لا يزال البعض يتهاون فيما يعرف بمزحة أو كذبة ابريل، وينتظر هذا التاريخ السنوي للتباري في الكذبة التي ستكون أكثر وقعا على الطرف المتلقي، دون مراعاة لنتيجة هذا الفعل لدى الطرف الاخر، حتى وأن وصل الامر الى أزمة قلبية.!
يعلل البعض هذا الفعل إلى أنه مجرد مزحة، وأن ذلك لا يتجاوز ـ بالنسبة لهم ـ حدود المزاح والتسلية وترويح النفس، ومنهم من يأخذه الجهل الي اعتبار ذلك مجرد كذبة بيضاء لا حساب عليها، وكأن هؤلاء لا يعلمون أن الكذب حتى وإن جاء مزاحا، فهو غير مقبول اطلاقا، وأن كل من يكذب، ويكتشف الاخرون كذبه، فإنه يفقد ثقتهم واحترامهم، ويتعاملون معه فيما بعد على أنه شخص ضعيف وناقص وفارغ من الفكر الايجابي مع الذات والغير، ولعلي هنا أستحضر في سياق الحديث، ما يراه الكاتب والباحث الانجليزي جون شيمل، في أن الكذب هو سمة المستضعفين، وأن الإنسان غالبا‏ ‏ما يلجأ الى الكذب لإحساسه بالضعف والمعاناة والاضطهاد، وللهروب من واقع ‏أليم يعيشه، مقابل أن يقدم أقوالا وأفعالا على غير صحتها وحقيقتها، حتى وإن كان ذلك من باب المزاح والنكات.
عادة أبريل، أصبحت ترفضها معظم مجتمعات وشعوب العالم، بما فيها الشعوب الانجليزية والفرنسية والهندية، وهي الشعوب التي عرفتها ـ كما تشير بعض المصادر ـ منذ ما يزيد على ثلاثة قرون زمنية تقريبا، حينما ظهر للعالم ما يعرف بكذبة أو نكتة أو مزاح ابريل (نيسان)، ومنذ تلك الفترة اتسعت هذه العادة بشكل ملحوظ، وتنوعت أشكال وأنواع الكذب في أول يوم من شهر أبريل في كل عام، وتعدد حجم الأشخاص الذين وقعوا ضحايا هذه الكذبة (الغربية) التي لم تقتصر فقط على العامة ومحدودي الفكر والثقافة، بل وصلت الى الكبار من صناع القرار ورجال السياسة والاقتصاد في بعض الدول الغربية، وكما تشير بعض المصادر الى مشاهير كذبة ابريل، أن أحد الملوك كان يزور متحفا في عاصمة بلاده، وكان ذلك يصادف يوم الأول من أبريل، فسبقه الى المتحف أحد الرسامين المشاهير، وقام برسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة على أرضية المتحف، ولما رآها الملك أمر أحد حراسه بالتقاطها، قبل أن يكتشف الجميع أنها مجرد مزحة، وكما يروى ايضا فإن لضحايا كذبة أبريل مسميات متعددة في الدول الغربية، فمنهم من يسمى بالسمكة وفي دول أخرى بالنكتة ومنهم من يسمى بضحية كذبة أبريل، وجميع هؤلاء من الضحايا يبقى بين زملائه مصدرا للضحك والسخرية.
من المؤسف حقا أن يصبح الكذب عادة لدى البعض لا يستطيعون مفارقتها، وشيء يجدون فيه المتعة التي لا تعود عليهم وعلى غيرهم الا بالخسارة، وقد وصل الحال لدى البعض أن ما يقال في يوم الاول من ابريل، ليس الا كذبة او نكتة، وهنا نسأل الله ان يلطف بنا وأن لا يصل بنا الحال في يوم ما، كحال تلك العجوز الانجليزية التي استغاثت ولم ينجدها أحد، حينما اشتعلت النيران في مطبخ منزلها وكان ذلك في صباح اليوم الأول لشهر ابريل، حيث هرعت هذه العجوز الى شرفة منزلها تطلب النجدة وتدخل المارة، ولكنها لم يصغ إليها أحد، حيث ظن الجميع أن الأمر لا يتجاوز كذبة أبريل، وأنهم اعتادوا على مثل ذلك، وأن لا محل للصدق في يوم كذبة أبريل.
اذا كنا نتفق جميعا أن الكذب فعل غير مقبول لدى الجميع، فإنه من المؤمل أن يراجع "أهل كذبة ابريل "أنفسهم، وأن نعمل جميعا للتصدي لهذه الحالة التي يظنها البعض هينة، وهي في حقيقتها فعل حرمه الدين الاسلامي في جده وهزله، وفعل نبذته كل الشعوب والديانات.

علي البادي
[email protected]