دمشق "أشرعة"
نمر سلمون تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1989 وتابع دراسته في المسرح بجامعة السوربون بفرنسا مقدماً بحثين عن عفوية الممثل والدور الإبداعي للجمهور المسرحي فحصل بفضلهما على شهادتي الماجستير عام 1992 ودبلوم الدراسات المعمقة في فنون العرض المسرحي عام 1994 كما أنه حائز على إجازة في الأدب العربي عام 1995 وهو صاحب أطروحة "الوجه المستتر للمسرح السوري المحتمل" التي نال عليها شهادة الدكتوراة بدرجة الشرف في إسبانيا ليصير بعدها عضواً في المجمع الإسباني العام للمؤلفين والناشرين الإسبان.
وهو يقيم حاليا في اسبانيا ويدير فرقة مسرح الجمهور الخلاق التي قدم من خلالها أكثر من أربعين عملاً مسرحياً داخل وخارج سوريا وجميعها عروض مونودرامية من تأليفه وارتجاله. وترجع التّسمية إلى إشراكه الجمهور بشكل فعّال في عروضه بحثاً عن تفاعل أمثل بين الخشبة والصّالة. عُيّن في العام 2000 مديراً للمحترف المسرحي البلدي في مدينة سيجوبيا الإسبانيّة واستمر حتى عام 2004، أشرف خلالها على عدة حلقات عمل، ودورات للكتابة الإبداعيّة وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصّة مسرحياً.
شارك في مهرجانات مختلفة وله العديد من المحاضرات والمقالات حول الأدب والمسرح، ولديه خمسة كتب مسرحيّة منشورة باللّغة الإسبانيّة ومسرحيّة واحدة بالعربيّة .
فاز بجائزة أفضل إخراج عن عرض "لا تدعوني أشيخ وحيداً" في مهرجان ربيع المسرح في حمّام سوسة، تونس 2006. وكذلك نال الجائزة الذّهبّيّة للإبداع لأفضل برنامج للأطفال في مهرجان القاهرة للإعلام 2007 عن برنامج "قال الرّاوي". واختير محكّماً في لجان أدب الأطفال في بعض المسابقات الأدبيّة العربيّة.
ورغم اعتزاله المسرح منذ عام 2006 عاد المسرحي السوري نمر سلمون إلى خشبته في دار الأسد للثقافة والفنون منذ أشهر عبر عدة عروض أعادته بقوة إلى المسرح الذي طالما مارس فيه هوايته وشغفه، ويوضح سلمون أن حنينه هو الذي أعاده إلى المسرح رغم أنه لم يعد ممثلاً محترفاً بعد أن عجز عن العيش من وراء هذا الفن الذي أحبه وبعد أن أصابه اكتئاب مسرحي، إلا أن اقتراح إدارة دار الأسد للثقافة والفنون عليه لتقديم عدة عروض شجعه وانتشله من تلك الحالة التي كانت تسيطر عليه .
ويعترف الفنان نمر سلمون في حوارنا معه أن عرضه "درس درامي" الذي قدمه في دار الأسد ليس جديداً بالمعنى الحرفي للكلمة، ففيه تابع ما بدأ به منذ تخرّجه من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1989 من خلال مشروعه الذي أطلقه حينها تحت عنوان "مسرح الجمهور الخلاق" الذي أنتج عدة أعمال مسرحية قامت على توريط الجمهور في اللعبة المسرحية وتنصيبه شريكاً في العمل المسرحي، أما الارتجال الذي اتبعه في العرض فهو أمر جديد في سوريا، ويشير سلمون إلى أن العرض سبق وأن قدمه في إسبانيا وإيطاليا والمغرب ولبنان، أما موضوعه فهو مبني على تلك الرغبة المحمومة الموجودة لدى أفراد الجيل الجديد في أن يصبحوا فنانين حتى دون أية مقدمات تشير إلى أنهم يصلحون لذلك، وانطلاقاً من قناعته أن الجمهور المسرحي في العالم، وفي الوطن العربي بشكل خاص جمهور سلبيّ ومجرد متلق تنحصر ردود أفعاله بالتصفيق والتصفير أي بالمديح أو الهجاء بعيداً عن النقد البنّاء بحث سلمون عن صيغة لأن يتورط الجمهور بردود أفعال إيجابية في أعماله بدلاً من الاكتفاء بالهجاء أو المديح وهو خارج اللعبة المسرحية، لذلك أراد أن يقول لهذا الجمهور: تعال واعمل معنا لتكتشف صعوبة العمل المسرحي ولتتعلم كيف تحلل ما تراه من مجهود بدلاً من الحكم عليه بكلمة واحدة، سلباً أو إيجاباً، وبالتالي يريد سلمون من خلال عرضه "درس درامي" أن يخاطب الجمهور قائلاً: أنت يا من تتمنى أن تصبح ممثلاً الأمر ليس سهلاً كما تعتقد بل هو صعب ويحتاج إلى جهود كثيرة، ويؤكد أنه في عروضه هذه يقع اختياره أثناء العرض وبشكل عشوائي على أشخاص من الجمهور ليس لهم أية علاقة بالمسرح ويدعوهم لإجراء بروفات لعمل مسرحي تنتهي بتقديم مشهد يستمر لدقائق تتوفر فيه كل العناصر الفنية.
