[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedbinsaidalftisy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد بن سعيد الفطيسي[/author]

”.. والله الذي لا اله إلا هو ليس أحب إلى أعداء أامة من الأمم، من أن يروها متناحرة متفرقة متشرذمة يقتل أبناؤها بعضهم البعض، لأنهم يدركون تمام الإدراك بأن الأمة التي تتلاحم وتتعاضد وتتماسك حكومة وشعبا قادرة على لم صفوفها والمحافظة على تماسكها لا يمكن بحال من الأحوال تفكيكها بسهولة أو زعزعة استقرارها ووحدة أبنائها.”
ــــــــــــــــــــــــــــ
"...... إن الفكر متى ما كان متعددا ومنفتحا لا يشوبه التعصب كان اقدر على أن يكون الأرضية الصحيحة والسليمة لبناء الأجيال ورقي الأوطان وتقدم المجتمعات، فإن التشدد والتطرف والغلو على النقيض من ذلك، والمجتمعات التي تتبنى فكرا يتصف بهذه الصفات إنما تحمل في داخلها معاول هدمها ولو بعد حين، ونحن نؤكد رفض مجتمعنا العماني لأية دعاوى لا تتفق وطبيعته المتسامحة المعتدلة." ـ من نص الكلمة السامية لصاحب الجلالة السلطان المعظم في الانعقاد السنوي الخامس لمجلس عُمان.
ففي عالم تدب في مفاصله الفوضى وتقطع أوصاله الصراعات والحروب، وفي أوطان يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد والدين الواحد على الانتصار لأهوائهم المادية وأطماعهم السياسية والشخصية ولو كان ذلك على حساب استقرار أوطانهم وأمنها ووحدة صفها، يقف هذا الوطن العزيز بفضل الله عز وجل أولا ، ومن ثم فضل وحكمة من أراد لهذا الوطن أن يكون هكذا وطنا خالصا للجميع، حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أدامه الله وحفظه- صامدا شامخا وسيبقى بإذن الله وفضله وحكمة قائده ومحبة أبنائه وتسامحهم وترابطهم ووحدة صفهم دائما في وجه كل تلك الفتن والصراعات، يرسم لوحه إنسانية بروازها الوحدة الوطنية وشعارها عمان لكل أبنائها دون تحزب أو طائفيات أو مذهبيات أوعصبيات، لأن قواعد البناء الذي أسس عليه لا يمكن بحال من الأحوال أن تنهار "لا قدر الله" ما حافظ عليها وصانها وتمسك بها أبناؤها بإخلاص وتفان وتضحيات، وهي السماحة وحسن المعاملة ونبذ الأحقاد ودرء الفتن والتمسك بالأعراف والقيم القائمة على الإخاء والتعاون والمحبة بين الجميع، كما يؤكد ذلك باني نهضة هذا الوطن العزيز، حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بقوله:" لقد فطرنا في هذا البلد ولله المنة والحمد على السماحة وحسن المعاملة ونبذ الأحقاد ودرء الفتن والتمسك بالأعراف والقيم القائمة على الإخاء والتعاون والمحبة بين الجميع".
إن عمان اليوم وبعد ما يزيد على الأربعة عقود من الزمن،" أطال الله عمر نهضتها" ورغم كل تلك التحولات الحضارية والمتغيرات الثقافية والسياسية الدولية التي قسمت الأوطان وفرقت البلدان وشقت نسيج وحدة أبنائها، ما زالت تقف كالجسد الواحد لان وعي قيادتها ومحبة أبنائها بعضهم لبعض كانت مبنية منذ البداية على فكرة ومنهج أصيل ومتأصل في أخلاقهم وتربيتهم الدينية والوطنية منذ البداية وهو أن "الحكومة والشعب كالجسد الواحد إذا لم يقم عضو منه بواجبه اختلت بقية الأجزاء في ذلك الجسد" ـ من الخطاب السامي 1970م ـ ، وهو ما حافظ عليه أبناؤها وسيبقى بإذن الواحد الأحد دليل على تماسك أركانها ووحدتها الوطنية.
