[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2015/09/sayed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]السيد عبد العليم[/author]
مقدمة:
منذ سنوات تعمل حكومة السلطنة جاهدة على تنويع مصادر الدخل القومي، في مسعى منها لتقليل الاعتماد الكبير على عائدات النفط التي تتقلب أسعاره بشكل لافت والتي تعتمد في تحديدها على عوامل خارجية بعيدة عن سيطرة الحكومة. ومن هذا المنطلق كان حرص الحكومة على استغلال تاريخها البحري العميق، حيث كان لها ريادة بحرية جابت خلالها سفنها انحاء العالم وكانت موانئها مشهورة ومعروفة لكل مرتادي حركة الملاحة البحرية، وتوظيف موقعها البحري الاستراتيجي بشكل كبير واستغلاله أفضل استغلال من خلال إقامة موانئ على أحدث مستوى ورفد الموانئ بالمناطق الصناعية وأحواض جافة لتصليح وصيانة السفن وايجاد مدن متكاملة تخدم وفي نفس الوقت تستفيد من الميناء الذي يستفيد من الموقع البحري الفريد.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل العمل على إقامة شبكة نقل جوي (انشاء مطارات في منطقة الميناء) وبري باقامة جسور وطرق بل وسكك حديدية لربط الموانئ بانحاء السلطنة وخارجها حتى تتحقق الاستفادة الكاملة من المكان. وكل ذلك يسهم في خلق فرص عمل وتوفير خدمات وعائدات تدخل في الميزانية العامة للدولة فتقلل من الاثار السلبية للاعتماد على النفط كمورد رئيسي للدخل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبالطبع فان مثل تلك المشروعات العملاقة تتطلب استثمارات هائلة. وعلى الرغم من تراجع العائدات المالية مؤخرا جراء الانخفاض الكبير في اسعار النفط الذي لا يزال موردا رئيسيا لخزينة الدولة، فان ذلك لم يمنع الحكومة من اتخاذ زمام المبادرة والانطلاق في تنفيذ مثل تلك المشروعات وعلى رأسها ميناء الدقم. فبالرغم مما تعرضت له السلطنة في الآونة الاخيرة من ضغوط على ايراداتها جراء الانخفاض الحاد في اسعار النفط العالمية، والدعوات الى ترشيد الانفاق، إلا أن السلطنة ـ بفضل الله عز وجل ـ لم توقف مشروعا كان قد انطلق ولم تنخفض لها راية على موقع بناء. وذلك لوجود الرؤية الحقيقية الواضحة التي تضع نصب أعينها مصلحة ليس الجيل الحالي فقط مصلحة بل الأجيال القادمة. فكان استمرار ضخ الاستثمارات وعدم التوقف من اجل انجاز تلك المشروعات التي كان يعتبرها البعض احلام صعبة المنال. لكن الواقع اثبت القدرة على تحقيق تلك الاحلام لتغدوا حقيقة وواقعا مشهودا.
أهمية موقع السلطنة:
حبا الله السلطنة بمقومات بحرية كثيرة ومن ذلك الموقع الجغرافي المميز المفتوح على بحر العرب والخليج العربي وبحر عمان وقرب السلطنة من خطوط الملاحة شرقا وغربا وكذلك وجود الموانئ الصناعية والتجارية الكبيرة التي لديها القدرة على الاستيعاب ومداولة البضائع على مستوى عالمي.
ومن بين المقومات القرب الجغرافي من أسواق عالمية كبيرة مثل الهند وشرق آسيا وأفريقيا، حيث يمكن الوصول بالسفينة إلى شرق آسيا في اقل من اسبوعين وإلى افريقيا خلال اسبوع واوروبا في غضون اسبوعين وأيضا وجود المطارات المهيأة على مقربة من الموانئ، علاوة على وجود المناطق الحرة قرب الموانئ وأيضا وجود شبكة طرق على مواصفات عالية تربط الموانئ والمناطق اللوجستية.
ومن ثم كان التفكير والدراسة والتخطيط والتنفيذ لعدد من المشروعات العملاقة التي تستثمر المكان والزمان وكان على رأسها مشروع ميناء الدقم الذي يقع بمحافظة الوسطى والذي يعد أحدث الموانئ الرئيسية في السلطنة دون الاقتصار على اقامة ميناء فقط بل منطقة اقتصادية خاصة كاملة متكاملة.