ويرفض سلمون أن يقال: إن عرضه هو أقرب إلى الاختبار المسرحي منه إلى العرض، ويشير إلى أنه لو اعتمد على ممثلين سبق وأن درّبهم وقدّم عرضاً مسرحياً معهم بهدف أن يرى الجمهور صعوبات العمل المسرحي فهو بذلك يقدم عملاً مسبق الصنع، وفي هذه الحالة لن يكون هناك ما هو جديد، في حين لو أنه اعتمد في العرض ذاته على عناصر غير تمثيلية يكون قد حقق عدة أهداف، أولها التحدّي باعتبار أن عرضاً بهذا الشكل سيكون محفوفاً بالكثير من المخاطر والمفاجآت غير المتوقعة باعتبار أن كل شيء يكون وليد اللحظة.
وحول استخدام لعبة الجسد من قبل بعض المسرحيين بحيث قد تطغى على الموضوع. يؤكد ان هذا عيب بالطبع. وهو ناتج عن طاقة حيوية كبيرة قد لا يستطيع الممثل أن يوظفها بالشكل الصحيح، بحيث تكون طاغية على كل الأدوات الأخرى. ولا بد من تشذيب هذه الطاقة وحصرها ضمن بوتقة العمل المسرحي. فلعبة الجسد هي لغة بحد ذاتها ويسعى جاهداً أن تكون هذه اللغة لغة حقيقية في أعمالي.
الارتجال تحد كبير للممثل
ويبيّن سلمون أن مسرحية "درس درامي" ليست أول عمل ارتجالي له، وهو الذي سبق أن قدم هذا الشكل بعد تخرجه مباشرة من خلال مسرحية "تعالوا نرتجل معاً" ويعترف أنه كان عرضاً افتقد فيه إلى النضج كممثل وكرجل مسرحي، لذلك لم يكن عرضاً لامعاً، ورغم ذلك فهو لا يتبرأ منه وقد كان خطوة أولى له في هذا المجال استفاد منها في عروضه اللاحقة، ويشير إلى أنه لم يقدم عروضاً ارتجالية كثيرة في سوريا، وقد فعل ذلك أكثر في دول أوروبية عديدة وذلك باعتبار أن آلية العمل المسرحي في سوريا لا تساعد على ذلك، خاصة وأن أي عرض مسرحي لا يُقدَّم إلا بعد حصول نصّه على الموافقة، في حين ان هذا النص في العروض الارتجالية يعتمد على ما سيقوله الممثل على الخشبة في يوم العرض، مؤكداً في الوقت ذاته أن غياب النص المسبق في العرض الارتجالي لا يعني أن يخرج ما يقال فيه عن المنظومة الأخلاقية والأدبية والاجتماعية والسياسية المتداولة، ويشير سلمون ردّاً على من يطالبه بدلاً من الارتجال أن يترجم الفكرة التي يريد أن يتمحور حولها الارتجال بنص مسرحي أنه بإمكانه أن يفعل ذلك وبسهولة كبيرة ولكن يبقى بعمله الارتجالي مختلفاً عن الكثيرين، إضافة إلى أن الارتجال في المسرح يشكل تحدياً كبيراً لذات الممثل، من هنا يؤكد أن الارتجال يسري