منذ نشأة الانترنت في بداية التسعينيات وتوفرها للناس بشكل عام واستخدامها الأساس لربط الأجهزة بعضها ببعض وتبادل المحتويات من خلال الانترنت كان مطلب السرعة في تدفق بياناتها من الأمور التي تشغل المستخدمين دائماً وموفري ومطوري الخدمة, فالبداية كانت مع تقنية الدايل اب dial up والتي كانت تنحصر سرعتها عند 56 كيلوبت في الثانية, بعد ذلك تطورت التقنيات المستخدمة لنقل بيانات الانترنت وظهور مفهوم النطاق العريض والذي يطلق على سرعة تدفق البيانات التي تزيد عن 4 ميجابت في الثانية رغم أن ذلك لا يعتبر مقياساً أساسياً ولكن المقياس الأساسي هو أن سرعة تدفق البيانات التي تفوق ما يمكن الحصول عليه من استخدام تقنية الدايل اب Dial up، أن الأساس في تسمية التقنية بالنطاق العريض أو الواسع تعود إلى قدرة التقنية ذاتها على نقل البيانات المتعددة في نفس الوقت على نفس الخط, فالبمقارنة مع تقنية الدايل اب فان محدودية تعدد البيانات في عملية النقل وضيق قنواتها يحد من سرعتها, وبالتالي فان تقنية ال DSL بأنواعها تعتبر ذات نطاق أوسع وأعرض وبالتالي فانها تسمح بتعدد أكبر في عملية نقل البيانات في نفس الوقت، وبالطبع فان التقنية بحد ذاتها أخذت بالتطور في النوعية والآلية أو الكابلات المستخدمة والتي بدورها تلعب دوراً مهماً في عملية زيادة عرض النطاق المستخدم في عملية نقل البيانات أو سعته, فعند استخدام كابلات الألياف البصرية فقدرتها تفوق مثيلاتها النحاسية بأضعاف مضاعفة وبالتالي إمكانية توفير سرعات أعلى للمستخدم تكون أفضل وفي نفس الوقت تشمل أعداد مشتركين أكبر، لذلك فان ظهور شركة حكومية لدينا بالسلطنة تعنى بتوفير خدمات الانترنت بنطاقات عريضة شيء يدعو للتفائل والايجابية، فالشركة العمانية للنطاق العريض ليست وكما يظن البعض انها مقتصرة فقط على توفير الخدمة من خلال كابلات الألياف البصرية وإنما بالمعنى التقني كل التقنيات ذات النطاقات العريضة التي من شانها تأمين سرعات انترنت عالية من خلال تقنيات ذات قنوات تسمح بنقل بيانات متعددة في ذات الوقت وتغطية مساحات أوسع، فمن ضمن التقنيات المتوفرة حالياً أيضاً هي التقنيات اللاسلكية والتي تعتمد على الموجات الراديوية كالـ 4G او LTE والتي غالباً ما تقاس سعة النطاق الخاص بها بالهيرتز او الكيلو هيرتز أو المجيا هيرتز، وبالتالي فان حجم وسرعة نقل البيانات تقاس بوحدة البت, كالكيلو بت أو الميجا بت أو الجيجا بت في الثانية, لذلك فالمعتاد غالباً ما يتم ذكر السرعة دون ذكر سعة النطاق المسؤول عن عملية النقل، أن عملية توفير أو ضمان تدفق بيانات من خلال الترددات الراديوية يقتصر على قوة مصدر الترددات وسعته, فاذا كان على سبيل المثال المصدر المغذي لبرج الاتصالات المسؤول عن توفير تقنية الجيل الرابع 4G هو كابلات ألياف بصرية فان قدرته الاستيعابية كسعة نطاق تكون عالية، وبالتالي فان نصيب المستخدم من حزمة البيانات سوف يكون أعلى، ولتبسيط المسألة لو كان برج الاتصالات يحتوي على 2 جيجابت وقدرة الاستيعابية 100 شخص فانه يتم تقسيم 2000 ميجابت على 100 شخص، وبالتالي يكون نصيب الشخص 20 ميجابت في الثانية وكل ما زاد عدد المتصلين بالبرج كلما قل نصيب الفرد من حزمة البيانات المتوفرة والعكس صحيح وهكذا, لذلك ليس بالضرورة عند حصولك على اشارة في جهازك تفيد انك متصل بتقنية الجيل الرابع فانك ستحصل على سرعة تدفق البيانات المطلوبة والمرضية, لانه في النهاية سوف تعتمد المسألة على قدرة البرج الاستيعابية وعدد الاشخاص المتصلين في نفس الوقت, فاذا كان فوق العدد الافتراضي فان الخدمة سوف تكون ضعيفة والعكس صحيح، وفي الفترة الأخير ظهرت تقنية حديثة بمعاير مختلفة تعتمد على الضوء في عملية نقل البيانات وتدعى بـLiFi ومن خلال التجارب العملية لهذه التقنية فقد وصلت سرعة نقل البيانات بها الى اكثر من 240 جيجا بت في الثانية, وهي سرعة جداً عالية وخيالية في نفس الوقت, لذلك فان عمليات الاتصال بالانترنت واسعة أو عريضة النطاق في تطور مستمر ولو اختلفت أشكالها سلكية أو لا سلكية نتمنى ان نرى تعدد اشكالها لتخدم تنوع الاستخدام واختلاف التضاريس للاحياء السكنية .. فما هو نوع النطاق العريض المتوفر لديك؟

عبد الله بن ناصر البجراني
عضو هيئة التدريس بجامعة السلطان قابوس
www.abdullah-albahrani.com