[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تكاد لا تصدق وانت تتابع اخبار لبنان ان ثمة تحولات تجري في وقت يصعب تصديق حصوله. كأن يتقدم الجيش إلى مدينة طرابلس ليغير من صورة التشوه الذي فعله المسلحون بها، بل ليلاحقهم، وليعتقل بعضهم وقد فعلها. ماذا تغير كي تتقدم الخطة الامنية ويتنفس الطرابلسيون الصعداء، ويشعرون ان ثمة ما يبعث على التساؤل.
عندما كان المسلحون في عاصمة الشمال اللبناني يزرعون الرعب في كل انحاء المدينة، كان الجيش مستهدفا هو الآخر بين المستهدفين .. وكان مفهوما في تلك الأوقات التي تكررت عشرين مرة تقريبا، ان المسلح لا يحمل السلاح فقط، بل هو حامل لقرار سياسي بيده الأخرى تجعله يمر إلى حيث يريد دون خوف .. وكان هذا القرار صناعة خارجية يصعب على اهل الداخل وقواتهم ان يقفوا في وجهها، حتى وان كان الجيش هو القادر الوحيد على تغيير الصورة، تماما كما فعلها في عبرا الصيداوية حين زادها كثيرا المدعو احمد الاسير الذي لبس ثياب المشيخة واراد ان يحاسب من لم يعجبه، وخصوصا حزب الله، فقيل يومها انه تم رفع الغطاء عن هذا المدعو البائس فذهب "فرق عملة"، ودفع الثمن هاربا ملعونا.
فهل نال الجيش في طرابلس ايضا ما حظي به ابان هجومه على عبرا .. هل العبد المأمور تراجع حين أمر صاحب الأمر، بل انه تحول الى مرذول، وهل جاءت كلمة السر من المكان الذي تصدر منه اسرار الكلمات الحاسمة التي لا تراجع عنها بل تنفيذ حرفيتها بالكامل!.
ثم هل يعني ان المدينة لن تعود إلى سابق عهدها كلما كان عليها ان تدفع ثمنا لحدث أو معنى، بما يعني ان المشهد الخارجي الجديد لها بما حمله من متغيرات، سيصمد طويلا كي يتحول إلى صورة الحقيقة الباقية.
نكاد لا نصدق ما يجري في مدينة كان قادة المحاور والمتاريس فيها يستعدون لمعارك مع الجيش، ينذرون ويتوعدون، يقولون انهم صامدون ولن يغيروا اماكنهم ولن يتراجعوا .. بل ان بعضهم كان يزأر امام شاشات التلفزة وحوله مسلحوه الذين يكبرون اعجابا بتهديداته.
عندما نسأل عن طرابلس في أول ايام الخطة الأمنية يحدونا الخوف على تلك الخطة التي فشلت مرات، وقيل يومها ان المفشلين هم من الكبار دائما وانهم عبيد مأمورين، بل ان احدهم وهو نائب شمالي، تحدث عن نفسه بأن النبي محمد جاء والده في المنام وبشره به، فكان ان اضحك كثيرين، لكنه كان يعني ان دوره مرسوم له من قبل كبار ارادوه ان يكون قائدا لمأموريتهم.
من باب التمني، يود اهل طرابلس المساكين الذين لم يعودوا يعرفون مدينتهم لكثرة ما نزل بها من آلام ومساوئ، ان يصدقوا هذه المرة بأن موعد التهدئة قد أزف، وان يوم حساب المسلحين قد بدأ، فهم جميعا معروفون لدى اهل الأمن والمخابرات والسلطة، ومعروف كل واحد منهم من أين يقبض امواله وكيف يقبض ومن يحركه ومن اين يتلقى اوامره. لكنه مع الأسف لا يعرف نفسه جيدا بأنه مجرد اداة مؤقتة سينتهي دوره حين تصدر الأوامر العليا بذلك. فهل حان الوقت، ام اننا امام استراحة محارب. فهل تستطيع طرابلس عندما تهدأ ان تحكي اسرارها وهي كثيرة المفاجآت بالأسماء والمواقع..!.