في دمه ويدعو الجميع إلى الارتجال ثم كتابة ما ينتج عنه العرض، مع ترك الحرية لكاتب أو ممثل آخر أن يبني على النص الوليد من رحم الارتجال، ويوضح أنه يدعو لذلك لإيمانه أن الارتجال يفتح آفاقاً كبيرة لأن كتابة نص يتيح المجال للتغيير والتفكير الكثير، في حين يرى أن المغامر يجب ألا يفكر لأنه إن فكر قليلاً فسيتراجع عن فعل ما ينوي القيام به، ويستدرك هنا للتأكيد على أنه لا يدعو كما يقال لقتل الكاتب المسرحي أو إلغاء وجوده، والدليل أنه نشر نحو 27 نصاً مسرحياً في إسبانيا وهي نصوص ليست ارتجالية وإنما كتبت للمسرح. ولتوضيح علاقته بالنص المسرحي أكثر يبيّن أنه ليس ضد النص المكتوب، وهو عندما يتحدث عن الارتجال وأهميته إنما يتحدث عن نوع من المسرح، وحديثه لا ينفي وجود أنواع أخرى، كما يوضح أن الارتجال ليس كلمة فوضوية ولا تعني أن يعتلي الممثل خشبة المسرح ليقول كل ما يريده أو يخطر على باله، بل إنه يستلزم وجود خطة عمل يخضع فيها الممثل للعديد من المعايير، وعن طريقته في كتابة النص المسرحي يشير إلى أنه لا يضع خطة لكتابة نص مسرحي إبداعي كما يفعل الغالبية لأن ذلك برأيه يقيّد الكاتب ويكبح جماح مخيلته، وهذا يعني أنه مع الثرثرة النصية الأولى التي لا يراها الجمهور ولا القارئ، والتي تخضع لمراجعته بعد الانتهاء من كتابتها ليزيل منها الشوائب التي لا يرغب في وجودها.
ويؤكد سلمون كذلك على أن عروض الارتجال بالعموم تحتاج دوماً إلى فسحة كبيرة من الحرية وإلى رجل مسرح وهي لا تحتاج فقط إلى ممثل محترف لأن المسألة أكبر وأصعب من ذلك، وبالتالي يرى أن ممثلنا السوري غير المعتاد على مناخات الارتجال غير قادر على الارتجال في عرض متكامل وإن كان من الممكن أن ينجح في تقديم ما يسميه البعض بـ"القفشات السريعة"، والسبب كما يشير هو أن الارتجال يحتاج إلى النضج والدراية والدراسة والكثير من العناصر الفنية، وهنا يوجه سلمون الشكر الكبير لإدارة دار الأسد للثقافة والفنون وللجهات الثقافية التي سمحت بعروضه التي قدمها على مسارحها وذلك بعد أن اطلعت على خصوصية هذه التجربة وتأكدت أنها وإن كانت عروضاً ارتجالية إلا أنها تقدَّم بسوية فنية عالية ووفق معايير أدبية وأخلاقية واجتماعية مقبولة، وهذا برأيه يشجع لأن الساحة المسرحية في سورية بحاجة إلى هذه النوعية من العروض .