ميناء الدقم.. مشروع تنموي عصري عملاق:
يعد ميناء الدقم أحد المشروعات الكبرى التي ترفد الاقتصاد الوطني وتفتح المجال لاستقطاب الاستثمارات الضخمة الى السلطنة بما يساهم في تنويع مصادر الدخل. ويتميز ميناء الدقم بأهميته الاستراتيجية نظرا لقربه من مسار الخطوط الملاحية العالمية الأمر الذي يتوقع معه أن يستقطب جزءا مهما من حركة التجارة الإقليمية والدولية بالإضافة إلى دعم منظومة النقل البحري وتنشيط الحركة التجارية والسياحية بين الموانئ العمانية كونه يقع في محافظة الوسطى عند منتصف المسافة بين ميناء السلطان قابوس بمحافظة مسقط وميناء صلالة بمحافظة ظفار. كما يعتبر جزءا من خطة السلطنة لإنشاء مدينة متكاملة في ولاية الدقم وليكون مركزا لاستقطاب تجارة النقل البحري بالإضافة إلى خدمة المدينة الصناعية التي تم التخطيط لها لإمكانية احتوائها على مصفاة للنفط والبتروكيماويات والصناعات الكبرى والمتوسطة وخدمات إصلاح وصيانة السفن والقاطرات البحرية بالإضافة إلى الصناعات المرتبطة بالأسماك والمجمعات اللوجستية والمخازن الكبرى التي يتوقع لها ان تكون قاطرة الصناعة في السلطنة الأمر الذي سيمكّن من استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية وبالتالي توسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.
دراسة المشروع:
ركزت الدراسات على ولاية الدقم باعتبارها قطبا تنمويا لتطوير محافظة الوسطى، حيث أعدت وكالة التعاون الياباني (جايكا) دراسة أوصت فيها بإنشاء ميناء في ولاية الدقم للاستفادة من إمكانيات قطاعي الأسماك والمعادن. وتم اختيار ولاية الدقم نظرا لموقعها بقرب الممر العالمي للتجارة. وبالفعل قامت وزارة النقل والاتصالات بإدراج مشروع ميناء الدقم ضمن خطتها. وكانت الفكرة قد بدأت بميناء بسيط ثم رأت الحكومة أنه من المناسب زيادة السعة الاستيعابية للميناء وجعله ميناء استراتيجيا متعدد الأغراض. وبناء على ذلك زاد حجم الميناء ثلاثة أضعاف الميناء الأصلي وأصبح الميناء قادرا على احتضان مجموعة كبيرة من الأنشطة الصناعية. وهنا ظهر التخطيط مرة أخرى لتوجيه قدرات هذا الميناء الضخم وتمكينه من تحقيق هذه الأهداف بحيث يستقطب الصناعات الثقيلة ويكون مركزا للصناعات التحويلية.
وفي عام 2004 تم إعداد دراسة تتناول استخدامات الأراضي في مشروع تطوير ولاية الدقم وبناء على هذه الدراسة تم تحديد مرافق البنية الأساسية الضرورية للمشروع ووضع أسس واشتراطات التعمير في المنطقة وتحديد مساحة الميناء ومختلف المناطق الصناعية والتجارية والسكنية والسياحية. وشهدت هذه الدراسة تحديثا مستمرا يواكب تقدم العمل في المشروع. كما يتم ايضا إعداد دراسة أخرى تتناول تصميم التخطيط الحضري لكافة هذه المناطق الحضرية وتحديد خمس مناطق حضرية هي منطقة المطار والمنطقة الساحلية ومنطقة حديقة الصخور ومنطقة الخدمات الحكومية والمنطقة التجارية.
أهم المشروعات ومراحل العمل في ميناء الدقم:
يعد ميناء الدقم أحد أهم المحركات الأساسية للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. ويجري العمل في الميناء على مرحلتين: المرحلة الأولى هي الأعمال البحرية المتمثلة في إنشاء كاسري الأمواج وحفر حوض الميناء بعمق 18 مترا وقناة الدخول بعمق 19 مترا وأعمال الردميات وقد تم الانتهاء من تنفيذ هذه المرحلة عام 2012. وتم التشغيل المبكر للميناء عام 2013 باستغلال جزء من الرصيف التجاري لاستقبال السفن القادمة إلى محافظة الوسطى للشحن والتفريغ. وتم في الآونة الاخيرة تجهيز مساحة تقدر بحوالي 60 ألف متر مربع لاستقبال كافة أنواع الحاويات. واستطاع ميناء الحوض الجاف صيانة وإصلاح 300 سفينة من مختلف الأحجام خلال العام الفائت.
