المسؤولية الجنائية لأعضاء مجلس الإدارة بشـركات المساهمة في ظل الحوكمة
إلى جانب المسؤولية المدنية لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة التي تترتب بسبب القرارات والأفعال الصادرة عن مجلس الإدارة المخالفة لأحكام القانون في صورة المسؤولية سواء العقدية أو التقصيرية تنعقد مسؤوليتهم الجنائية عن بعض الأفعال التي يأتونها وتشكل جرائم جنائية، يعاقب عليها القانون سواء كان معاقبا عليها في قانون الجزاء أو في قانون آخر...
وعلى خلاف الأخطاء المدنية التي لا تقع تحت حصر، باعتبار كل خروج عن الصلاحيات والسلطات المخولة للأعضاء، وعدم احترام نصوص القانون يعد في حد ذاته خطأ مدنيا يوجب التعويض، فإن الأفعال التي تشكل جرائم قد جاءت على سبيل الحصر وسواء وردت في قانون الجزاء أو في قانون خاص، إعمالا لمبدأ «شرعية الجرائم والعقوبات»، والمتتبع في هذا الشأن يدرك أنه قد تقع أفعال من أعضاء المجلس وتندرج تحت طائلة قانون الجزاء كما في حالة ارتكابهم أفعالا تشكل جرائم نصب أو خيانة أمانة أو تزوير ومن ثم يخضع هؤلاء الأعضاء للعقوبات المنصوص عليها في قانون الجزاء... وفي المقابل قد تقع الأفعال التي يرتكبها أعضاء المجلس تحت طائلة قانون آخر غير قانون الجزاء كما في حالة مخالفة القوانين التي تحكم الشركات المساهمة وأنشطتها، حيث تتضمن عقوبات عن بعض الأفعال المحددة وبالتالي عندها يخضع أعضاء المجلس لهذه العقوبات متى شكلت أفعالهم جرائم...
الجدير بالذكر أن المقصود بالقوانين الخاصة المنظمة لشركات المساهمة هي قانون الشركات رقم (4) لسنة 1974م، وميثاق تنظيم وإدارة شركات المساهمة العامة الصادر بالتعميم رقم (11/2002) وتعديلاته وكذلك القرارات الوزارية مثل القرار رقم (137/2002)...
والواقع أن المسؤولية الجزائية لأعضاء مجلس الإدارة تجد أساسها القانوني في العديد من النصوص القانونية الخاصة بالشركات، خذ على ذلك مثال نصوص المواد (170) و(170) مكرر و(171) من قانون الشركات العماني التي عددت الكثير من الأفعال المتصور وقوعها من أعضاء المجلس وتشكل جريمة أو تحدد العقوبات المقررة لها، وقد تضمنها الباب السابع من قانون الشركات وتحت عنوان «العقوبات»، كما أشارت إلى هذه المسؤولية المادة (6) من القرار رقم (137/2002) المنظمة لقواعد وشروط إنتخاب أعضاء المجلس والأحكام الخاصة بمسؤولياتهم، حيث تنص المادة المذكورة على أن «يكون أعضاء مجلس إدارة الشركات المساهمة مسؤولين مسؤولية تضامنية دون إخلال بمسؤولية كل منهم الشخصية والجنائية...»، ويتضح جليا من هذا النص أنه يقر المسؤولية الجنائية لأعضاء مجلس الإدارة عن أفعالهم التي تشكل جرائم...
كما تضمنت هذه المسؤولية الجنائية المادة (44) من قواعد وشروط إفصاح الجهات المصدرة للأوراق المالية وتعاملات الأشخاص المطلعين الصادرة بالقرار رقم (5/2007) حيث جرى نصها بالآتي: «مع عدم الإخلال بالجزاءات التأديبية والعقوبات المنصوص عليها في قانون سوق رأس المال وأي قانون آخر، يطبق على الجهات المصدرة المتخلفة عن تطبيق هذه القواعد والشروط الغرامات الواردة بالملحق رقم (3).». وبمراجعة نصوص هذا الملحق نجد أنه يتضمن بيانا بطبيعة المخالفة التي قد تقع من الشركة أو مجلس إدارتها وقرين كل بيان الغرامة التي توقع على المخالف...
وقد حدد قانون الشركات العماني في عدد من المواد الأفعال المجرمة التي قد يأتيها أعضاء مجلس الإدارة... مثال الأفعال التي حوتها المادة (170)، وهي: 1- إدراج أو استعمال معلومات كاذبة مبنية على الغش في عقد تأسيس شركة تجارية أو في نظامها... 2- إجبار الآخرين على الإنتماء إلى شركة تجارية باستعمال الطرق الاحتيالية. 3- تقدير قيمة أو مقدمات عينية في رأسمال الشركة بملغ يزيد على 25% عن سعرها الحقيقي بنية الغش. 4- الاشتراك في توزيع أرباح صورية لشركة تجارية على أساس ميزانية مغشوشة أو دون ميزانية أو على أساس قائمة جرد أو حساب أرباح وخسائر مغشوشين وذلك مع علمه بالأمر...
ويعاقب المشرع على أي من الأفعال السابقة بالسجن من ثلاثة أيام إلى ثلاث سنوات أو بغرامة من عشرة إلى خمسمائة ريال عماني أو بكلتا العقوبتين... وتضيف المادة (171) من قانون الشركات بعض الأفعال المجرمة التي قد تقع من أعضاء ورئيس المجلس مثال ذلك 1- إدراج أو استعمال عن إهمال معلومات كاذبة في عقد تأسيس شركة تجارية، 2- استعمال الإيصالات الصادرة من الشركة وكذلك الإنذارات والمستندات الأخرى التي تصدر منها دون أن تشير إلى إسم الشركة ونوعها ومركز عملها الرئيسي ورقم ومكان تسجيلها في السجل التجاري...


د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد-
كلية الزهراء للبنات
[email protected]