حكواتي أم مونودراما
وما بين عروض المونودراما الكثيرة التي قدّمها، وعروض الحكواتي التي انحاز إليها بشدة في سنواته الأخيرة، يفرِّق سلمون بين هذين النوعين المتشابهين في المسرح، فيشير إلى أن الممثل في المونودراما يتحدث من خلال الشخصية التي يؤديها، في حين أن الحكواتي يتحدث عن مجموعة من الشخصيات، ولأن المونودراما تعني في تعريفها أنها مسرحية الممثل الوحيد فإن التعريف هذا ينطبق كذلك على عرض الحكواتي، وهذا ما يراه سلمون تشابهاً في الشكل ليس إلا، أما على صعيد المضمون فالأمر مختلف لأن الشخصية في العرض المونودرامي هي الجوهر وهي التي تتحدث عن نفسها، في حين أن الحكواتي يتحدث في عرضه عن الآخرين، ويأسف لأن الممثل في أغلب عروض المونودراما يجتر آلامه وأحزانه لذاته فقط في ظل وجود الجدار الرابع الذي يفصله عن الجمهور، ويستغرب أن المونودراما في سوريا بعمومها لم تخرج حتى الآن عن هذا الإطار، وإن أكد أنه لا يستطيع إطلاق حكم دقيق على المونودراما لانقطاعه عن متابعة العروض بسبب سفره خارج سوريا، إلا أن ما يراه من مونودرامات يشير إلى أن المونودراما في سوريا ما زالت تراوح مكانها نصاً وإخراجاً وتمثيلاً ليكون المطب الأساسي الذي تقع فيه معظم عروضها يكمن في السردية الذاتية (الهذيانات) وهذا غير موجود في عرض الحكواتي الذي يراه فناً رشيقاً وممتعاً ويجد صداه لدى الناس الذين يميلون بطبيعتهم لسماع الحكايات، لذلك يعتقد سلمون أن المطلوب بالدرجة الأولى لرفع سوية المونودرامات التقليل من السرديات والتفاصيل المملة التي لا معنى لها، ولأن السرد ذاته مبرر في عرض الحكواتي يؤكد سلمون على أن المونودراما يجب أن تعتمد على نص ذكي وإشارات ذكية بدلاً من الثرثرة الموجودة فيها، كما يجب ألا تعتمد على حرفية النص وإنما على حالة الممثل المستمتع باللحظة، خاصة وأن أغلب عروض المونودراما موجعة ومؤلمة، ونادراً ما رأى ممثلاً يستمتع بما يقدمه نتيجة عبء النص الكبير الذي يرزح تحته. ويرد سلمون على من يتهم عرض الحكواتي بأنه لا يمت للمسرح بصلة فيبيّن أنه إذا أخذنا التعريف البسيط للمسرح فهو يعني كل ما يُقدَّم على خشبته (أي مكان) وهذا ما ينطبق على الحكواتي الذي يستخدم أيضاً أدوات الممثل (صوته، جسده، خياله) فيجسد كل الشخصيات التي يحكي عنها ، كما يرفض سلمون أن يُتهَم عرض الحكواتي بالنقص الجمالي ويرى أن العروض المسرحية اليوم تدهورت كثيراً لكثرة ما اعتمدت على السينوغرافيا وعلى عناصر أخرى غير مسرحية (سينما، شاشات، تلفزيون) وأكثر ما يستغربه في هذه العروض هو الدخان الذي أصبح موضة العروض المسرحية رغم أنه من الحلول البدائية التي لم يعد يفكر بها أي مبتدئ في المسرح، في حين أن جمهور المسرح السوري يكاد أن يصاب بالسرطان من كثرته فيها، وبالتالي يقول سلمون هذا الكلام ليؤكد وجهة نظره وقناعته وإيمانه بأن المسرح هو ممثل وجمهور بالدرجة الأولى لأن كل التقنيات المساعدة في أي عرض إن توقفت أو تعطلت فإن هذا العرض قادر على الاستمرار طالما أن الممثل موجود، أما إن مات الممثل فإن كل التقنيات تلك لن تنقذ العرض.
جمهور كرة قدم