أما المرحلة الثانية المتعلقة بأعمال البنية الأساسية الأخرى فقد تم طرحها خلال الفترة الماضية، ومن بينها الحزمة الثانية المتعلقة بمشروع البنية الأساسية للرصيف التجاري الذي يتضمن رصف رصيف بطول 2.2 كم وبعرض يصل الى 350 مترا بحيث يكون مهيأ لمناولة الحاويات وبه مبان خدمية تخدم الرصيف التجاري وتصل مدة التنفيذ الى 30 شهرا. كما تم إسناد الحزمة الثالثة للعمل فيها في ديسمبر الماضي بمدة تنفيذ تصل الى 36 شهرا، بالاضافة الى فترة التجهيزات و12 شهرا لفترة الصيانة. وتتضمن هذه الحزمة إنشاء البوابات الرئيسية والمحطة الواحدة بالميناء ومنطقة الفحص التي تتكون من مبنى خاص بالجمارك ومبنى آخر لوزارة الزراعة والثروة السمكية، بالإضافة إلى مستشفى يخدم الميناء وقسم للحجر الطبي بمبنى المستشفى.
كما تم إسناد مناقصة البنية الأساسية للرصيف الحكومي (الحزمة الرابعة) بطول 980 مترا وبعرض يصل إلى 200 متر. وسيخصص الرصيف الحكومي للبحرية السلطانية العمانية وخفر السواحل وقوة السلطان الخاصة واليخوت السلطانية والعبارات السريعة. ويعتبر الرصيف الحكومي من أهم المرافق الأمنية بميناء الدقم وسيوفر الجاهزية لإدارة العمليات اللوجستية لهذه الجهات وتوفير الجانب الأمني للميناء والمنطقة بالكامل.
كما تتضمن أعمال الميناء أيضا إنشاء رصيف المواد السائلة والسائبة (الحزمة السابعة)، والتي تتضمن تنفيذ الجزء الاول من الرصيف بطول 2 كم وبعرض 350 مترا. ويبلغ طول كاسر الأمواج الذي سيقام عليه الرصيف 4.6 كم. وسيتم استخدامه لتصدير المنتجات النفطية وتصدير حقول الخزانات النفطية والفحم البترولي.
وتتضمن مشروعات ميناء الدقم أيضا الخدمات الاستشارية للتصميم والإشراف على تنفيذ الطريقين (1) و(5) بالميناء. وهما طريقان حيويان: فالطريق رقم (1) يعتبر الطريق الرئيسي للميناء ويتألف من 3 حارات لكل اتجاه بطول حوالي 6 كيلومترات ومساحة وسطية تسمح بالتوسعة المستقبلية، أما الطريق رقم (5) فيتألف من حارتين في كل اتجاه ويربط الميناء برصيف المواد السائلة والسائبة بطول 3.7 كم ومساحة وسطيه تسمح بالتوسعة المستقبلية.
وقد بلغ حجم الاستثمارات بميناء الدقم عند اكتمال باقي مراحل البنية الأساسية حوالي (1.7) مليار ريال عماني. بينما تخطت استثمارات القطاع الخاص بهذه المنطقة 500 مليون ريال ليتجاوز إجمالي حجم الاستثمارات 2.2 مليار ريال في العام الماضي. وهذا الرقم مرشح للزيادة خاصة مع قرب جاهزية العديد من المشاريع الحيوية ومنها مشروع الميناء والمنطقة السكنية والطرق الرئيسية مما يعزز من الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص بمختلف مؤسساته الكبيرة والمتوسطة والصغيرة خلال المرحلة القادمة.
