يتساءل المرء وهو يقرأ كلاما للرئيس الأميركي أثناء وجوده في روما حول سوريا وكأنه أكثر إنسانية من بعض العرب الذين مازالوا مصرين على استكمال حربهم ضد الشقيق السوري. بل دائما يحدونا السؤال المر حول ما اذا كان هذا البعض العربي قد راجع نفسه ولو قليلا حول ما يفعله في سوريا.
هل تدمير سوريا من قبل هؤلاء سيكون مقدمة لإعادة وحدة العرب .. وهل تدميرها وقتل شعبها يساعد على تحرير فلسطين وإعادتها الى أهلها .. وهل في ما تفعلونه من دفع لقتل ممنهج يساعد على إقامة الديمقراطية فيها وفي المنطقة .. ثم هل ما تقترفه آيادي البعض العربي ضد هذا البلد الذي يعتبر ركيزة أساسية في عالمنا العربي وقوة مهمة يستند اليها يساعد ايضا على اقامة الحرية في بلداننا كما يساعد على تحقيق التنمية المستدامة التي تقضي على الفقر المعشش في كثير من زوايا بلداننا العربية وتحقق الرخاء لصالح شعوبنا .. وهل وهل ... كثير من هذه ال " هل " نريد ان نسأل بها بعض العرب الذين مازالوا منذ ثلاث سنوات يتناوبون او يتحدون لتدمير بلد بأكمله قيل ان مئات آلاف البيوت قد دمرت، وان اكثر من مائة وخمسين الفا من أهله قد قتلوا وان هنالك تهجيرا داخليا يتجاوز الأربعة ملايين، وخارجيا يفوق الاربعة ملايين ايضا .. وان عدد شهداء الجيش العربي السوري قد تجاوز الأربعين الفا اضافة الى تسعين الف جريح.
هل يرضيكم ايها البعض العربي ان تصل المأساة السورية الى هذا الحجم الكارثي التي بمساهمتكم وصلت اليه وهي تحقق أغراضها في إعادة وطن بأكمله الى البحث عن انسانيته ووجوده وقيمته الحضارية وقدراته الفعلية.
لم نجد بدا من توجيه هذه الأسئلة، ونحن نقرأ تصريحات الرئيس الأميركي اوباما بكل اتجاهات مصالحه الذي قال:" عندما ترى بلدا مثل سوريا كيف تم تقطيع اوصاله، وترى الأزمة الانسانية الحاصلة، بالطبع هذا لايتفق مع اي تفسير منطقي لما هو عليه الاسلام، أن ترى أطفالا يجوعون أو يقتلون او ترى عائلات مضطرة لمغادرة منازلها " .. اذا قرأتم هذا الكلام، ألا تخجلون من هذا الإثم الذي ترتكبونه في حق شقيقتكم التي هي جوهر الأمة وعمادها.
أيها العرب، لانجد تفسيرا لما تقومون به سوى مفهوم الانتقام الذي له أكثر من تفسير .. حتى ان الكثير من أهل الغرب يتساءل عن السبب الذي يدفع بعضكم للخروج على روح الاسلام والانتماء العربي اذا كنتم لا توافقون على ان نقول لكم هل المفهوم الوحدوي العربي يرضى بما وصلتم اليه ؟!.
يحتاج الأمر لمراجعة .. فهل من مجال اليها ..!
ثم والأهم، بعد ان تم تسويق الارهاب الى الداخل السوري، هل فكرتم كيف سيعود اليكم ذات يوم، وهو قريب، هذا الارهاب الى بلادكم واياديه ملطخة بالدماء السورية واللبنانية الزكية، وعقله مصوب باتجاه ممارسة أقصى الارهاب، وقلبه جامد بارد من كثرة ما رأى وما مارس .. هل فكرتم كيف ستستقبلونه وما ستفعلون عندما يرتد عليكم ما ارسلتموه الى الداخل السوري.
يقينا، ستكونون بحاجة لمراجعة قبل فوات الآوان .. والمراجعة هذه المرة أن تتوقفوا عن السير في طريق الخطيئة هذا، وليكن فرض عليكم ان تعيدوا اعمار ماهدمتم، لكن ماذا يفعل الشعب السوري وقد خسر من اطفاله وابنائه ومن جيشه ومن هدوئه ومن آماله بغده، هل يغفر وينسى..!!؟ .