كل شيء ...

كل شيء يمكن للخاطر نكرانه إلا أنتِ ، أنت ذنبي الوحيد فلا توبة منه، وجريمتي الذائعة فلا تستر عليها، وأنا لكِ عقلك الشارد الغارق في غواية الظنون، ومقارف الاضطراب والحيرة!! هذا لدرجة أنني أتمنى أحيانا فنائي المبكر ولا أفنى كل ساعة أمام حيرتك التي لا داء لها إلا أنا!!!
أعتقد أن صفحتي خلتْ لديك من كل بياض ، واختفتْ معالمها بقبائح الشكوك المفضية إلى يقين دفني حيا جنبا بجنب مع موءودة الجاهلية الأولى .. وهل من شك في تقصيك مني شوارد الأنفاس ، ونوازع الزلات لا لشيء إلا لأنني من وشمك بقدر الحب حياة وموتا، واستخلصك من جملة الآدمية لتحيلي ملوحة البحر في يأسي ماء فراتا من سكينتي وأنسي...ولو أن امرأة مكانك اليوم من شعوري لرقصت على محامل السحاب كلما أرقصتها أشعاري ورسائلي على مسارح الأدب، ومفاتن ميدان الكلمات ..لكنك تسحرينني كل يوم بهذا الغضب الأنثوي الحاضن لدبيب رجولتي كأنما يتعهده من جديد ليكون في قرار نظرتك شابا يافعا فتيا.
تأكدي من اخضرار الأوراق على مصاف الأفنان لتعلمي أن تلك النضرة في حياة اللون المورق جزء من قوام حياته ، كما أنك يا شجرة عمري أحلى لون يعكس لحياتي بقاء الحياة واستمرارها .
ولا تلتصقي بي ساعة اللقاء بعد غياب حتى أملأ حدقتي من خمر مرآك الزاهي ، ومن ثم أروّي به ورد شفتيك الظامئتين حياة ورونقا.
شاقني كل شيء فيك حتى سعار غيرتك الحارق الحارق، ولو طوّعت لما سمحت لشيء منك تسرقه يد الاستثناء الخفية حتى أذيبك كلك في راحتي فلا تتجاوزين بلة مراشفي يا شهد ظمأ الروح.
***
ما يسحرني من إشعاع حرفك خصوصية ندائي من خلال شعورك، ومد يدك من بعيد تتحدى المسافات لتكشف عن مستودع السر مني فتضع تقريرها حين لا يتجاوز بدء الألف من شعوري وحتى نهاية الياء من سطوره الخفية إلا عليك. وكأنما عذرتني حينها فما أنا إلا حروف تخلقتْ في مهد حروفك حتى بضّها الشباب، وأيفعتها وردة ربيعه.
ومثلتْ بين يديك تغرق في بحرك لاعتمادها أنك الربان أزبد البحر أم غفا على صفائه المعهود.اعذريني لو لفتني الظنون في غلالة من سهر، وبردة من تسهيد..فإن حروفك باتت لي عضلة الوصل بين عظمي، ولحمي، ووصلة المصير بين طرفي يومي، وغدي، وأمسي...فلم لا أفتقدها؟؟ ولم لا أعتابها؟؟ ولم لا أمضي في طريق حيرتها فاقد الأهلية لمعرفة كل حرف سواها، أو تمازج دواخلي مع وسط غيرها؟ إنها صوت السحر يجلو عن جبين الشباب دواعي القتر، وداعية الضحى المشمس أتعرض لها كلما أحوجتني ضرورة الاستدفاء إلى محض الشمس الوديع الدافئ.
وهاك صمتي الذي استجلب من ألطافك مادة الاحترام، إنه لغة مخاطبتك إذا ما فارت قدر الشعور في سِجّينها فأقفرت ميادين اللغات بأجمعها أن تهبني حرفا يحمل مني إليك كلمة من نوع دفائن السر الخفي الغافي على أنشودة تراتيلك اليومية يا فاتنة الحروف الفلاسية.
وأنا هنا منذ زمن مقيم على مقربة من حياضك المصون ، أحاول اختراق كل حاجز مقيت أراه يحول بيني وبين بياض قربك ، وتعلن ساعة الاختراق صفارتها ليصلني شيء من ورد ، عطر ، عبق أنفاس شذية تتصدر الجنان مسكا وطيبا ، وكله أنت ، ومنك ....آه لو تتصورين أي سر أنت بداخلي !! أي تكتم انحنت عليه أضلاعي من زمن ، أي شغاف أنت أحاط بفؤادي وأعلن ألا علانية تهتك ستر الداخل ، وما الداخل إلا أنت شخصا وكيانا ، روحا وجسدا!!!
ومضت الأيام وأنا أقدم رجلا وأؤخر أخرى علني أحظى بانتباهة ولو لم تقصد ، أو التفاتة ولو لم ترد ، حتى التقينا على مراسم الحرف لأول مرة ، فجرى اسمي على شفاه حرفك طواعية انسياب ، وانسياب قدر أيتها الشاعرة الجميلة في سحر الحرف .

عتيق بن راشد الفلاسي
[email protected]