وتسعى الحكومة من وراء خطة تطوير ميناء الدقم لأن يصبح مركزاً متكاملاً للخدمات اللوجستية متعدد الوسائط، يجذب المستثمرين المحليين والدوليين، خاصة وأن سمعة السلطنة على المستوى الإقليمي والدولي سياسياً واقتصادياً طيبة للغاية، وعلاقاتها ممتدة عبر مئات السنين بجيرانها من دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، وتتمتع بمصداقية اقتصادية والتزام كامل بالاتفاقيات الاستثمارية التي يتم إبرامها سواء مع الجهات الحكومية أو الخاصة.
وتعتبر الأعمال البحرية لميناء الدقم والرصيف التجاري بالميناء أبرز المشروعات التي تم إنجازها في مجال البنية الأساسية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وقد أدى إنجاز هذه المشروعات إلى تمكين الميناء من استقبال السفن المحملة بالمعدات لقطاع النفط والغاز والقطاعات الأخرى وساهم ذلك في تقليص الفترة الزمنية لوصول هذه المعدات. كما أن الحوض الجاف الذي تم افتتاحه رسميا في عام 2012 يشهد تحقيق العديد من النجاحات. وتم أيضا إنجاز عدد من الحزم لمطار الدقم وفي قطاع الطرق، وقد بادرت الحكومة أيضا في تنفيذ عدد من المشروعات في القطاع السياحي.
المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم:
تسعى المنطقة الاقتصادية بالدقم لإنجاز مجموعة كبيرة من المشاريع الخدمية واللوجستية والسياحية والصناعية والترفيهية والتي باكتمال الجزء الأكبر منها ستجعل من المنطقة واحدة من مناطق الجذب الاستثماري المحلي والأجنبي على مستوى المنطقة والعالم. حيث تقوم الحكومة بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية من طرق وموانئ وفنادق ومساكن ومراكز تجارية قطعت فيها الحكومة ممثلة بهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مراحل متقدمة.
92 مشروعا في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم:
تشير الإحصائيات الصادرة من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في نهاية العام الماضي أن عدد مشروعات البنية الأساسية بالمنطقة تصل الى نحو 92 مشروعا من بينها 41 مشروعا قد تم إنجازها فعليا، و37 مشروعا قيد التنفيذ، و14 مشروعا قيد تحديد نطاق العمل أو في مرحلة التناقص وإعداد المستندات وأخذ الموافقات النهائية.
وتبرز أهم المشروعات الجاري تنفيذها في إنشاء 150 وحدة سكنية للأهالي والمقر الرئيسي للهيئة ومشروعات تسوية الأراضي بالمنطقة الصناعية ومنطقة المعارض والمنطقة السياحية وازدواجية وتطوير الطريق الرئيسي لمدينة الدقم. كما تم إسناد عدد من المشروعات والمتمثلة في مشروع تنفيذ الرصيف الحكومي بميناء الدقم، وبناء مردم متكامل على مساحة 180 هكتارا لمختلف أنواع المخلفات حتى الصناعية منها حيث أسهمت هذه المشروعات في تحقيق العديد من الأهداف التي ساهمت في تنشيط الحركة التجارية والسياحية بالدقم كما وفرت العديد من فرص العمل للمواطنين.
وتقوم هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بتنفيذ عدد من مشروعات البنية الاساسية من بينها ميناء الدقم، والمطار، وميناء الصيد ومجمع الصناعات السمكية، ومشروعات الطرق، والسدود، وحماية المنطقة من المياه السطحية، ومشاريع المرافق الخدمية كمحطات الصرف الصحي ومحطات المياه والكهرباء والمشاريع المرتبطة بالمجتمع مثل إنشاء المراكز الترفيهية والحدائق والملاعب الرياضية وأعمال التشجير ومشروعات الإسكان الاجتماعي. كما تتضمن أيضا تسوية عدد من الأراضي في المناطق الصناعية والسياحية واللوجستية بحيث تكون جاهزة للاستثمار من قبل الشركات العالمية والقطاع الخاص المحلي.
مصفاة الدقم:
لعل من أهم المشروعات في المنطقة إنشاء مصفاة الدقم التي تعتبر قاطرة مشروعات الصناعات الثقيلة والبتروكيماوية. وقد أسندت الشركة مناقصة تمهيد موقع المصفاة حتى يتسنى لشركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية تشييد المصفاة في الوقت المحدد ضمن خطة عملها، والتي ستبلغ طاقتها الإنتاجية 230 ألف برميل يوميا وسوف تساهم في تنشيط حركة الإنشاءات بالمنطقة.
