعض القراء وسيعترض عليه بعضهم. لكنه كان الشخص الوحيد في التاريخ الذي بلغ الغاية في النجاح على الصعيدين الديني والدنيوي.
من بدايات متواضعة أسس محمد ونشر واحدا من أعظم أديان العالم كما أصبح قائدا سياسيا مؤثرا على نحو هائل. اليوم بعد ثلاثة عشر قرنا من وفاته لا يزال أثره قويا ومستمرا في الانتشار.
إن أغلب شخصيات هذا الكتاب توفرت لهم ميزة الولادة والترعرع في مراكز الحضارة إما في أمم كانت مثقفة تثقيفا عاليا أو في أمم كانت محورية سياسيا.على خلاف ذلك ولد محمد عام 570 في مدينة مكة في جنوب الجزيرة العربية التي كانت في ذلك الوقت منطقة متخلفة من العالم بعيدة عن مراكز التجارة والفن والتعليم."

ص 3-4 (طبعة 1998 citadel press)

صدر كتاب The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History لأول مرة عام 1978 وبيعت منه حتى عام 1998 نصف مليون نسخة على مستوى العالم حيث ترجم حتى الآن إلى 15 لغة.

2-
يقول المؤرخ الأميركي الراحل (ول ديورنت) في موسوعته التاريخية (قصة الحضارة) ج 14 ص 45- 47 الطبعة العربية 1974 عن النبي صلى الله عليه وسلم :

" ولم يتعاط الخمر التي حرمها هو على غيره وكان لطيفا مع العظماء بشوشا في أوجه الضعفاء عظيما مهيبا أمام المتعاظمين المتكبرين، متسامحا مع أعوانه يشترك في تشييع كل جنازة تمر به ولم يتظاهر قط بأبهة السلطان..وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدا كان من أعظم عظماء التاريخ فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله وقل أن نجد إنسانا غيره حقق كل ما كان يحلم به. وقد وصل إلى ما كان يبتغيه عن طريق الدين ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين وكفى بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه فقد لجأ إلى خيالهم وإلى مخاوفهم وآمالهم وخاطبهم على قدر عقولهم وكانت بلاد العرب لما بدأ الدعوة صحراء جدباء تسكنها قبائل من عبدة الأوثان قليل عددها متفرقة كلمتها وكانت عند وفاته أمة موحدة متماسكة. وقد كبح جماح التعصب والخرافات وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم دينا سهلا واضحا قويا وصرحا خلقيا قوامه البسالة والعزة القومية. واستطاع في جيل واحد ان ينتصر في مائة معركة وفي قرن واحد ان ينشئ دولة عظيمة وأن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم".

3-

يقول المؤرخ البريطاني ادوارد جبون:
" ليس نشر دينه الذي يثير الاندهاش بل بقاؤه هو الذي يستحق دهشتنا، نفس الانطباع الكامل والنقي الذي طبعه في مكة والمدينة لا زال محفوظا بعد دوران اثني عشر قرنا.. لقد قاوم المحمديون إغراء إنقاص غاية إيمانهم وإخلاصهم إلى مستوى أحاسيس الخيال البشري. " لا اله إلا الله محمد رسول الله" هو الإقرار البسيط والثابت بالإسلام. الصورة الفكرية للمعبود لم تنحط إلى صنم منظور، وإجلال النبي لم يجاوز معايير الفضيلة الإنسانية ، ومبادئه الحية قيدت عرفان أتباعه في حدود العقل والدين."
Edward Gibbon and Simon Ocklay, HISTORY OF THE SARACEN EMPIRE, London, 1870, p. 54.

وقال في كتابه (هبوط وسقوط الإمبراطورية الرومانية):

" احتقر حس محمد الصالح فخامة الملوك.أذعن نبي الله للواجبات العائلية الحقيرة: كان يوقد النار، يكنس الدار، يحلب الشاة، وبيديه خصف نعله ورقع ثيابه. مزدريا ما يوقعه الناسك على نفسه من عقوبة وغير طالب للثناء ، راعى بدون خيلاء طعام العربي غير المسرف".
Gibbon in 'The Decline and Fall of the Roman Empire' 1823

4-

قال المفكر الفرنسي لامارتين"
Lamartine, HISTOIRE DE LA TURQUIE, Paris, 1854, Vol. II, pp. 276-277.
" إذا كانت عظمة الغاية وقلة الوسائل والنتائج المذهلة هي معايير العبقرية الإنسانية الثلاثة فمن يستطيع ان يتجرأ ان يقارن أي عظيم في التاريخ الحديث بمحمد؟ أشهر الرجال صنعوا السلاح والقوانين والإمبراطوريات فقط. ما أسسوه، إذا كان هناك ما أسسوه، لم يكن أكثر من قوات مادية غالبا ما انهارت أمام أعينهم. هذا الرجل لم يحرك فقط الجيوش والقوانين والإمبراطوريات والشعوب والأسر الحاكمة ولكن حرك ملايين الناس في ثلث العالم المسكون بل وأكثر من ذلك حرك المعابد والمعبودات والأديان والأفكار والمعتقدات والأرواح... جلده في النصر وطموحه الذي كرسه بالكلية لفكرة واحدة لم يكن مقصودها السعي لإنشاء إمبراطورية ، دعاؤه الذي لا يتوقف، اتصاله الخفي مع الله ، موته وانتصاره بعد موته ، كل هذا لا يدل على شخص مدع أفاك بل على قناعة راسخة منحته القوة ليجدد عقيدة. هذه العقيدة مزدوجة: وحدانية الله وعدم مادية الله ، الأولى تخبرنا ما هو الله والأخرى تخبرنا ما هو غير الله، الأولى أسقطت المعبودات الباطلة بالسيف والثانية أطلقت فكرة بالكلمات.
فيلسوف ، خطيب، نبي، مشرع، محارب ، فاتح الأفكار، مجدد العقائد العقلانية لدين بدون صور، مؤسس عشرين إمبراطورية دنيوية وإمبراطورية واحدة روحية، هذا هو محمد. باعتبار المعايير التي تقاس بها العظمة البشرية ، فيمكن ان نسأل بحق هل هناك إنسان أعظم منه،"