ويأسف سلمون لأن جمهورنا المسرحي سلبيّ، وثقافته المسرحية تكاد تكون معدومة وهو غير مستعد لتلقي المسرح بالطريقة الصحيحة ولا ذنب له في ذلك ـ برأيه - لذلك فهو بحاجة للتواصل لرفع ذائقته، والحل ليس بتوريطه بالعمل المسرحي فقط كما يفعل هو في عروضه، بل من خلال تطوير العمل المسرحي، ويذكر هنا على سبيل المثال حادثة حدثت معه لنكتشف ماهية هذا الجمهور وذلك حين اكتشف أن الجمهور الذي صفّق له طويلاً في عرض لكافكا كان نفسه يصفق لعرض آخر كله تهريج وابتذال، لذلك عندما شاهد هذا الجمهور يصفق بذات الحرارة لذاك العرض اكتشف كم كان عرضه سيئاً، ثم اكتشف أن عرضه لم يكن مفهوماً لهؤلاء الذين صفقوا له ولا يدري لماذا، وبالتالي يعتقد سلمون أن جمهور المسرح جمهور كرة قدم. ولكنه مع هذا لا ينكر أن جمهوراً مسرحياً قد تشكل في السنوات الأخيرة بفعل تطور الحركة الثقافية في سوريا بحيث أصبح هذا الجمهور أكثر وعياً إلا أن ما حدث برأيه هو أن المسرحيين لم ينجحوا في إفهامنا أن المسرح بحدّ ذاته نجم فاستعانوا بنجوم التلفزيون ليكونوا مصيدة هدفها إحضار الجمهور إلى المسرح مع أنهم كانوا يجب أن يفعلوا ذلك دون الاتكاء على هؤلاء النجوم لأن الجمهور في الحالة الأولى لن يأتي لمشاهدة العرض بل ليشاهد النجم الذي فيه، وهذا يعني أن إحضار النجم ما هو إلا حلّ مؤقّت لأن ذات الجمهور لن يأتي إلى أي عرض مسرحي لا نجوم فيه، ويبيّن سلمون أنه ليس ضد أن يعمل النجم في المسرح بل ضد أن يستخدم لملء مقاعده وغشّ الآخرين بأن مسرحنا بخير، في حين أن هذا الكلام برأيه غير صحيح لأن عقلية المسرح السوري مازالت متأخرة وهو يقوم على اسم أو اسمين وكأن لا مسرحيين في بلدنا، في حين أن المطلوب إفساح المجال أمام التجارب الشابة والأسماء الجديدة . وحول عدم وجود طقس مسرحي في بلادنا يقول ان عدم وجود طقس مسرحي ليس مشكلة الجمهور ، وإنما هو مشكلة المسرحيين. فإذا كان المسرحي نفسه غائباً بشكل عام عن الطقس المسرحي، فكيف يمكننا أن نطالب الجمهور باحترام الطقس. فالجمهور ليس بحاجة إلى تعليم، وإنما بحاجة إلى ثقة أكبر من قبلنا، أي يجب العمل على جذبه إلى المسرح ومحاولة خلق فرجة ممتعة ، العمل معه على إيجاد هذا الطقس. وعدم وجود طقس لا يعني عدم محاولة كسر الحاجز عن طريق الارتجال أو الهبوط إلى الجمهور ومشاركته ، بل يجب أن تسير الأمور بشكل متوازٍ.

المسرح خارج ثقافتنا
وعن أطروحة الدكتوراه التي نالها منذ أربع سنين والتي حملت عنوان "الوجه المستتر للمسرح السوري" يوضح أنها جاءت رغبة منه في تسليط الضوء على واقع النص المسرحي السوري، وخاصة أنه كان ينزعج من تسليط الضوء على كاتب مسرحي معيّن واختصار تاريخ المسرح السوري باسمه أو باسم مخرج معيّن كونهما أفضل كاتب وأفضل مخرج، في حين أن سلمون يرى أن التفضيل وسيلة لا يجب أن تُستخدم لقياس إبداع الآخرين، فلا يوجد في الأدب برأيه معايير مادية لفعل ذلك، مع تأكيده في الوقت ذاته على أن هذين الاسمين مهمان في تاريخ المسرح السوري وهو لا يبغي مما ذكره التقليل من شأنهما وإبداعهما بل يريد نفض الغبار عن كتّاب كثيرين شاركوا هذا الكاتب وهذا المخرج في التجربة المسرحية في الفترة ذاتها من خلال تقاطعات أجراها بين مجموعة من النصوص لكتّاب سوريين ليصل إلى نتيجة مفادها أن هناك الكثير من السرقات والتأثر وقلّة الإبداع، وليبيّن أن وليد إخلاصي الذي يعد من أغزر كتّاب المسرح في سوريا (45 مسرحية تقريباً) كانت لديه كتابات كثيرة من بنات أفكاره، في حين أن أسماء أخرى لمعت كثيراً اعتمدت أكثر على الاقتباسات وهذا برأي سلمون لا يقلل من قيمتها إلا أنه كمسرحيٍّ ومتلقٍّ يرغب في أن نفتح الستائر أكثر على المسرح السوري للحديث عن أسماء وليس عن اسم أو اسمين، كما خرج سلمون عبر هذه الأطروحة ليؤكد أن مسرحنا السوري مازال في البدايات ويستكين لعقلية مسرحية غير متطورة، والسبب أنه ليس لدينا ثقافة الانفتاح والتواصل مع الآخر، وذلك كله لأن المسرح مازال خارج ثقافتنا.