”تطورت المقاطعة في 2005، عندما طالبت 171 منظمة من منظمات المجتمع المدني في فلسطين من المجتمع الدولي التضامن مع الشعب الفلسطيني. ومن بين الأساليب الأخرى، طالبت هذه المنظمات بمقاطعة المؤسسات الاسرائيلية التي تتواطأ مع الاحتلال، بما فيها الجامعة العبرية التي بنيت اجزاء منها بشكل غير قانوني في الأراضي المحتلة.”
ـــــــــــــــــــــــ
ضربت الحركة المتزايدة لمقاطعة وعدم الاستثمار وفرض عقوبات على الجامعات الاسرائيلية على وتر حساس في اسرائيل. فقد اعلنت وزيرة العدل تسيبي ليفني مؤخرا ان حملة المقاطعة التي جذبت اهتماما جديدا عندما لحقت بها مؤخرا الجمعية الاميركية للدراسات" تتحرك وتتقدم بشكل منتظم وكبير. واذا لم تستجب اسرائيل، فإنها ستحول نفسها إلى مستوطنة معزولة في العالم."
وتعني ليفني ان انتقاد الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية يجب ان يتم اخذه مأخذ الجد. ومن جهته يقول يائير لابيد وزير المالية" ان العالم يبدو انه يفقد صبره معنا ... واذا لم نحقق تقدما مع الفلسطينيين، فإننا سوف نخسر دعم العالم وشرعيتنا."
وحركة المقاطعة هي تحذير لإسرائيل بأنها يجب ان تكون اقل عنادا في علاقاتها مع الفلسطينيين ـ وهو موقف ابعد ما يكون عن الاستجابة المسممة للجمعية الاميركية للدراسات داخل الولايات المتحدة، حيث طالما تعارض كثير من المنظمات أي نقاش لواقع الاحتلال الاسرائيلي. في 2010، أبلغت مجموعة هيليل الجامعية اعضاءها ان فروعها غير مسموح لها بدعوة المتحدثين الذين يؤيدون المقاطعة وعدم الاستثمار والعقوبات ضد دولة اسرائيل.
وبعدما قرر نادي كلية هيليل في سوارثمور السماح بنقاش مفتوح في قضايا مختلفة ـ بما في ذلك دعوة منتقدي اسرائيل للحرم الجامعي، كرر رئيس هيليل اريك فينجرهوت انه لن يسمح للمعاديين للصهيونية بالتحدث باستخدام اسم هيليل او تحت سقفها مهما كانت الظروف. ويعزم طلبة سوارثمور تحدي هذه الارشادات. ويعد تصرفهم جزءا من المناخ المتغير بين الشباب، حيث يريد الكثير منهم نقاشا جادا بشأن الاحتلال.
تطورت المقاطعة في 2005، عندما طالبت 171 منظمة من منظمات المجتمع المدني في فلسطين من المجتمع الدولي التضامن مع الشعب الفلسطيني. ومن بين الأساليب الأخرى، طالبت هذه المنظمات بمقاطعة المؤسسات الاسرائيلية التي تتواطأ مع الاحتلال، بما فيها الجامعة العبرية التي بنيت اجزاء منها بشكل غير قانوني في الاراضي المحتلة. وقد تم مطالبة المؤيدين بزيادة الوعي بشان عدم وجود حرية اكاديمية للفلسطينيين، ليس في الاراضي المحتلة فقط بل داخل اراضي 1948. وداخل الاكاديمية الاسرائيلية، ليس هناك اهتمام كبير بانعدام الحرية هذه: ففي 2008، تم ارسال التماس نيابة عن الأكاديميين الفلسطينيين إلى 9 آلاف اكاديمي اسرائيلي، وقع عليه 407 منهم فقط. احد الاسباب التي تجعل الاكاديميين الغربيين يستثمرون في الحركة هو توفير زمالة مع الاكاديميين الفلسطينيين الذين يتم إسكات صوتهم.
وينبع رد الفعل المبالغ فيه على قرار الجمعية الاميركية للدراسات من حقيقة بسيطة: وهي ان للحركة تأثيرا كبيرا في الغرب. ويأتي هذا التأثير، كما كتب بيتر بينار في الخريف الماضي، لأن الحركة تقويها التفاعلات مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة الاسرائيلية. ولا تدرك الزعامات اليهودية الاميركية قوة هذه التفاعلات لأنهم نادرا ما يرونها بأنفسهم. وتضم هذه التفاعلات، التي نادرا ما يتم عرضها في وسائل الاعلام، نشطاء المجتمع المدني الفلسطينيين الذين يقومون بجولات داخل الولايات المتحدة ونشطاء حركة تضامن الدولية ومنظمات دينية في الضفة الغربية وغزة، حيث تدور الحوارات في التجمعات الدولية مثل منتدى الاشتراكية الدولية والنقاشات بين الموسيقيين الفلسطينيين والغربيين بشأن الصعوبة التي يواجهها الفلسطينيون في حياتهم اليومية.
والاكاديميون الاميركيون ليسوا في الريادة هنا. فهذه الامور اكثر تطورا في اوروبا حيث تحارب الكليات من اجل عدم الاستثمار ومقاطعة اسرائيل وحيث يتحرك الاتحاد الأوروبي صوب تصنيف المنتجات من المستوطنات الاسرائيلية غير القانونية. بيد ان الأكاديميين الاميركيين يدركون مهمة خاصة: وهي ان المؤسسات الاسرائيلية التي تستفيد من الاحتلال تعمل ذلك بحصانة يمنحها لها الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي الاميركي. فإذا كانت الولايات المتحدة تكفل الاحتلال الاسرائيلي لحياة الفلسطينيين، عندئذ يكون على العلماء الاميركيين مسئولية وضع هذا الدعم في عين الاعتبار. وهذا هو سبب تصرف الجمعية الاميركية للدراسات وانا سعيد بأنها تصرفت على هذا النحو.

فيجاي براشاد* استاذ كرسي ادوارد سعيد للدراسات الأميركية في الجامعة الأميركية ببيروت. خدمة واشنطن بوست ـ بلومبيرج نيوز خاص"الوطن"