نعم، إن وحدة هذا الوطن العزيز هي أصل قوته وسر تماسك أبنائه واستقراره وأمنه الداخلي، وهو ما يجب أن يتم المحافظة عليه بكل الوسائل والطرق الممكنة، من قبل طرفي العملة الوطنية ـ اقصد - الحكومة كقيادات ومسئولين، وأبناء هذا الوطن الكريم، يقول الحق عز وجل (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) صدق الله العظيم، فو الله الذي لا اله إلا هو ليس أحب إلى أعداء امة من الأمم، من أن يروها متناحرة متفرقة متشرذمة يقتل أبناؤها بعضهم البعض، لأنهم يدركون تمام الإدراك بأن الأمة التي تتلاحم وتتعاضد وتتماسك حكومة وشعبا قادرة على لم صفوفها والمحافظة على تماسكها لا يمكن بحال من الأحوال تفكيكها بسهولة أو زعزعة استقرارها ووحدة أبنائها.
وفي هذا السياق يقول سماحة العلامة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ـ المفتي العام للسلطنة ـ نقلا عن كتاب لقاءات سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في الفكر والدعوة:" لأجل ذلك كان الحرصُ من قبل القمة والقاعدة في هذا المجتمع العماني بأن يكون المجتمع مجتمعا مترابطاً ومتسامحاً ومتعاوناً ليس بينه تمييز من أي ناحية من النواحي، وهذا أمرٌ درج عليه السلف وسار عليه الخلف، فهو متوارث كابرا عن كابر، وبسبب ذلك نحن لن نسمح لأي أحد يريد أن يصدعَ أي صدع في هذا الجدار، جدار الوحدة الوطنية الدينية التي تشمل جميع فئات الأمة الإسلامية في هذا البلد العريق".
فيا أبناء عمان الغالية "بارك الله أعماركم وأرزاقكم وحفظكم من كل سوء وألف بين قلوبكم"، إن عمان غالية عزيزة، تستحق منكم كل الحب والتضحيات، وقد دفع حب الوطن ومشاعر الوطنية والولاء والتضحية شعوب كثيرة في هذا العالم إلى تحويل أوطانها إلى قوة بشرية وتنموية لا يستهان بها بين الأمم، كما لا تنجر الأوطان للفوضى والنزاعات والنتيجة دمارها سوى حين تدفعها إلى ذلك خلافات أبنائها مع بعضهم البعض حول مصالحهم لا مصالحها، فكونوا لها اليد التي تدافع عنها لا اليد التي تدفعها إلى براثن الفرقة "لا قدر الله".
لذا(فالشكر له سبحانه على ما أسدى وأعطى وأنعم وأكرم والابتهال إليه تعالى في ضراعة وخشوع أن يهب هذا الجيل من أبناء عمان وبناتها وكذلك الأجيال اللاحقة القدرة على صيانة هذه المنجزات والحفاظ عليها من كل سوء والذود عنها ضد كل عدو حاقد أو خائن كائد أو متربص حاسد فهي أمانة كبرى في أعناقهم يسألون عنها أمام الله والتاريخ والوطن.ـ من نص الكلمة السامية لصاحب الجلالة السلطان المعظم في الانعقاد السنوي الخامس لمجلس عُمان ).
*حفظ الله عمان عزيزة كريمة مطمئنة وجنبها شر الفتن والقلاقل وسوء الأقدار ما ظهر منها وما بطن، وحفظ باني نهضتها وبارك لها ولنا فيه، وحفظ شعبها العزيز وبارك أرزاقهم وأعمارهم وسلمهم من كل سوء، وألف بين قلوبهم لما فيه خيرهم وخير هذا الوطن العزيز ـ اللهم آمين.