إنه لمن يُمن الطالع ان نحتفي بافتتاح هذا الصرح الشامخ من صروح العدالة وسط انجازات تحققت للنظام القضائي في بلادنا الغالية في هذا العهد الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ رئيس المجلس الاعلى للقضاء.
لقد حظي النظام القضائي باهتمام جلالته ـ أبقاه الله ـ منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد فانشت المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها منها ما يعنى بالقضاء الشرعي والمدني منها مايختص بالقضاء الجزائي اضافة الى المحكمة التجارية التي كانت لها ولاية النظر لفصل الدعاوى التجارية .
وبصدور قانون السلطة القضائية بالمرسوم السلطاني رقم:(90 / 99) دخل النظام القضائي عهدا جديدا في التطوير والتحديث فتوحدت المحاكم الشرعية والجزائية والتجارية تحت مظلة واحدة "القضاء العادي" وتأتي على قمة الهرم القضائي المحكمة العليا التي نحتفي بافتتاحها اليوم ثم محاكم الاستئناف التي تتوزع على مختلف محافظات السلطنة حيث أوجد القانون محاكم الاستئناف في كل من مسقط والسيب وصحار والرستاق ونزوى وإبراء وصور والمضيبي والبريمي وعبري وصلالة والدقم ومسندم تنظر في الدعاوى المستأنفة من المحاكم الابتدائية بمختلف الدوائر عدا دائرة محكمة الجنايات فتنظر من محكمة الاستئناف ابتداء ويطعن بالحكم الصادر منها أمام المحكمة العليا ثم المحاكم الابتدائية التي تتوزع على مختلف ولايات السلطنة، حيث يوجد حالياً أربع وأربعون محكمة وينشد المشرع من تعداد المحاكم في مختلف محافظات وولايات السلطنة تقريب العدالة بين المتقاضين واختصار الجهد والوقت والمال وتتشكل بكل محكمة عدة دوائر.
أ ـ دائرة المحكمة الشرعية: وتتولى النظر والفصل في قضايا الأحوال الشخصية وفق قانون الأحوال الشخصية
ب ـ الدائرة المدنية: تختص بالنظر والفصل في الدعاوى المدنية كدعاوى المطالبات.
ج ـ الدائرة الجزائية: تختص بالنظر والفصل في الدعاوى وفق قانون الجزاء العماني.
د ـ الدائرة التجارية والضريبية: تختص بالنظر والفصل في الدعاوى التجارية وفق قانون التجارة.
هـ ـ الدائرة العمالية: تختص بالنظر والفصل في الدعاوى التي تنشأ بين العامل وصاحب العمل وفق قانون العمل.
و ـ دائرة المرور : تختص بالنظر والفصل في الدعاوى والمخالفات المرورية وفق قانون المرور.
ز ـ دائرة محكمىة الاحداث: تختص بالنظر والفصل في دعاوى الاحداث وفق قانون مسألة الاحداث.
على ان هناك دوائر تنظر من المحكمة العليا ابتداء تكون المحكمة العليا في هذه الدوائر محكمة موضوع فتحرج فيها عن وظيفتها الاساسية مراقبة القانون ومدى تطبيقه.
وهذه الدوائر هي:
1 ـ دائرة العضل، وتحتض بالنظر والفصل في قضايا الزواج ، وتوضيحا لذلك، إذا رغبت المرأة الزواج من شخص معين ورفض والدها الزواج من الشخص الذي تريده لها أن ترفع دعواها بصحيفة تودعها أمانة المحكمة العليا بطبها واسباب رفض والدها وإذا صدر حكم من المحكمة العليا برفض دعوها فيجوز لها أن تتظلم من الحكم الصادر الى جلالة السلطان يقدم الى ديوان البلاط السلطاني خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم.
وهذا الاستثناء الذي أوجده المشرع للتسهيل على المتقاضين وضمانا لسرعة الفصل في مثل هذه الدعاوى.
2 ـ دائرة الفصل في دعاوى شؤون القضاة وأعضاء الادعاء العام، فتختص هذه الدائرة بالنظر والفصل في الدعاوى التي يرفعها القضاة وأعضاء الأدعاء العام الخاصلة بسائر شئونهم الوظيفية.
ويعتبر صدور المرسوم السلطاني تحولاً تاريخياً في النظام القضائي بالسلطنة حيث أصبحت السلطة القضائية مستقلة إستقلالا تاما عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وبصدور المرسوم المذكور اخذ مجلس الشؤون الادارية للقضاء على عاتقه تنفيذ التوجيهات السامية بتطوير النظام القضائي ووضعه موضع التنفيذ وذلك بتهيئة كل السبل الكفيلة بالسمو والرقي بالمرفق القضائي ففي مجال البنية الاساسية قام المجلس بانشاء مجمعات للمحاكم في كل من عبري وابراء وصلالة ومسقط وصحار و البريمي والرستاق ونزوى.
وفي مجال التدريب والتاهيل قام المجلس بعقد دورات وندوات ولقاءات متخصصة داخل السلطنة وخارجها لتدريب وتأهيل القضاة ومساعديهم والموظفين كما قام بتعيين الكادر الوظيفي للمحاكم.
وفي مجال التعاون مع القوانين قام بطباعة القوانين في كتيبات يسهل الرجوع إليها من قبل القضاة والمختصين، كما قام المكتب الفني بالمحكمة العليا بإصدار مجموعة الأحكام القضائية من المحكمة العليا بمختلف الدوائر وأستخراج المبادئ القانونية منها، كما قام المكاب بإصدار العدد الثاني من مجلة القضائية وهي مجلة دورية تضم بين جنباتها الإحكام القضائية المختارة والدراسات القانونية والبحوث المنتقاة.
وهكذا يستمر العطاء المتدفق وتتوالى الإنجازات في العهد الإنجازات في هذا العهد الزاهر الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ليتبؤأ النظام القضائي لمكان المرموق والمنزلة الرفيعة كما أراد له جلالته ـ أبقاه الله ـ ولا يسعنا ونحن نحتفل فإفتتاح منجزات هذا العهد المبارك إلا أن نتقدم بايات الشكر والعرفان للمقام السامي مقرونة بالدعاء الى المولى عزوجل أن يحفظ جلالته ويكلأه برعايته وأن يمده في عمره، ان يحفظ عمان عامرة بالنمو والإزدهار محفوفة بالأمن والاستقرار.


د/ محمد بن عبدالله الهاشمي
قاضي المحكمة العليا ـ رئيس محكمة الاستئناف بإبراء