[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لا اعتقد ان فكرة لا غالب ولا مغلوب ستكون نتيجة الواقع الحالي للأزمة السورية .. لكن على ما يبدو ليس مسموحا ان يكون هنالك غالب وآخر مغلوب .. حتى الآن تجري المعادلة على هذا الأساس، وينتبه الكل إلى هذه النقطة بالذات. ومع هذا يستميت من هم وراء الإرهاب لإرساء نتيجة غالب لإرهابهم باية صورة ممكنة.
سادت في بداية الازمة ان الرئيس الاسد مغلوبا خلال اسابيع وفي اقصى الحالات شهورا قليلة، وكلما لم يتحقق هذا المبدأ، كان البحث يجري عن الاسباب، فإذا بها خارجية، لكنها ايضا داخلية بالضرورة. لعلنا نتذكر جيدا كل المحاولات التي جرت مع موسكو لتأليبها على الاسد، لكنها لم تنفع .. مع ان المؤلبين لم يتذكروا ايضا ان هنالك شراكة موسكوبية مع طهران التي تلتزم الرئيس السوري بما لا يقبل النقاش اطلاقا.
اما في الداحل، فتنبه هؤلاء إلى روح الجيش العربي السوري وشعبية الرئيس الاسد، وقدرة النظام والدولة على الامساك بكل اوراق هذا الداخل وفي طليعتها المؤسسات الرسمية وكل ما يهم الشعب السوري الداعم بقوة لرئيسه. تفاجأ هؤلاء، وكانت ظنونهم قد راحت إلى العراق وكيف تعامل العراقيون مع اسقاط رئيسهم صدام حسين، حتى ان المشاهدين لما جرى في ساحة الفردوس ببغداد حين اسقط تمثال صدام، كادوا يحسمون بأن الشعب العراقي استقبل بالورود والرياحين المحتل الاميركي وانه سيتعامل معه بمحبة تستمر طويلا .. فإذا بشعب العراق يضرب اخماسا بأسداس، فتبدأ فكرة المقاومة دون تردد .. تماما كما حصل للجيش الاسرائيلي حين دخل جنوب لبنان لسحق المقاومة الفلسطينية فكان ان استقبله البعض بالورود، لكنه بعد ايام رمى الورد وحمل سلاحه وبدأ مقاومته. لم يحدث مثل هذا الأمر في سوريا ولن يحدث مهما كانت التكاليف، هنالك ارتباط عضوي بين الرئيس الأسد وشعبه، اجيال ورثت زعامة الرئيس حافظ الاسد وحفظت له ما فعله من اجل سوريا.
لن يغلب احد سوريا، لا الارهاب ولا الاميركي ولا غيره، لكن هذا لا يعني ايضا انها قد تكون الغالب في ظروف التعقيدات العسكرية والسياسية فيها، رغم قرار بعض حلفائها بحسم معركة حلب مثلا، وكلنا نعرف معنى حرب حلب وابعادها وتراكم المتدخلين فيها، ووصولها إلى المفهوم الذي يتعامل معه كونها تدولت، ولا يمكن لأحد ان ينتصر فيها ضمن الظروف هذه وهي حالية في كل الاحوال، ولا ندري بعد مدة اذا ما تغيرت.
هذه النتائج كلها سيتحملها السوريون اعباء اضافية، سواء عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية غيره، ستظل الليرة محل شبهات ولن تستقر على حال لأنها عنوان الأزمة وواجهتها. تجربة الليرة عرفها لبنان فكانت ايضا عنوان حربه الطويلة، تصوروا مثلا ان الدولار كان يساوي قبل الحرب ليرتين لبنانيتين وبضعة قروش، صار اليوم الفا وخمسمائة ليرة للدولار الواحد، كم هو الفرق كبير.
سيطرأ الكثير من المتغيرات على الحياة في سوريا، وسيشربها الشعب السوي بالتقسيط، لكنه مجبر على التعامل معها لأن الدولة السورية ذاتها لن تستطيع مقاومتها كونها عنصرا اجباريا في التغيير الذي سيطرأ واكثرها ضغوطا، ثم هي في متن الواقع السوري الداخلي الجديد.
فمن سيغلب في حرب هي سلسلة خروب بينها وقفات اشبه بإعادة نظر أو استراتيجيات محاربين.