[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
لم يفاجأ المتابعون للشأن الإفريقي بالمصير الذي آل إليه الرئيس التشادي السابق حسين حبري بدخوله السجن خارج بلاده ، وذلك بموجب حكم مدى الحياة أصدرته ضده المحكمة الإفريقية الخاصة في داكار بالسنغال الاثنين الماضي بعد أن ادانته بدعوى ارتكاب جرائم اغتصاب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكمه لجمهورية تشاد شرق افريقيا 1982-1990 م .
ورغم ان المحكمة التي كونها الاتحاد الإفريقي، كبادرة أولى منه تحسب لصالح مايجب ان يحرص عليه الاتحاد الإفريقي في الحرص على ارساء العدالة التي ظلت مهددة بحالات عدم الاستقرار السياسي، وعدم الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية في الكثير من الدول الأعضاء فيه، إلا ان بعض المراقبين يرون في محاكمة الرئيس التشادي السابق بأنها اختصرت معاناة شعب بكامله في اغتصاب الرجل لامرأة واحدة أربع مرات!
لقد جاء ذلك الاختصار لمعاناة الشعب التشادي فيما قاله القاضي البوركيني (من بوركينا فاسو) جوستاف كام، رئيس المحكمة الإفريقية خلال النطق بالحكم على المدعى عليه حسين حبري الرئيس التشادي السابق: ان المحكمة اقتنعت بشهادة خديجة حسن زيدان التي أكدت خلال المحاكمة تعرضها للاغتصاب من قبل المدعى عليه حسين حبري، وانها تحدثت عن اتصالات جنسية أربع مرات بغير رضاها!
رغم ان انصاف التشادية خديجة زيدان يعتبر احقاقا للحق، كونه رد القليل من ما أخذه العنف والتسلط لتلك المرأة المستضعفة، الا ان استناد محاكمة شخصية في حجم رئيس دولة على مجرد قضية اغتصاب امرأة واحدة، يعتبر شدا للانتباه للآليات التي تقوم عليها المحكمة الإفريقية التابعة للاتحاد الإفريقي، خصوصا وانها الأولى من نوعها وحديثة العهد في التعامل مع قضايا الشعوب.
ورغم ان المحاكمة اتخذت وقتا طويلا تتضمن التعامل مع اكثر من اربعة آلاف ادعاء مباشر وغير مباشر والاستمتاع الى مائة شاهد ، الا ان اختصار كل ذلك في شهادة اغتصاب خديجة زيدان و(الاغتصابات الجنسية الأربعة) هو ما اعتبره المراقبون اختصارا لقضايا شعب في أربعة اغتصابات، وذلك في وقت تتهم فيه جماعات حقوق الإنسان الرئيس التشادي الأسبق بأنه المسؤول عن مقتل حوالي أربعين ألف شخص اثناء فترة حكمه، فضلا عن الكثير من تداعيات حربه مع ليبيا خلال معاصرته الفصول الأخيرة من الصراع الليبي التشادي على إقليم اوزو الذي بدأ قبل وصول حبري الى السلطة وانتهى خلال فترة حكمه بالمصالحة مع ليبيا في اكتوبر 1988م.
كما أن ظروف اعتقال الرجل الذي قضى اثنين وعشرين عاما لاجئا في داكار بالسنغال، فلم يتم القاء القبض عليه الا عام 2013 بعد ساعات قليلة من ابداء الرئيس الأميركي اوباما دعمه لمحاكمته، وذلك خلال زيارة اوباما الى السنغال في تلك الفترة. ان ذلك الموقف في حد ذاته يعتبر مؤشرا اقوى على ضعف استقلالية المحكمة التي كونها الاتحاد الإفريقي، ويبدو أن الاتحاد الإفريقي بمحكمته لم يكن قادراً على تنفيذ اجراءاته القضائية إلا بعد تأييد الرئيس الأميركي لاحدى عملياته كمحاكمة المدعى عليه حسين حبري!.
عليه، وكيفما كانت حيثيات محاكمة حسين حبري، نأمل ان تشكل المحكمة التابعة للاتحاد الإفريقي وقضيتها الأولى من نوعها، صمام أمان وضمان لصون العدالة في إفريقيا ورادعا كافيا للأنظمة الإفريقية قد يساعدها في العمل على تأسيس الحكم الرشيد في القارة الإفريقية ولو تجنبا لمرحلة مابعد انتهاء فترات الحكم في كافة الدول الإفريقية الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.