طرابلس ــ وكالات:
أعلنت غرفة عمليات حكومة الوفاق الوطني الليبية أمس أن قوات الجيش الليبي والكتائب المساندة له أحكمت سيطرتها بالكامل على مناطق أبو قرين والوشكة ووادي زمزم الاستراتيجية في مدينة مصراته شرق طرابلس. . يأتي ذلك بينما كشف تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن اقدام عناصر "داعش" باعدام 49 شخصا في مدينة سرت الليبية منذ دخوله اليها.
وذكرت وكالة الانباء الليبية (وال) أن هذه القوات لاتزال تطارد بقايا فلول "داعش" بالمنطقة. وقال المكتب الإعلامي لغرفة عمليات "البنيان المرصوص" التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية إن سلاح الجو الليبي ساند تقدم هذه القوات بضربات جوية على آليات المجموعات الإرهابية. وأضاف أنه قتل في هذه العمليات سبعة عسكريين من قوات الجيش منهم ضابط برتبة عقيد من سرية الهندسة والمتخصص في نزع الألغام. وسيطر تنظيم (داعش) على المناطق الثلاث، بعد أن خرج التنظيم من قاعدته في سرت وتمدد غربا. وتقع هذه المناطق في منطقة استراتيجية قرب الساحل عند الطريق الرئيسي الذي يربط الشرق الليبي بغربه، ومدينة مصراتة شرق طرابلس بمدينة سرت وبالجنوب الليبي أيضا. وفي وقت سابق، أعلنت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبي أنها استعادت السيطرة على منطقة أبو قرين الاستراتيجية شرق طرابلس، بعد معارك مع تنظيم داعش. وقالت غرفة العمليات الخاصة بمحاربة "داعش" على صفحتها في موقع فبسبوك "قواتنا تسيطر على بلدة ابو قرين بالكامل وطلائع الجيش تصل الى بلدة الوشكة شرق بوقرين على بعد 25 كلم". واضافت ان "سرية هندسة الميدان تواصل تمشيط بلدة ابو قرين والكشف على الالغام والمفخخات في المباني السكنية". وتبعد ابو قرين حوالى 130 كلم غرب مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) الخاضعة لسيطرة "داعش" منذ يونيو 2015، وعلى بعد نحو مئة كلم جنوب مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز القوات الموالية لحكومة الوفاق. وكان "داعش" نجح الاسبوع الماضي في السيطرة على منطقة ابو قرين الواقعة على طريق رئيسي يربط الغرب الليبي بشرقه ومدينة مصراتة بالجنوب الليبي بعد معارك مع القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني. واوضحت غرفة العمليات التي انشأتها حكومة الوفاق وجعلت من مصراتة مقرا لها ان القوات الحكومية تقدمت بشكل سريع امس الاول ووصلت إلى منطقة تبعد نحو 50 كلم عن غرب مدينة سرت. واشارت إلى ان سبعة من عناصر قوات حكومة الوفاق قتلوا امس الاول، ثلاثة منهم قضوا في انفجار لغم ارضي، بينما اصيب 15 عنصرا اخر بجروح. وتخضع القوات العسكرية في الغرب الليبي لسلطة حكومة الوفاق الوطني، بينما يقود الفريق اول ركن خليفة حفتر مدعوما من البرلمان، قوات في الشرق الليبي مؤيدة لحكومة لا تحظى بالاعتراف الدولي. وجاء نجاح التنظيم في التمدد غرب سرت للمرة الاولى قبل ان توقف قوات حكومة الوفاق تقدمه، في وقت تعلن الحكومة الليبية وقوات الحكومة الموازية في الشرق قرب مهاجمة قواعد التنظيم لاستعادة سرت.
