عمّان ـ العمانية:
يواصل التشكيلي الأردني حازم الزعبي، في معرضه "خزف وألوان" الذي احتضنه جاليري الأورفلي بعمّان، تقديم أعماله الخزفية مستلهما الرموز التراثية ومُبرزا الموتيفات المعبّرة عن الفن الإسلامي والمشرقي والعربي الذي شهدته المنطقة، من نحت البترا في الصخر على يد الأنباط، إلى الزخارف والنقوش والجداريات في القصور الأموية، مرورا بالإبداع المعماري في المدن التاريخية كجرش وعجلون والكرك.
يروي الزعبي عبر تشكيلاته من الطين اللزج قصصا وحكايا تنتمي لحضارات الأوّلين، من ساكني الريف والبادية الشامية، حيث أبراج التلال البرية، وفنون النواح والحدو والقصيد والنساء الحالمات بالنقاب، والزخارف الموشّاة بالحناء والوشم والخلخال والأقراط وجرار الماء، وهو يؤكد متحدثا عن أعماله المحملة بالرموز التراثية والدلالات والمعاني المعاصرة: "من طين الماء والتراب أفتح نافذة للحياة وطيور الغياب".
في جدارياته التي صَنَعت من تركيبات المربع فضاءَ التشكيلات البصرية، يزاوج الزعبي بين الطين كمادة، وبين التشخيص والحروف كمادة موازية، إلى جانب اشتغالاته المتنوعة في توزيعات الألوان (التزجيج) وتنويعاتها التي شكلت حيوية واضحة وغنية في العمل الواحد.
تؤشر أعمال الزعبي ـ الذي ينتمي إلى أسرة كانت تعمل في صناعة الجرار والخوابي والأواني، فأفاد من خبرة أسرته وزاد عليها من تجربته الخاصة ـ على طابع هندسي له جذوره، إذ يحفر الزخارف ذات الحدود الصارمة على الخزف بعناية فائقة، وبأسلوب تجريدي تتوالد منه تكاوين زخرفية وحروفية تبدو بلا نهاية.
وفي البعد الزخرفي الهندسي في أعماله، يعتمد الزعبي على المربع محاولا كسر استاتيكيته عبر تحريكه، إما عن طريق تفريغه، أو عن طريق حذفه لينتج إيقاعه الخاص في مجمل العمل الفني، وغالبا ما يكون المربع إطارا لا ضما للرموز التي تتشعب في داخله.
وإلى جانب اللوحات الخزفية والجدارايات، يقدم الزعبي أعماله المميزة من الأواني المشغولة بحس تجريدي، حيث التشكيلات الدقيقة داخل الصحون، والأباريق المشغولة بعناية، تدلل على الخبرة الطويلة في التعامل مع الطين وتحولاته الجمالية، والقدرة على ضبط معايير الأكاسير والزجاج ومدة الحرق لإنتاج ألوان معتقة تتناغم مع ألوان أخرى من الأزرق والبرتقالي ودرجات البني.
وبحسب الناقد التشكيلي مازن عصفور، فإن الزعبي يمنح الانتباه الخاص والاهتمام الكبير لجمالية الحركة ورشاقتها في تشكيلاته، فتارة نجده يعمد إلى إحداث تعدد في الاتجاهات في خطوطه، وتارة يفتت حركتها الساكنة باستخدام المفاجآت الفراغية النشطة والمتحركة لإكساب تشكيلاته دينامية ونبضا.
يُذكر أن الزعبي وُلد عام 1957، تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1982، انتُخب رئيسا لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين مرتين، أقام عددا من المعارض الشخصية والمشتركة في دول منها الكويت، وإسبانيا، والولايات المتحدة، وفرنسا، وتونس، وسوريا، ومصر، ولبنان، ودولة الإمارات، واليابان، وإيطاليا. وحاز عدداً من الجوائز، منها: جائزة اليونسكو للإبداع الفني (1994)، وجائزة الدولة التقديرية من الأردن (2004).