5-

تقريض الاميركية سيسيليا انجلز لكتاب كارين آرمسترونج (محمد: نبي لزماننا):

" هذه السيرة تعطي رواية مثيرة لحياة محمد وأصول الإسلام الدين الذي أسسه. تتيح لنا المؤلفة تصور الحياة والمجتمع في الجزيرة العربية وقت محمد والانجازات الهائلة التي حققها في زمن قصير جدا. إنها قصة قائد متألق دينيا وسياسيا.إن إضافة آرمسترونج الأكثر أهمية من خلال هذه السيرة هي في رأيي الكشف عن محمد في ضوء إنساني جدا خال من إغراء الأساطير وغير ملطخ بالتحيزات التاريخية. إنه كتاب مفيد جدا لأزمنتنا المعاصرة من حيث أنه يتيح الفرصة لفهم أفضل للإسلام."

6-

الباحثة في الأديان البريطانية الشهيرة (آني بيسنت) كتبت تقول في ص 4 من كتابها ( حياة وتعاليم محمد):

" انه لمن المستحيل لكل امرؤ درس حياة وشخصية نبي الجزيرة العربية العظيم وعرف كيف عاش وكيف علم الناس أن لا يشعر بالتبجيل لهذا النبي العظيم وأحد رسل الأعلى العظام. ورغم ان ما سأقدمه قد يكون مألوفا لدى الكثيرين إلا أني أنا نفسي اشعر عندما أعيد قراءته بطريقة جديدة للإعجاب وشعور جديد بالتبجيل لهذا المعلم العربي العظيم"

7-

يقول الطبيب النفسي الأميركي الراحل جولز ماسرمان:

" على القادة إنجاز أو الوفاء بثلاث وظائف: الاعتناء بحسن حال الرعية، إقامة تنظيم اجتماعي يشعر فيه الناس بالأمن، مد الناس بمجموعة من المعتقدات. القادة أمثال باستور وسالك هم قادة بالمعنى الأول. القادة أمثال غاندي وكونفوشيوس في جانب والاسكندر وقيصر وهتلر في الجانب الآخر، هم قادة بالمعنى الثاني وربما الثالث. المسيح وبوذا ينتميان إلى التصنيف الثالث وحده. ربما أعظم قائد في كل الأزمان هو محمد الذي جمع الوظائف الثلاث.وبدرجة أقل موسى فعل الشيء نفسه."

8-

يقول المؤرخ البريطاني مونتجمري وات : " استعداده لتحمل الاضطهاد في سبيل معتقداته والخصال الأخلاقية الرفيعة للرجال الذي آمنوا به ونظروا إليه كقائدهم وعظمة انجازه النهائي كلها تجادل لصالح نزاهته الاصيلة. الافتراض ان محمد كان منتحلا يخلق مشاكل أكثر مما يحلها. رغم هذا فليس احد من عظماء التاريخ اقل تقديرا قليل التقدير في الغرب مثل محمد" (Mohammad at Mecca , Oxford, 1953, ص 52)

9-

يقول عالم اللغات والباحث في الأديان المفكر الأميركي توماس كليري Thomas Clearyعلى ظهر كتابه المعنون The Wisdom of the Prophet ، حكمة النبي ، الذي ضمنه 200 حديث ، كتب يقول عن محمد:
" رجل من أهل الدنيا ولكنه متألق روحيا. حازم في أمور العدالة وفي الوقت نفسه رحيم. غني بالكرامة لكنه شديد التواضع. قاص شديد التأثير وهب حس دعابة ثاقب. محارب شجاع، عامل متقن، رجل عائلة حي الضمير، جار محسن، ملك عادل".

ومما قالوه عن القران الكريم

تلاحظ كارين آرمسترونج في كتابها (محمد نبي لزماننا) مثل آخرين ان القرآن نفسه مبني كالشعر العربي البليغ وهذا البناء محوري لتأثيره على مستمعيه الذين يتحدثون العربية. وهذا التأثير يفوت المستمعين الغربيين. ويمكن للمستمع الغربي إدراك شيء من هذا التأثير(البنائي ) عن طريق الاستماع الى مقرئ جيد رغم أن هذه الخبرة لن تزيد عن كونها خبرة ضحلة. تصف كارن كيف ان الاستماع لإيقاعات القرآن ولغته الغنية ذات التلميحات يعين المسلمين على استرخاء عملياتهم الذهنية والدخول في حالة مختلفة من الوعي.

الأميركي وين بيكام في تقريضه كتاب الباحثة في الأديان كارن آرمسترونج ( محمد نبي لزماننا) قال:

" لست مسلما بالمعنى المعتاد للكلمة لكني آمل أنني مسلم من حيث تسليم أمري الى الله واعتقد انه تكمن في القرآن وفي أحاديث الرؤية الإسلامية الأخرى خزائن عظيمة للحقيقة الإلهية يمكنني والغربيون الآخرون ان نتعلم منها الكثير والإسلام من دون شك منافس قوي لتوفير الإطار المبدئي لدين المستقبل" .

ترجمة : محمد عبدالله العليان
إعلامي عماني وعضو الرابطة الدولية للكتاب العلميين ISWA