وقد انطلق بالفعل مشروع المصفاة من قبل شركة مصفاة الدقم والصناعات البترولية التي تأسست باستثمارات محلية وخليجية وتم تخصيص الأرض التي سيتم إنشاء المصفاة عليها وقامت شركة مصفاة الدقم خلال العام الماضي بإسناد مناقصة تسوية الأرض وباشرت الشركة التي رست عليها المناقصة وهي شركة جلفار للهندسة والمقاولات العمل في المشروع.
ولا تقتصر المشاريع التي سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة على قطاع الصناعات فقط وإنما تشمل أيضا القطاعات التجارية والسياحية والترفيهية والرياضية والخدمات اللوجستية بحيث تساهم هذه المشروعات في تحقيق تطلعات سكان مدينة الدقم الجديدة الذين من المتوقع أن يبلغ عددهم حوالي 67 ألف نسمة بحلول عام 2020.
تخطيط مدروس يواكب المتطلبات العصرية:
وضعت الحكومة خطة لتطوير المرحلة الأولى من المنطقة بمساحة 800 كيلومتر مربع والتي تنتهي في عام 2020، كما تم في عام 2013 إعداد المخطط الحضري للمنطقة السكنية وهي دراسة تخطيطية بحتة تتكلم عن استراتيجية تطوير المدينة السكنية الحديثة وكافة التفاصيل المتعلقة بالإدارة البيئية وإدارة مرافق البنية الأساسية واستخدامات الأراضي وشروط التعمير ووسائل النقل كما تناولت كافة أنماط الحياة العصرية المطلوبة للمدن الحديثة وهي دراسة مهمة راعت الجوانب البيئية مع الحفاظ على الخصائص الجيولوجية للمكان وجعل المدينة قادرة على النمو وغير مغلقة وتوفير متنفسات طبيعية فيها كالحدائق والمتنزهات والمناطق العازلة بين منطقة وأخرى وبين حي وآخر. والعمل على إعداد دراسات تخطيطية تستهدف تمكين الدقم من المنافسة محليا وإقليميا ودوليا. فقد توفرت للدقم الكثير من العوامل التي تجعلها مدينة عصرية قادرة على تلبية احتياجات سكانها والعديد من الدراسات التخطيطية التي بدأت منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
السوق المركزي:
طرحت هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في أغسطس الماضي مناقصة مشروع السوق المركزي الذي يعتبر أحد مكونات مدينة الدقم الحديثة وسيتم تطويره على نحو يلبي احتياجات المجتمع المحلي والمقيمين وذلك ضمن رؤية الهيئة لتطوير نمط العيش بالدقم. وسيتم تشييد السوق الجديد وفقاً للطراز الحديث مع توفير التكييف المركزي في مختلف أرجائه. ويحتوي السوق على العديد من المرافق والأقسام التي تفصل سوق اللحوم عن سوق الأسماك، وسوق الخضراوات والفواكه، والمحلات الأخرى. كما يتضمن السوق محلات مخصصة للسلع التقليدية بالإضافة إلى المحلات التجارية الأخرى والمطاعم والمكاتب الإدارية. وتبلغ مساحة الأرض المخصصة للسوق 68 ألف متر مربع. وتبلغ مساحة مباني المرحلة الأولى من السوق 8 آلاف متر مربع. ويأتي تنفيذ السوق ضمن جهود الهيئة لجعل مدينة الدقم الجديدة واحدة من أفضل المدن الملائمة للعيش وذلك من خلال الحرص على إحداث التوازن بين الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
حملات ترويجية ناجحة للمشروعات:
يولي المعنيون بهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم عملية الترويج والتسويق للمشروعات والفرص الاستثمارية في المنطقة اهمية كبرى. فقد عملت الهيئة على مدى الثلاث سنوات الماضية تحديدا بتسويق الفرص الاستثمارية المتوفرة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم من خلال الوفود التجارية أو المشاركة في المعارض المحلية والدولية، حيث اكتسبت المنطقة مع كل هذا الحراك على مستوى المشاركات المحلية والدولية اهتمام الجميع من حكومات ومستثمرين وبدأت الوفود التجارية تتوافد إلى المنطقة بشكل متواصل مما وضع المنطقة بكل إمكانياتها على الخارطة العالمية.