وكانت منظمة هيوم رايتس ووتش الحقوقية اتهمت في تقرير نشرته أمس "داعش" باعدام 49 شخصا في مدينة سرت الليبية منذ دخوله اليها في فبراير 2015، معتبرة ان هذه الاعدامات تشكل "جريمة حرب". وقالت المنظمة في تقريرها ان عمليات الاعدام الـ49 التي نفذها التنظيم شملت "قطع الرقاب واطلاق النار"، مضيفة ان بين من اعدموا مقاتلين اسرى ومعارضين سياسيين "واناسا اتهمهم داعش بالتجسس والسحر والشعوذة واهانة الذات الالهية". واوضحت هيومن رايتس ووتش في التقرير المؤلف من 41 صفحة انها تحدث الى 45 شخصا من سكان سرت (450 كلم شرق طرابلس) السابقين والحاليين، التقت بعضهم في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، واجرت مقابلات مع اخرين عبر الهاتف والبريد الالكتروني. وتحدث سكان سرت عن "مشاهد" مرعبة مثل قطع الرؤوس في الشارع، ومشاهدة جثث في ملابس برتقالية صلبت على مرأى من الناس، وخطف الرجال من منازلهم ليلا على ايدي مسلحين ملثمين. وقال السكان ان "شرطة الآداب" التي يطلق عليها التنظيم اسم "الحسبة" تقوم بتهديد الرجال "وتفرض عليهم الغرامات وتجلدهم بسبب التدخين والاستماع للموسيقى او لانهم لم يفرضوا على زوجاتهم واخواتهم لبس عباءات فضفاضة". كما تقود الشرطة الرجال والاطفال في سرت الى المساجد للصلاة والتعليم الديني الاجباري، بحسب ما افاد السكان. وقالت احلام (30 عاما) التي أتت الى مصراتة للعلاج من طارئ صحي قبل ان تعود الى مدينتها "الحياة في سرت لا تطاق. الجميع يعيشون في رعب. إنهم يقتلون الأبرياء، ولا توجد متاجر ولا مستشفيات ولا أطباء ولا ممرضون ولا دواء". وتابعت "يوجد جواسيس في كل الشوارع. اغلب الناس غادروا ولكننا عالقون. ليس لدينا ما يكفي من المال لنغادر". ويسعى التنظيم الارهابي الذي يضم نحو خمسة الاف مقاتل في ليبيا إلى التوسع شرق وغرب سرت.
وتخوض قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس معارك مع التنظيم غرب سرت، تمهيدا للتقدم نحو معاقله في المدينة، بحسب ما اعلنت الحكومة التي طلبت شراء طائرات وتدريب طيارين بعدما عبرت الدول الكبرى الداعمة لها عن استعدادها لتسليحها في مؤتمر دولي في فيينا الاثنين. وقالت هيومن رايتس ووتش ان الاعدامات التي نفذها التنظيم في سرت تشكل "جريمة حرب، قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية"، معتبرة انه "في الوقت الذي يتركز فيه انتباه العالم على الفظائع في سوريا والعراق، تنجو داعش بجرائمها في ليبيا".
إلى ذلك، قالت مصادر عسكرية ليبية إن عدة دول أجنبية، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا، تبحث عن حلفاء محليين في عدة مدن ليبية، لمواجهة تمدد تنظيم داعش من جهة، ومساعدة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج من جهة أخرى. ووفقا لما نقلته صحف دولية أمس، فإن المصادر كشفت النقاب عما وصفته بمعلومات مؤكدة عن وجود مجموعة من قوات عسكرية خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا تشارك مع كتائب مصراتة الموالية لحكومة السراج في مناوشاتهم ضد داعش في غرب البلاد. وتزامنت هذه المعلومات مع إعلان بيتر كوك، الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، أن فرقا صغيرة من قوات العمليات الخاصة الأميركية تعمل في ليبيا لجمع معلومات استخباراتية. وأكد كوك في تصريحات له، أمس، أن بلاده ما زال لديها "وجود صغير" في ليبيا، مهمته محاولة تحديد الأطراف والمجموعات التي قد تكون قادرة على مساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد داعش. وذكرت احدى الصحف أنها حصلت على معلومات تشير إلى قيام إيطاليين وأميركيين وبريطانيين بعقد اجتماعات سرية في قاعدة مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس مع عبد الرؤوف كارة، قائد ما يعرف باسم "قوة الردع الخاصة" والمسيطر على معيتيقة. ونقلت عن مسؤول ليبي في معيتيقة أن كل فريق لا يتجاوز عدده 20 ¬ 15 ، وأنه سيتم زيادة الأعداد حسب الحاجة. وتابع: "في مصراتة، لا أعرف الأعداد، ولكن أتوقع أنهم أكثر بكثير، لكون مصراتة لا يوجد فيها اعتراض كبير على وجود قوات أجنبية والتعامل معها". وطبقا لما قاله المسؤول، وهو ضابط كبير في الجيش الليبي اشترط عدم تعريفه، فإن "تواجد هذه العناصر الأجنبية يمثل مشكلة حقيقية للجيش الليبي الذي يقوده الفريق خليفة حفتر الموالي للسلطات الشرعية في شرق البلاد، لأن وجودهم من دون علم القيادة، وبالتالي أهدافهم ليست معروفة".