[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
ماذا وراء الجدال المتصاعد بين وزارة الصحة وموظفيها الذين يطلقون عليهم،، شاغلي الوظائف الطبية المساعدة؟ تساؤل تبادر إلى ذهننا منذ أن قامت مجموعة من الممرضات العمانيات بمبادرة لقائي لإقناعي بفتح قضيتهن المثارة حاليا بقوة، فهل وراءها الظلم المالي كما يسمينه، وتنفيه وزارة الصحة، أم وراءه بعد آخر غير مرئي؟ أو هما معا؟ وهل الجدال وراءه تهمة حسد الاطباء في تحسين مرتباتهم بناء على التوجيهات السامية؟ وهذا رأي نسمعه من البعض، فهل يلامس الواقع؟ حاولنا النظر لهذه القضية من منظور مختلف ومن طرح ينفذ إلى جزء مهم من المشكلة القائمة، واحيانا نحسبها المشكلة بعينها، وما عداها تداعياتها. وقد حاولنا بشيء من العمق التحليلي السريع الغوص في سيكولوجية المستائين من اللائحة الخاصة بتسكينهم وما اعقبها من صدور القرار الوزاري رقم (24/2014) بشأن قواعد نقل شاغلي تلك الوظائف، فماذا وجدنا؟ وجدنا نفسيات مقهورة مكسورة مما ينظر لدورهم على مستوى المفاهيم، ويتعامل معه ماليا على مستوى التطبيق، ولما نزلنا ميدانيا لمتابعة هذا البعد السيكولوجي لمعرفة حجمه وتأثيره في نفسيات اصحاب مهن التمريض والمختبرات والصيدلية والتي تطلق عليهم الوزارة بالوظائف الطبية المساعدة، وجدناه عاما، ورغم ذلك تنجز عملها بكل أمانة ودقة ومسئولية إنسانية ووطنية، لكن بحسرة كبيرة، لأن القهر قد تغلغل في عمق النفسيات، نحن هنا نقوم بعملية تحليل البعد السيكولوجي الحاضر الغائب في هذه القضية كما لمسناه، ولا نعتقد أن احدا قد تمكن من التوصل إليه رغم حضوره اللافت، فتاهت المواقف الرسمية وحتى النخبوية في دلالة المطلب المالي كنتيجة ظهرت على السطح، ولم تتعمق في الاسباب والعوامل التي انتجت تلك النتيجة، مما جعل البعض ينقسم إلى متعاطف معهم من حيث النتيجة ومن حيث فهمه للخلفيات العلمية لتلك التخصصات الفنية والنادرة جدا، والى اتهامهم بأنهم يريدون الاعتداد بذواتهم المهنية كذوات الاطباء، ومساواتهم بها من حيث الادوار والراتب، من هنا تصدر تهمة الحسد، وقد وجدنا أنفسنا هنا نحمل مسئولية الدفاع عن هذه الشريحة المهمة بعد أن تمكنا من الذهاب بعيدا في فهم نفسياتهم المقهورة والمكسورة، وهى فعلا كذلك، وهذه شهادة نقولها ونحن مطمئنون كل الاطمئنان في تقديمها للرأي العام، هادفين من خلالها تقديم رؤية غير مطروحة لعلها تساعد في أن تكون مقدمة للحل، وترفع عنهم تهمة الحسد وتغلب المطلب المشروع من منظورين اثنين، أحدهما من حيث التسمية، والثاني من حيث الجانب المالي، وإغراق الكل فيه، وسوف نؤجل المنظور الثاني للمقال المقبل، فالمسيطر علينا هو المنظور الاول، بل هو الاصل الذي يعمق الاحتقان في النفسيات، وقد يدفع بها تصعيدا، وهو الاصل كذلك، وما عداه فروع تتبع له كنتائج بصورة تلقائية، فمن حيث هذا المنظور، تثور هناك إشكاليتان مهمتان من حيث التسمية، الاولى، اشكالية تسميتهم بالفئات اللصيقة للأطباء كما ورد في حديث مسئول رفيع على التلفزيون العماني، ليس هذا فقط، بل واعتبار عملية اعادة النظر في مخصصاتهم المالية منة وإكرامية من الوزير وليس ضمن حقوقهم الأصيلة والمشروعة، وذلك عندما أوضح بأن ضم الفئات (اللصيقة) قد جاء بناء على رغبة من الوزير مما يفهم منه أن التوجيهات السامية كانت مقتصرة على الاطباء فقط، كما يثير في نفسياتهم كذلك التسمية الرسمية التي تعتمدها وزارة الصحة، وهي،، شاغلي الوظائف الطبية المساعدة،، وهذا يعني من حيث المبدأ أن هناك مساعدا أول وثان وثالث، والتسميتان لهما تداعياتهما النفسيات، لأنهما ينظران لتخصصات التمريض والمختبرات والصيدلية كمهن مساعدة، وليست علوما قائمة بذاتها، ولكل واحد منها اعتدادها كعلم وفن ليس حديث الولادة وإنما منذ القدم، فكيف ينظر بأنها لصيقة ومساعدة، وليس قائمة بذاتها، ومستقلة في حدود ذاتيها، لكنها مكملة لبعضها البعض دون ان يسقط عنهما صفة الاعتداد بالذاتية والخصوصية والاعتداد المالي والمعنوي التي تسقطها مثل تلك المسميات، والنتيجة المترتبة عليها؟ تكمن في اسقاطها من التوجيهات السامية من جهة وإدراجها في لائحة خاصة بها كرغبة وزارية وليس ضمن التوجهات الوطنية، وتكمن كذلك فيما يراه أهل المهنة بأنه وقع عليهم ظلم مالي ووظيفي رغم نفي الوزارة، وهذه إشكالية كبيرة في حد ذاتها، فيها من التعقيدات التطبيقية التي لا يمكن أن تفهم الا بالرجوع إلى مثل هذه الخلفيات النفسية الناجمة عن المسميات، ولن يقنعنا أحد بعدم التعامل بها، لأن وراءه مفاهيم، والمفاهيم هى التي تحدد ماهية الحقوق وتطبيقاتها.
تلكم كانت رؤية تحليلية للاقتراب كثيرا من البعد السيكولوجي الضاغط الذي يدفع بأصحاب مهن التمريض وفنيي المختبرات والصيدلية إلى تصعيد قضيتهم حتى الآن، فهم يتحفظون على أن مهنتهم هي مجرد مهنة أقرب إلى مساعدة الطبيب وإنما يرونها بأنها العناية بشكل مباشر وبالتعاون مع أفراد الطاقم الطبي بشكل كامل في سير المنظومة الصحية بشكلها المناسب لتقديم الرعاية المثلى، فهل سيعاد النظر بالمسميات ما دام لها تداعيات نفسية ومالية ..؟ وإذا ما خرجنا من من رؤانا التحليلية لهذه السيكولوجيات .. فإنه ينبغي القول صراحة أن الكل يقدر ويثمن الجهود الطبية التي تبذل في بلادنا من أجل الصحة المستدامة بما فيها طبعا تلك الجهود التي تشعر بأنها مظلومة ماليا ومعنويا، على ثقة كذلك بأن ملفاتها تبحث الآن بقلوب مفتوحة ومنفتحة .. من هنا نقدم مرئياتنا التحليلية لنقل ما هو كائن في الواقع لكي يكون كائنا قانونيًّا وماليًّا .. للموضوع جزء ثان.