وقد حققت الحملات الترويجية نتائج تتمثل في تحفيز المستثمرين على الاستثمار في المنطقة، حيث ادت الى جذب العديد من المستثمرين لزيارة الدقم والاطلاع على الفرص الاستثمارية المتوفرة بالمنطقة والمشروعات التي يتم تنفيذها. وقد اسهمت هذه الزيارات في تنويع الاستثمارات في المنطقة. وتستمر الهيئة في خطتها لاستقطاب المستثمرين للاستثمار في العديد من القطاعات بما يؤدي إلى تحقيق أهداف السلطنة من إنشاء المنطقة والمتمثلة في تنويع مصادر الدخل الوطني وتوفير فرص العمل وتنمية محافظة الوسطى.
توقيع اتفاقيات حق انتفاع:
بعدما قررت الحكومة أن تقيم منطقة متكاملة في الدقم، تشمل ميناء ومطاراً وصناعات لوجستية وخدمات، تلقت خلال عام 2014 نحو 190 طلباً استثمارياً ووقعت 20 اتفاقية حق انتفاع وإيجار لأراض بالمنطقة، معظمها لمستثمرين محليين. بينما شهد العام الماضي توقيع عدد من اتفاقيات حق الانتفاع مع شركات القطاع الخاص من أبرزها الاتفاقية التي تم توقيعها مع شركة سيباسك عمان التي تعتزم إنشاء مصنع لها بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لإنتاج حامض السيباسك وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالي 24 مليون ريال عماني. كما وقعت الهيئة اتفاقية حق الانتفاع مع شركة شاطئ الدقم التي تعتزم تشييد منتجع شاطئ الدقم السياحي بتكلفة استثمارية تتجاوز 500 مليون دولار. كما يجري دراسة انشاء مصنع لتجميع السيارات بالدقم وقد تم بالفعل تخصيص الأرض للمشروع.
المدينة الصناعية الصينية ـ العمانية شهادة نجاح عالمية:
وقد تكللت عمليات التسويق والحملات الترويجية الناجحة لاقامة مشروعات عملاقة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بالاتفاق مع الجانب الصيني على اقامة المدينة الصناعية الصينية ـ العمانية في المنطقة بكلفة تصل الى 10 مليارات دولار، وتتضمن تنفيذ نحو 35 مشروعا من بينها مشروعات عملاقة كمصفاة النفط ومجمع الصناعات البتروكيماوية بالإضافة إلى الصناعات المتوسطة والخفيفة وفندق من فئة الـ5 نجوم. بما يمثل شهادة كبيرة على توافر كل عناصر جذب الاستثمارات العالمية في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تقلل فيها أغلب الدول استثماراتها. ليبرهن ذلك على توفر بيئة استثمارية تنافس عبر اقامة مثل هذا المشروع العملاق في الدقم. فضلا عن ذلك فان إنشاء مركز لتخزين النفط برأس مركز من شأنه تشجيع العديد من الدول والشركات الكبرى على تخزين نفطها بالدقم. وهو ما يعني اجتذاب العديد من الاستثمارات الأخرى التي تؤكد إمكانيات السلطنة بوصفا منطقة بيئة اعمال واعدة.
ولا يقتصر الترويج على المشروعات العملاقة والضخمة التي تستهدف الشركات والمؤسسات الكبرى المحلية والدولية فقط، بل ان هناك كثيرا من المشروعات والفرص المتوفرة لاصحاب المشروعات المتوسطة والصغرى. اي انها منطقة اقتصادية متكاملة لكل المستويات الاستثمارية التي تستهدف في الاساس الاستثمارات المحلية وتعطيها فرص كبيرة في نفس الوقت الذي تسعى فيه الى جذب الاستثمارات العالمية الضخمة. أي تنويع المشروعات بما يتناسب مع كل مستويات الاستثمار لتعود الفائدة في النهاية على المواطن العماني سواء من خلال توفر فرص الاستثمار المتنوعة امامه او توفر فرص العمل او نهضة وعمران المنطقة وامدادها بكل الخدمات والمرافق ليعود بالنفع عليه وعلى الاقتصاد العماني في النهاية لتحقق الحكومة من وراء ذلك التنوع الاقتصادي المنشود.